باريس ــ بسّام الطيارةكانت زيارة الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري لفرنسا مناسبة لـ«إعادة ترتيب وضع العلاقات بين الدولتين»، وخصوصاً أنّ الكثير من الشوائب اعترتها في السنوات الأخيرة. كان آخرها تسريب تقارير عسكرية أميركية سرية على موقع «ويكيليكس» تحدثت عن مساعدة باكستانية لمقاتلي «طالبان»، في الوقت الذي تحاول فيه باريس تعزيز أمن قواتها التي تشارك في إيساف. إذاً ثمة «شكوك في الغرب» بشأن «الوثوق في تصرفات الاستخبارات الباكستانية»، ومن ثم بمجمل السياسة الباكستانية في ما يتعلق بالشأن الأفغاني. وقد لخص الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو مجمل أهداف الزيارة بلغة دبلوماسية لطيفة بقوله إن «معالجة التساؤلات المتعلقة بالأمن والحرب على الإرهاب والوضع الإقليمي، فضلاًَ عن التعاون الاقتصادي».
وعلمت «الأخبار» أنّ الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «حثّ نظيره على تصعيد الحرب على الإرهاب»، إلا أنّ مصادر مقربة من قصر الإليزيه وصفت لقاء ساركوزي وزرداري بأنّه كان «تصالحياً» وأنّ المباحثات لم تتعرض لتسريبات الوثائق العسكرية. وفيما يتشكك المراقبون في أنّ الزعيمين لم يتطرقا لما جاء في الوثائق الأميركية، وخصوصاً في ظل «المشادة بين إسلام آباد ولندن» في هذا الخصوص، إلا أنّ أحد الخبراء يؤكد أنّ ساركوزي مثله مثل كل المسؤولين الغربيين يدرك أنّ «دعم باكستان ضروري للنجاح في أفغانستان»، وأنّ جل ما يمكن طلبه هو «حثها على المزيد وعلى توسيع رقعة محاربة التيارات الأصولية». وهو ما اختصره زرداري بقوله على درج الإليزيه «تشعر فرنسا بأنّ باكستان شريك مسؤول».
زيارة باريس لم تمنع من بقاء بعض الغيوم في أفق العلاقات بين البلدين، وخصوصاً أنّه جرى التعتيم على «أهم نقاط التوتر» مثل اعتداء كراتشي الذي قتل فيه أحد عشر فرنسياً في٢٠٠٢، على خلفية شبهات حول عمليات احتيال مالي على هامش صفقة غواصات من طراز أغوستا لباكستان تعود لعام ١٩٩٤. إلا أن هذا لم يمنع أرمل رئيسة الوزراء السابقة بنازير بوتو، الذي حل محلها في رئاسة الحزب وقيادة البلاد، من أن يقول في مقابلة صحافية مع صحيفة «لوموند» صدرت أمس: «أعتقد أنّ المجتمع الدولي، الذي تنتمي إليه باكستان، في طريقه لخسارة الحرب على طالبان». وأضاف: «هذا لأننا قبل كل شيء خسرنا معركة كسب القلوب والعقول» في إشارة إلى ضحايا الحرب المدنيين. واكتفى زرداري قبل أن ينتقل إلى عاصمة الضباب، لندن، بانتقاد «المتشككين في التزام باكستان حيال قتال المتشددين»، في إشارة إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، وأضاف أنّ مثل هذه المخاوف ستقوض الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب.