هل يتحوّل البرنامج النووي الإسرائيلي إلى مادة خلافية بين الولايات المتحدة وإسرائيل تضاف إلى سلسلة الأزمات التي عصفت بعلاقات البلدين في الآونة الأخيرة؟
واشنطن ــ محمد سعيد
يتوقع خبراء ومحللون أميركيون أن يؤدي البيان، الذي صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية في أيار الماضي وشدّد على إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، إلى إثارة توتر وخلاف جديد في الاجتماع المقرر غداً بين رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي، باراك أوباما، في البيت الأبيض.
وكان مؤتمر المراجعة، الذي شارك فيه ممثلون لـ189 دولة من بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، بمن فيها الولايات المتحدة وبقية الدول الأعضاء في النادي النووي، قد أصد وثيقة من أربعين صفحة تدعو إلى عالم من دون أسلحة نووية، بما فيها منطقة «الشرق الأوسط.» ورضخت الولايات المتحدة للمرة الأولى في المؤتمر لمطالب الدول العربية بضرورة توقيع إسرائيل معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وهو الأمر الذي أدى إلى تركيز الأضواء على برنامج إسرائيل للتسلح النووي غير المعلن رسمياً في إطار سياسة «الغموض النووي» التي تنتهجها إسرائيل.
وأعربت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مخاوف من أن يؤدي هذا التباين في الرأي بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن مسألة حظر الانتشار النووي إلى إثارة خلاف خلال اجتماع نتنياهو وأوباما، الذي ينظر اليه على أنه فرصة لإسرائيل والولايات المتحدة لطيّ صفحة وفتح أخرى جديدة بعد فترة شابها القلق.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخلافات زادت بين الولايات المتحدة وإسرائيل عندما أعلنت الحكومة الإسرائيلية خططها لبناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية أثناء زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن في آذار الماضي.
ولفتت الصحيفة إلى أن الأضواء تركزت على أسلحة إسرائيل النووية غير المعلن عنها تاريخياً، عندما رضخت الولايات المتحدة فى اجتماع مراجعة معاهدة حظر الانتشار النووي لمطالب الدول العربية بأن تحث الوثيقة الختامية إسرائيل على توقيع المعاهدة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي قوله «إن إسرائيل كانت تعتقد أن لديها طمأنات من حكومة أوباما إلى أنها سترفض أي مساع لتضمين مثل هذه الإشارة، وأنها ترى في إذعان الإدارة الأميركية للضغوط العربية إشارة جديدة على عدم صدقية من جانب أهم حليف لها».
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، قد أثار هذه المسألة فى اجتماعات مع كبار المسؤولين الأميركيين خلال زيارة قام بها لواشنطن في النصف الثاني من شهر حزيران الماضي.
وعلى الرغم من ظهور بعض بوادر التحسن في العلاقة بين تل أبيب وواشنطن بعد موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي على تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة بعد الاعتداء الإسرائيلي الدامي على سفن أسطول الحرية، إلا أن المحللين يرون أن المسألة النووية ترمز إلى سبب بقاء إسرائيل غير مطمئنة لنيات إدارة أوباما.
وبالإضافة إلى تحديد إسرائيل في البيان الختامي للأمم المتحدة، دعا الاجتماع إلى عقد مؤتمر إقليمي في عام 2012 لوضع أسس لمنطقة خالية من الأسلحة النووية يتوقع أن توجه فيه انتقادات لإسرائيل.
وكانت إدارة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش قد رفضت في مؤتمر المراجعة الذي عقد في عام 2005، تضمين أي إشارة إلى إسرائيل، وكان ذلك من بين أسباب كثيرة جعلت المؤتمر ينتهي بدون إصدار أي بيان.
ونقلت الصحيفة عن مصدر وصفته بالمطلع قوله إن إسرائيل كانت تعتقد أن إدارة أوباما ستدافع بدورها عنها، وقد استشار مسؤولون أميركيون الطرف الإسرائيلي بشأن نصّ وجده الجانبان مقبولاً، إلا أن ذلك أدى إلى تعميق الدهشة الإسرائيلية في النهاية. وقال المسؤولون الأميركيون إنهم فاوضوا مصر لأشهر عدة للحؤول دون ذكر إسرائيل في البيان.
وكان مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي، جيمس جونز، قد أصدر بياناً بعد الاجتماع أسف فيه لذكر إسرائيل، في مسعى من الولايات المتحدة لإبعاد نفسها عن القرار.
وقال مسؤولون أميركيون إن إدارة أوباما واجهت خياراً صعباً لأن رفض التنازل أمام الدول العربية كان سيعطل اجتماع مراجعة المعاهدة، في وقت تعلّق فيه الإدارة الأميركية الحالية أهمية كبرى على نزع الأسلحة النووية، وكان سيعقد مساعي الولايات المتحدة لبناء جسور مع العالم العربي.