ديما شريفبعد سنوات من الملاحقة وإعلان مقتله أكثر من أربع مرات في السابق، استطاع الجيش الأميركي قتل أحد أبرز مسؤولي تنظيم «القاعدة»، مصطفى أبو اليزيد. ورغم إعلان التنظيم مقتل الرجل الثالث فيه، إلا أنّ الجيش الأميركي لم يبدُ متأكداً مما حصل. وقال مسؤول أميركي رفيع المستوى، طلب عدم كشف هويته: «لدينا أسباب كافية للاعتقاد أنّ الأمر صحيح، وأنّه قتل أخيراً في المناطق القبلية في باكستان»، في الوقت الذي قالت فيه وسائل إعلام أميركية إنّه قتل بصاروخ أطلقته طائرة أميركية من دون طيار في المناطق القبلية شمال غرب باكستان.
أبو اليزيد، الذي يعرف أيضاً باسم الشيخ سعيد المصري وأبو شيماء، كان ملاحقاً من الأميركيين منذ سنوات، وهو من الذين شملهم قانون تجميد الأموال عقب أحداث 11 أيلول، لمسؤوليته في تمويل هذه الهجمات. وكان أبو اليزيد المسؤول المالي في «القاعدة»، ومنذ 2007 تولّى مسؤوليّة التنظيم في أفغانستان، التي هاجر إليها في نهاية الثمانينيات ليؤسس مع أسامة بن لادن التنظيم فيها.
كان أبو اليزيد منتمياً إلى مجموعة طلابية إسلامية منذ دراسته التجارة في القاهرة في السبعينيات، وبقي على اتصال بالمجموعة بعد عمله في دائرة الضرائب الحكومية. بعد اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات في 1981، اعتقل مع آلاف الإسلاميين وحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات. في السجن، تعرف إلى أيمن الظواهري وتوطدت علاقته به. في 1987، توجه إلى السعودية لأداء العمرة وبقي هناك بعض الوقت يعمل في تدريس القرآن في أحد المساجد. كانت المملكة محطة قصيرة توجه بعدها إلى باكستان ومنها إلى أفغانستان لينضم إلى المجاهدين العرب ويؤسس مع بن لادن «القاعدة». استطاع أبو اليزيد بسرعة حيازة ثقة بن لادن، الذي عهد إليه إدارة شركاته، ومنها «وادي العقيق» في السودان التي انتقل إليها زعيم «القاعدة»، وسلمه المسؤولية المالية للتنظيم ومهمة إيجاد تمويل لعملياته المختلفة. في منتصف التسعينيات، عاد أبو اليزيد مع بن لادن إلى أفغانستان، تاركاً السودان التي أصبح وجوده فيه خطراً، وخصوصاً بعد ما تردد عن مسؤوليته عن محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك في إثيوبيا. منذ تلك الفترة، أصبح أبو اليزيد من أهم الأعضاء في مجلس شورى التنظيم والمسؤول الرئيسي عن التمويل فيه.
في 2001، سافر أبو اليزيد إلى الإمارات وسحب أموالاً من أحد المصارف أعطاها لاحقاً لمحمد عطا لتنفيذ هجوم 11 أيلول على برج التجارة العالمي. ويقال إنّ عطا أعاد لأبو اليزيد مبلغ ألف دولار زاد على حاجته لتنفيذ المهمة. ويتردد أنّ المسؤول المالي لم يكن موافقاً على القيام بهذا الهجوم، وكان من أشد المعترضين عليه مع زعيم طالبان الملا عمر. كان يرى أنّ تنفيذ مثل هذه الهجمات نهاية لـ«القاعدة»، على اعتبار أن واشنطن لن تسكت أبداً عن ضرب أراضيها.
في 2007، أعلن أبو اليزيد عن مسؤولية تنظيمه عن اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بنازير بوتو، مشيراً إلى أنّ التنظيم «ضرب الغرب في أعزّ ما يملك في المنطقة». ومن وقتها، بدأت القوات الباكستانية تشن غارات على أماكن يعتقد بوجوده فيها للتخلص منه، وأعلن أكثر من مرة قتله ليعود ويظهر في أشرطة مصورة ينفي فيها مقتله.
يقول عارفو أبو اليزيد إنّه يختلف عن باقي المجاهدين، فهو هادئ الطبع كثيراً وتربطه صداقات بالقوى الإسلامية والجماعات الجهادية، ما جعله صلة وصل بين القاعدة وهذه التنظيمات في الدول العربية جميعاً.