برلين ــ الأخبار يشهد قطاع من المجتمع المدني الألماني، وخصوصاً الوسط الإسلامي واليساري، حالة من الذهول والاستنكار لحظر الحكومة الألمانية نشاط منظمة المساعدات الإنسانية الدولية «إي إتش إتش» على أراضيها ومصادرة ممتلكاتها، على خلفية اتهامها بـ«دعم حركة حماس».
وتتعرض منظمة «إي إتش إتش» الخيرية التركية، التي تعدّ من الوسط الإسلامي التركي وتأسست عام 1998، منذ حادثة أسطول الحرية، لحملة إعلامية شرسة تهدف إلى نزع الطابع الإنساني عنها وعن أسطول الحرية، على الرغم من أنها لا ترتبط مباشرة بالمنظمة العاملة في تركيا.
واتهمتها وسائل الإعلام الناطقة بالألمانية بدعم الإرهاب وبارتباطات مع منظمات إسلامية إرهابية في فلسطين ومنطقة الشيشان.
وعدّد وزير الداخلية الألماني، توماس دي مايتسيره، نوعية الدعم الذي قدّمته هذه المنظمة إلى حركة «حماس» في غزة، مشيراً إلى أن الأموال التي جمعتها المنظمة «تذهب إلى مرافق اجتماعية قريبة من حماس، ما يسهم في زيادة نفوذها»، ومن ناحية أخرى «تسهم هذه الأموال في تخفيف العبء عن ميزانية حماس التي ستتوافر لديها أموال أكثر للأعمال الإرهابية».
وعلى هذا الأساس، يكون عمل المنظمة، وفقاً لمايتسيره دفعة للإرهاب وخرقاً للمادة 9 فقرة 2 من القانون الأساسي الألماني المتعلقة بفكر التفاهم بين الشعوب.
وأثارت تصريحات الوزير الألماني موجة من الاستهجان في الأوساط التضامنية، ولدى المنظمات الحقوقية التي رأت هذه الخطوة تسييساً لمعايير المساعدات الإنسانية للمناطق المنكوبة ومشاركة ألمانية مباشرة في الحصار المفروض على غزة.
وهاجم حزب اليسار الألماني قرار المنع على لسان المتحدث باسمه للشؤون الخارجية، وولفغانغ غيركه، الذي رأى في تصريح لصحيفة «يونغه فيلت» أنه «حسب هذا المنطق، فإن كل غذاء أو دواء يصل إلى غزة سيخفف العبء عن حماس ويوفر لها المال لشراء السلاح، ما يعني أنه يجب ترك الأهالي للموت وللجوع حتى لا تُدعم حماس».
بدوره، سخر رئيس المنظمة، مصطفى يولدز، الذي دهمت الشرطة منزله في 12 تموز الجاري وصادرت حاسوبه وهاتفه المحمول وملفّات متعلقة بعمل المنظمة، من منطق وزير الداخلية الذي «يمكن على أساسه منع منظمات الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي من العمل عقاباً على مساعداتها للسكّان المتضررين في غزة».
الخلفية السياسية لهذا الحظر تظهر في تصريح وزير الداخلية الألماني، ولا سيما مع اعتباره أن «المجموعات التي تناهض، انطلاقاً من الأراضي الألمانية، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حق إسرائيل في الوجود، تفقد حقها في تكوين جمعية».
هذا التصريح أثار قلقاً لدى عدة منظمات تضامنية رأت فيه خرقاً لقواعد الديموقراطية والقانون الألماني، ولا سيما أن وزير الداخلية يحاسِب على الأفكار والنيّات وبناءً على قدسية «حق إسرائيل في الوجود»، ما قد يمثّل فاتحة لملاحقات قانونية ضد كل القوى السياسية في ألمانيا التي ترفض الاعتراف بإسرائيل أو تتضامن مع الموقف الفلسطيني الرافض لهذا الاعتراف.
وفيما تستعد «إي إتش إتش»، ومعها جزء من المجتمع المدني الألماني، لمواجهة قرار الحظر في المحاكم الألمانية دفاعاً عن طابعها الإنساني، تتوجّس المجموعات المناهضة للصهيونية في ألمانيا من الملاحقة، في معركة حقوقية ذات طابع سياسي، قد لا تجد فيها سنداً بين النخب السياسية الألمانية.