الاستخبارات الغربية تقوم بعمليّات «تخريب خفيّة» في البرنامج النووي الإيراني!واشنطن ــ محمد سعيد
في الوقت الذي يُتوقع فيه أن يشدد وزراء دول الاتحاد الأوروبي، في اجتماعهم بعد غد الاثنين، العقوبات المفروضة على إيران، إلى حد المنع الكلي للاستثمارات الأوروبية في هذا البلد، يرى محللون وخبراء في الولايات المتحدة وأوروبا، أن أهمية العقوبات المرتقبة، تكمن في أنها أشد بكثير من قرار عقوبات مجلس الأمن الذي أقر في 10 حزيران الماضي، والذي لم يتطرق إلى قطاعي النفط والغاز في إيران بسبب معارضة روسيا والصين.
ويرى خبراء أن العقوبات الأوروبية في حال إقرارها إلى جانب العقوبات الأميركية الأحادية الجانب، ستمثّل أقوى حزمة عقوبات فرضت على إيران بسبب برنامجها النووي، ولا سيما أنها تشمل إجراءات جديدة تحاصر إيران اقتصادياً وتجعل عملها في الاقتصاد العالمي مسألة معقّدة جداً، ويؤثر فعلياً على قدرتها على الحركة.
وكانت رئيسة لجنة البورصة والأسهم الأميركية، ماري شابيرو، أبلغت اللجنة المالية في مجلس النواب الأميركي يوم 20 تموز الحالي، أنها تعمل على صياغة إجراءات تسهّل على الشركات التخلي عن حصتها في الشركات التي تتعامل تجارياً مع إيران من دون مقاضاتها، مشيرة إلى إجراءات عقابية يمكن اتخاذها بحق الشركات التي تنتهك قانون العقوبات على الجمهورية الإسلامية.
وتشمل العقوبات الأوروبية 41 شخصاً ونحو 75 مؤسسة ومصرفاً وشركة، بعضها يتبع مباشرة للحرس الثوري الإيراني، والآخر على علاقة عمل به.
وتتضمن مسودة العقوبات، حظر بيع أي معدّات تدخل في صناعة الصواريخ أو التكنولوجيا النووية، وتتضمن كذلك حظر بيع أو نقل تكنولوجيا أو معدات التنقيب واستخراج الغاز أو النفط في إيران، وتحظر على الشركات الأوروبية تمويل أو المساعدة في تمويل استثمارات النفط أو الغاز الإيراني.
وتتضمن المسودة أيضاً بنداً يشير إلى إجراء مراقبة أوروبية لصيقة للمصارف الإيرانية التي تعمل على أراضيها. وتوضح مسودة العقوبات أن أي تحويل مالي بمبلغ يفوق 35 ألف يورو، أي نحو 45 ألف دولار، يجب أن يحصل على موافقة رسمية أولاً من الحكومة الأوروبية.
متكي يؤكد أن رد بلاده على مجموعة فيينا جاهز وسيقدّم لها قريباً
كذلك، يتضمن مشروع قرار العقوبات منع المصارف الإيرانية من فتح أي فروع جديدة لها في دول الاتحاد الأوروبي، ويحظر على الشركات الأوروبية تزويد الشركات الإيرانية أو أي شركات تعمل مع شركات إيرانية بخدمات تأمين داخل أوروبا.
وفي طهران (يو بي آي)، أعلن وزير الخارجية الإيراني، منوشهر متكي، أن رد بلاده على مجموعة فيينا (أميركا وروسيا وفرنسا والوكالة الدولية للطاقة الذرية) بشأن ملفها النووي جاهز وسيقدّم لهم قريباً.
وقال متكي إن لقاءه مع منسقة السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، خلال المؤتمر الدولي في كابول هذا الأسبوع، تم بناءً على طلب منها.
في غضون ذلك، أفادت صحيفة «فايننشال تايمز» أمس، بأن برنامج إيران النووي عانى سلسلة من النكسات الفنية خلال الاثني عشر شهراً الماضية، ما أثار اقتراحات بأنه تعرض للتخريب من وكالات الاستخبارات الغربية لعرقلة طموحات طهران في بناء سلاح ذري.
وقالت الصحيفة: «هناك جدل حالياً في ما إذا كان البرنامج النووي الإيراني قُوِّض من طريق التخريب أو بفعل العقوبات أو عدم كفاءة علماء النظام في طهران، بعدما تبين أن تلك النكسات أثّرت على قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم». وأشارت إلى أن «إيران، التي أجرت خفوضات كبيرة في عدد أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم في مفاعل ناتنز العام الماضي، تواجه أيضاً صعوبات على جبهات أخرى».
وأضافت الصحيفة أن محللين أمنيين يرون في ذلك دليلاً على عمليات تخريب خفية تقوم بها وكالات الاستخبارات الغربية، ويعتقدون أن هذه الأجهزة تعمل منذ مدة على تخريب البرنامج النووي الإيراني.
وأكد أكاديمي طلب عدم الكشف عن هويته، للصحيفة «أن هناك عملية استخبارية قائمة لإضعاف هذا البرنامج وتأخيره، مع أنها ليست مضمونة، لكن عدداً كبيراً من أجهزة الطرد المركزي الإيراني تحطمت واستُبدل نصفها تقريباً في الآونة الأخيرة».
ونسبت الصحيفة إلى رئيس معهد العلوم والأمن الدولي، ديفيد أولبرايت، قوله «إن بريطانيا والولايات المتحدة وإسرائيل تعمل على دفع شركات غربية لمساعدة إيران على وضع معدات وهمية في برنامجها النووي، لكونها عرضة لهذا النوع من التخريب بسبب حاجتها إلى استيراد معدات من الخارج، وغالباً من طريق وسطاء مشبوهين يساعدونها على تحدي العقوبات الدولية».
ونقلت عن الخبير في مجال البرنامج النووي الإيراني في مركز «وودرو ويلسون» في واشنطن، مايكل أولدر، أن وكالات الاستخبارات الغربية «تعمل بنشاط على استغلال اعتماد إيران على الواردات، وتتبع أنماط شرائها للمعدات التقنية التي تحتاج إليها لتزرع فيها أجهزة وهمية لتخريب برنامجها النووي».