أرنست خوريسمّى الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في مطلع تموز الجاري، فرانسيس ريتشارديوني (59 عاماً) لمنصب السفير في أنقرة، خلفاً لجايمس جيفري الذي نُقل بدوره إلى العراق خلفاً لكريستوفر هيل الذي سيُحال على التقاعد. ومنذ ذلك التاريخ، بدأ المحافظون الجدد الأميركيون بتعبئة ما أمكنهم من أعضاء الكونغرس، لمحاولة تأليف غالبية تحول دون نجاح اعتماد ريتشارديوني في أنقرة، بما أنّ الاعتماد لا يتم إلا بعد موافقة المشرعين الأميركيين. وفي اليومين الماضيين، كثرت التقارير الصحافية الأميركية بشأن هذا الموضوع، وخصوصاً في «فورين بوليسي» و«ويكلي ستاندارد»، وهو ما دفع صحيفتي «ملييت» و«حرييت» التركيتين إلى نقل مضمون بعض هذه التقارير.
وكتب جوش روغين في «فورين بوليسي»، في التاسع من تموز الجاري، تقريراً طويلاً عن هذا الموضوع، مبرراً حملة الشيوخ والنواب الأميركيين المعارضين لتعيين ريتشارديوني، بأنه «ضعيف» و«ناعم جداً» في موضوع حقوق الإنسان، ولأنّ الولايات المتحدة بحاجة الى وجه «أقوى» كي يمثل مصالحها في دولة مهمة كتركيا. ونقل روغين عن نائبة رئيس مركز الدراسات المعروف بنزعته اليمينية المحافظةthe american enterprise institute، دانييلا بليتكا، قولها إنّ «اليوم ليس مناسباً لنا لتعيين دبلوماسي يعطي الأولوية لمصالح الساسة المحليين في أنقرة على حساب المصالح الأميركية، وخصوصاً عندما تكون الأوضاع الدبلوماسية حسّاسة للغاية»، في إشارة إلى العلاقات الشائكة والملتبسة أحياناً بين تركيا من جهة، والغرب عموماً، وإسرائيل والولايات المتحدة تحديداً.
ولدى معارضي تعيين ريتشارديوني، الذي يتكلم اللغة التركية بطلاقة، سفيراً في تركيا، مجموعة من الحجج، أبرزها تاريخه

يتّهم المحافظون الجدد فرانسيس ريتشارديوني بأنه «ناعم أكثر من اللازم»
الدبلوماسي الطويل الذي بدأ في عام 1978، وسجلّه الحافل بالتعاطي الناعم والهادئ مع حكام العواصم التي سبق له أن عمل فيها. ويذكّر «الصقر» الأميركي الشهير، العضو السابق في مجلس الأمن القومي إليوت أبرامز، الذي يقود الحملة ضد مرشح أوباما، أنّ ريتشارديوني «فشل في حماية المصالح الأميركية عندما كان سفيراً في القاهرة» بين 2005 و2008، «حتى إنّ الإخوان المسلمين فازوا في الانتخابات التشريعية في عهده، ولم يتمكن من السيطرة على الأوضاع رغم الضغط الكبير الذي مارسه عليه في حينها الرئيس جورج بوش».
وفي السياق، يلفت أبرامز إلى أنّ ريتشارديوني «دعم الانتقادات التي وجّهها وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط ضدّ قانوني الحرب على الإرهاب وقانون الوطنية خلال جلسة أجرتها وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في 2005 مع الصحافيين في القاهرة».
في المقابل، يدافع كثيرون عن ريتشارديوني، بما أنه معروف بتمثيل دولته في الأماكن الصعبة في العالم، في إشارة إلى أنه سبق له أن عمل دبلوماسياً أو سفيراً في كل من تركيا وأفغانستان والعراق ومصر والأردن والفيليبين وبالاو، إضافة إلى تولّيه منصب مدير التحالف ضد الإرهاب في وزارة الخارجية بين 2001 و2002، فضلاً عن خبرته التي كوّنها كرئيس للجنة المراقبين المدنيين في صحراء سيناء بين 1989 و1991. تاريخ «دبلوماسي» طعّمه ريتشارديوني بنزعة حربية عندما كان ممثلاً خاصاً لوزيرة الخارجية مادلين أولبرايت لـ«مشروع تحوّل العراق» بين 1999 و2001، وهو كان الاسم الحركي لحملة الإعداد للحرب.