font color="gray">خاص بالموقع - يواجه الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، بعد تثبيته في منصب قائداً للقوات الدولية في أفغانستان، أحد أكبر تحدياته في أفغانستان، وهو كيفية التعامل مع الرئيس الأفغاني حميد قرضاي، الذي أصبح يعدّ بطريقة متزايدة خارجاً عن السيطرة. وظهرت تساؤلات عن مدى تناسب قرضاي كشريك في الجهود، التي تقودها الولايات المتحدة لمكافحة تمرد حركة طالبان، منذ تعيين بترايوس في منصب قائد القوات الدولية، خلفاً للجنرال ستانلي ماكريستال.وقرضاي، الذي سبق أن عبّر عن عدم ثقته بالولايات المتحدة، وقام بمبادرات أحادية الجانب تجاه طالبان وباكستان، وواجه انتقادات بسبب عدم تحركه لمكافحة الفساد، أصبح عنصراً رئيسياً في حرب لا تحظى بشعبية ومستمرة منذ حوالى تسعة أعوام.
وقال المحلل السياسي هارون مير عن محاولات قرضاي التوصل إلى اتفاق سلام «كلنا نعلم أنّه يعتمد برنامجاً شخصياً، ولا سيما في تعامله مع باكستان طالبان». وأضاف «إذا بقيت الولايات المتحدة بدون موقف حاسم، فإنّ ذلك قد يضرّ بها، وستبقى واشنطن خارج هذا الاتصال. ذلك سيؤذي الاستراتيجية الأميركية».
وقد أُقيل ماكريستال من منصبه بعدما أدلى بتعليقات على مسؤولين أميركيين، بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مقال نشرته مجلة «رولينغ ستون».
ومثل بترايوس هذا الأسبوع أمام الكونغرس الأميركي، قبل تثبيت تعيينه قائداً للقوات الدولية في أفغانستان، التي تضم 140 ألف عنصر من الأميركيين، وجنود حلف شمال الأطلسي.
وواجه أسئلة عن كيفية التمكن من كسب الحرب، وعن موعد سحب القوات الأميركية، وما إذا كان قرضاي شريكاً مناسباً.
وقد تراجعت حدّة الانتقادات لمستوى الفساد، ولا سيّما بعد الانتخابات التي أعادت قرضاي إلى السلطة بعد تعهداته بمكافحة الفساد وهدر الأموال وتعزيز القدرات الأمنية للبلاد.
لكنّ قضية ماكريستال تزامنت مع ارتفاع مأساوي لعدد الضحايا من القوات الدولية، حيث قتل أكثر من الف اميركي و300 بريطاني منذ عام 2001، فيما قتل اكثر من مئة جندي من قوات حلف شمال الأطلسي في شهر حزيران فقط.
وتزايدت المخاوف من عدم إحراز تقدم في الحرب إثر عدم تمكن ماكريستال من ضمان الأمن في مرجة مركز زراعة الخشخاش في ولاية هلمند، وإرجاء العمليات في قندهار معقل طالبانوأثار قرضاي قلقاً لدى حلف الأطلسي، بعدما حمّل الغرب مسؤولية إنتاج الأفيون الافغاني، ونسب الفساد الى الدول التي تضخ أموال المساعدات، وأقال وزراء كفؤين يؤيدهم الغرب.
لكن العنصر الذي يثير أشد القلق بالنسبة إلى واشنطن هو رغبته كما يبدو في ضم وكالة استخبارات باكستانية ومجموعات ناشطة متحالفة مع القاعدة إلى اتفاق سلام لتقاسم السلطة.
وأشارت تقارير في الأيام الماضية إلى أنّه قد يستخدم الضجة التي أحاطت بقضية ماكريستال للمضي في خيار التعاون مع باكستان، كما قال دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن اسمه.
وقال «لا يزال من المبكر الحديث عن تسوية، وهذا هو شعور قرضاي أيضاً، وهو يستخدم التغيّرات كغطاء لإعطاء زخم لتحركاته».
ونفى مكتب قرضاي الاثنين تقريراً أوردته قناة الجزيرة القطرية، أشار الى أنّه عقد لقاءً ثنائياً مع سراج الدين حقاني، الذي يرأس شبكة حقاني المرتبطة بالقاعدة، تمهيداً لإجراء محادثات سلام.
وأشارت وسائل إعلام اميركية الى أنّ مسؤولي الجيش والاستخبارات الباكستانية يقومون بزيارات مكوكية بين كابول وإسلام اباد لعرض مطالبهم على قرضاي، وضمان بقاء واشنطن خارج أيّ اتفاق. ويرى المراقبون أنّ بترايوس، السياسي المحنك، يمكن أن يُحدث فارقاً في هذا الشان.
وقال مير «إذا نظرنا الى الآفاق السياسية فإن التغيير سيكون إيجابياً، لانّ ماكريستال كان مقرباًَ جداً من قرضاي، ولم يكن قادراً على انتقاده حتى حين يلزم الأمر».
وقال دبلوماسي غربي إنّ ماكريستال، الذي عمل «قائداً للقوات وسفيراً»، تولى تحسين العلاقات بين قرضاي وايكنبري في الأشهر الماضية.
وأضاف «هناك مصلحة بالتأكيد في إقامة قرضاي علاقة ودية وقريبة مع بترايوس، كتلك التي كانت قائمة مع ماكريستال، ولا سيّما أنّه حرص على تبديد القلق الرئيسي لدى الرئيس الأفغاني، وهو عدم التسبب بضحايا من المدنيين».
وقال «ذلك سيكون المقياس الذي سيقوّم فيه الأفغان عمل بترايوس».
من جهته، أعرب الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن شكره الكبير لمجلس الشيوخ لتصديقه السريع على تعيين بترايوس.
وقال أوباما في بيان نشرة البيت الأبيض «أنا شاكر جداً لمجلس الشيوخ، الذي تحرك بسرعة وللتصديق على الجنرال بترايوس، الذي سيقود جهودنا العسكرية في أفغانستان».
إلى ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الاميركية الأربعاء أنّها لا تنوي الابتعاد عن وسائل الإعلام رغم ما حصل مع ماكريستال.
وقال دوغلاس ولسون، المسؤول عن العلاقات الخارجية في البنتاغون، «لا ننوي إقامة ستار حديدي بين العسكريين والصحافة. في ما يتعلق بأفغانستان خصوصاً، نعتقد أن العكس يجب أن يحصل». وأضاف «سوف نقوم بكل ما يمكننا القيام به لتحاشي هذا النوع من التفكير».
من جانب آخر، أعلنت القوات الدولية في افغانستان انّها قتلت ليل الأربعاء ـــــ الخميس ما لا يقل عن 31 من عناصر طالبان، وأسرت احد قادتهم المحليين في معارك برية تلتها غارة جوية في جنوب أفغانستان.
واندلعت المعارك، التي دامت أربع ساعات، ليلاً، عندما أطلق مقاتلو طالبان نيران أسلحة خفيفة وقاذفات الصواريخ على وحدات القوات الدولية عند اقترابها من إحدى المزارع في باغرام بولاية هلمند معقل المتمردين.
(يو بي آي، أ ف ب)