باريس ـ بسّام الطيارةخاص بالموقع - باتت الحكومة الفرنسية مثل باخرة تتلاعب بها رياح الفضائح فوق بحر هائج من الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية، بينما شعبية قبطانها الرئيس نيكولا ساركوزي في الحضيض، ووسائط الإعلام، مهما كان توجهها، تتحدث عن أزمة ثقة بين المواطن والطاقم السياسي.
في خضم هذه العاصفة قرر ساركوزي التخلص من عبئين لعلّ الحكومة تستطيع أن تتجاوز عقبة تمرير عدد من القوانين قبل تغيير وزاري منتظر في أيلول.
وقد أُعلن يوم الأحد الماضي، في بداية عطلة الصيف الكبرى، قبول استقالة كل من سكرتير الدولة لشؤون تنمية منطقة باريس الكبرى، كريستيان بلان، وسكرتير الدولة لشؤون التعاون والفرنكوفونية، آلان جوايانديه. وفيما تحدث البعض عن استقالة لإرضاء ساركوزي والدفاع عن الحكومة، بناءً على طلب رئيس الحكومة فرانسوا فيون، قال آخرون إنها «إقالة مموّهة» للهروب إلى الأمام لأن «الشعب يطلب إجراءات أكثر صرامة» بعدما طفح كيل الفضائح.
واتهم كريستيان بلان، الذي سبق له أن عمل مستشاراً لدى الحكومة اللبنانية ما بين ١٩٩٧ و١٩٩٨ لتعويم شركة «ميدل إيست» للطيران، بأنه اشترى خلال 10 أشهر كمية من السيجار الكوبي مقابل ١٢ ألف يورو دفع ثمنها من المال العام. أما جوايانديه، فقد تعرض لانتقادات بسبب رخصة بناء غير قانونية لتوسيع منزله الريفي على ساحل الريفييرا (جنوب)، وأثار موجة استنكار لأنه استأجر طائرة خاصة بـ١١٧ ألف يورو للسفر الى المارتينيك في الأنتيل الفرنسي لحضور مؤتمر تقديم مساعدات إلى هايتي.
رغم أن الوزيرين دافعا عن نفسيهما وقالا إن الاتهامات سيقت ضدّهما «من دون أدلة»، فإن الجميع يدركون أن إقالتهما جاءت من جهة لاستيعاب الانتقادات المتراكمة على أداء الحكومة، والاتهامات الموجهة لعهد ساركوزي بأنه يشجع «الفساد والمحاباة»، ولكنها من جهة ثانية تسعى لامتصاص فضيحة إيرك وورث، وزير العمل، الذي يشكل قاعدة الإصلاحات الجديدة التي يريد ساركوزي إنهاءها قبل تغيير الحكومة والالتفات إلى الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتدور اتهامات وورث حول «تضارب مصالح» بسبب عمل زوجته، فلورانس وورث، في صندوق تثمير ثروة ليليان بيتنكور، وريثة شركة «لوريال» لمستحضرات التجميل، وتوظيفها، عندما كان يشغل وزارة الخزانة، التي تدير مصلحة الضرائب، وكان مسؤولاً عن ادارة ملفها الضريبي، بعدما بدأت التحقيقات عن احتمال تهربها من دفع الضرائب.
وكشفت الصحف أن وورث قلّد مسؤول صندوق ثروة بيتانكور وسام الشرف بعد أيام من توظيف زوجته التي، حسب أكثر من مصرفي سويسري، كانت دائمة الحضور في جنيف حيث تدور الشبهات حول وجود حسابين سريين للثرية الفرنسية. وقد قرر القضاء أمس فتح تحقيق في «ظروف حصول امرأة الوزير على مركزها»، ما يمكن أن يطال الوزير نفسه.
كل هذا يشير الى أن «التضحية بوزيرين» ربما ليست كافية للخروج من العاصفة. قوى اليسار، ومعها الخضر، تطالب بتغيير حكومي اليوم قبل الغد، بينما يذهب البعض إلى طلب «حل المجلس وإجراء انتخابات مسبقة». وفي الوقت نفسه، يبدو القلق مهيمناً على فريق اليمين، وخصوصاً أن وورث هو «أمين صندوق الحزب الحاكم» تجمع الأكثرية الشعبية، وبهذه الصفة كان يتلقى التبرعات، وبالتالي يتخوف مسؤولو اليمين من أن تنتقل عدوى الشبهات من إيريك وورث إلى الحزب.
والتطورات المتسارعة تشير إلى إمكان أن يلحق وورث بزميليه ويستقيل أو أن يخضع ساركوزي للضغوط ويتم تغيير حكومي شامل.