طهران | حراك دبلوماسي بعيد عن الأضواء، يجري العمل عليه على خط التواصل بين إيران ودول مجلس التعاون الخليجي. تشير المعلومات إلى أن وزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، كان أول المبادرين إلى إطلاق هذه الدعوة التي تلقفها، سريعاً، أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني ليُصار إلى إطلاع الجانب الإيراني على المبادرة، التي رحّب بها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، معتبراً أن بلاده تسعى، دائماً، إلى فتح أبواب التواصل مع جيرانها الخليجيين.
مصادر دبلوماسية أوضحت أن التحرك الهادف إلى التواصل مع إيران، يصطدم برفض المملكة العربية السعودية، حيث يحاول عرابا المبادرة، في الدوحة ومسقط، تحريك عجلة التواصل لعقد اجتماع لممثلين عن إيران والدول الخليجية، لما سمي إيرانياً «G7» أو مجموعة الدول السبع.
تحتاج الفكرة الموجودة إلى كثير من التنسيق، من أجل معرفة مستوى التمثيل، في المرحلة الأولى، ووضع خطة آليات عمل لطاولة الحوار، فيما لم يحدّد المكان والزمان، إلى الآن، إلا أن الحديث يدور عن إمكانية عقد هكذا اجتماع، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، بعدما ظهرت عقدة مكان انعقاده.

إمكانية عقد اجتماع بين ممثلين عن الدول على هامش الجمعية العامة في نيويورك
طهران تمنّت أن يكون أي لقاء محتمل على أراضي دولة إقليمية، من دون تحديدها، وأرسلت مؤشرات تظهر جاهزيتها للحضور في أي عاصمة إقليمية تفتح أبوابها للقاء، حتى لو كانت خليجية، في إشارة إلى سلطنة عمان. يأتي ذلك بينما توحي بعض المؤشرات إلى إمكانية حدوث الاجتماع، في حال تمّ الاتفاق عليه، في نيويورك، الأمر الذي يعيد إلى الذاكرة اجتماع الجمهورية الإسلامية بالسداسية الدولية، على مستوى وزراء الخارجية، والذي أسس لمرحلة الاتفاق النووي.
قد تكون أروقة الأمم المتحدة مكاناً محايداً وغير مستفز لأحد، تنطلق منه عجلة الحوار بين دول المنطقة لمواجهة المخاطر الراهنة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب. مصادر دبلومسية رفيعة المستوى في وزارة الخارجية الإيرانية، أشارت إلى أن «الحديث عن تنسيق مشترك معنا لمواجهة خطر الإرهاب والتكفير كان مستبعداً، في السنوات الماضية، ولكن اليوم أصبح الخطر الإرهابي والتكفيري يهدّد أمن المنطقة ودولها، ولذا تبرز الحاجة إلى التنسيق والحوار في هذا الإطار».
رمت إيران كرة الحوار في الملعب الخليجي، بوجود انقسام في شبه الجزيرة العربية بشأن الدور المستقبلي للشراكة الإيرانية في إدارة أزمات المنطقة، ولكن على الجهة المقابلة، صمّت أصوات المدافع في اليمن آذان المملكة العربية السعودية، فيما دخلت الكويت، حديثاً، على خط الاتهام لإيران بزعزعة أمنها واستقرارها، أما بقية الإمارات الخليجية فقد خفّفت من حدة هجومها على إيران، بفعل التوصيات الأميركية التي دعت للنظر إلى إيران كقوة مساعدة يمكن احتواؤها والاستفادة من اندفاعتها لمصلحة حلّ الأزمات في المنطقة، لما لها من تأثير في البقع المشتعلة في الإقليم.
الحوار الإيراني ــ الخليجي حاجة لكلا الطرفين، فكل ينتظر من الآخر أن ينزل عن شجرة المطالب للانخراط في حوار تكون ركائزه سياسة الخطوة بخطوة، التي ابتكرها الروس لحلّ الأزمة النووية. لا تراجع سريعا عن المواقف، بل تذليل للعقبات للخروج بسياسة رابح رابح، فلا أحد يريد أن يظهر بمظهر المنكسر الخاسر. أولاً يتم وضع النقاط المشتركة والعمل على تفعيلها، ضمن مدة زمنية تعد مرحلة لبناء الثقة، ومن ثمّ يتم تناول المواضيع الخلافية بتفكيك الملفات والبحث في حلولها، للتوصل إلى تفاهمات بشأن القضايا العالقة، ليجري بعد ذلك الاتفاق على آليات عمل تسمح بتطبيقها وفق أطر مرسومة مسبقاً.
لذا، ستنطلق البنية الأساسية للحوار من سؤالين مركزيين: ماذا تريد إيران من الخليج؟ وماذا يريد الخليج من إيران؟ ستكون الإجابة عنهما صعبة جداً، لأن غالبية المطالب لدى الطرفين مبالغ فيها وتدخل في إطار الاتهامات والتكهنات عن نوايا توسعية لهذا وحرب سيادية لذاك. يبقى أن الحوار الهادئ والتقابل وجهاً لوجه، سيزيل الكثير من علامات الاستفهام ويوصل الرسائل مباشرة من دون ساعي بريد، فالحل يكمن بالمصارحة التي قد لا تؤدي إلى مصالحة، إنما ستنعكس إيجاباً على الأرض بمجرد التقاط صورة لاجتماع بين إيران والسداسية الخليجية.