وافقت إسرائيل أمس على تأليف الأمين العام للأمم المتحدة لجنة تحقيق دولية في أحداث أسطول الحرية بعد اجتماع للسباعية الوزارية، وقد رحّبت تركيا بالقرار
نيويورك ــ نزار عبود
وسط مساعي وساطة أميركية وضغوط تراكمية تركية، نجح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في إقناع الإسرائيليين بتأليف لجنة للتحقيق مؤلفة من أربعة أشخاص للنظر في القرصنة الإسرائيلية على أسطول الحرية التي وقعت في 31 أيار الماضي في المياه الدولية، والتي أدت إلى مقتل تسعة أتراك وجرح العشرات، إضافة إلى إحداثها أكبر أزمة دبلوماسية بين تركيا وإسرائيل منذ 62 عاماً.
الوساطة شملت قيام رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بزيارة إلى مقر الأمم المتحدة قبل أسبوعين، عقد خلالها لقاءً مطولاً مع بان، بعد مشاورات أجراها في البيت الأبيض. وعلى إثر خروجه، دخل مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة، أرتغرول أباكان، إلى مكتب الأمين العام واطلع منه على الأفكار المطروحة. لكن بان وكذلك مندوب تركيا، آثرا عدم الكشف عن أي معلومات عن سير المباحثات ريثما تنضج، فيما حرص مندوب تركيا على إطلاع عدد من سفراء الدول الإسلامية لدى الأمم المتحدة عما جرى. وأكد أنّ تركيا طرحت قائمة من الخطوات الدبلوماسية التصعيدية التي تنوي تطبيقها في حال تصلّب الإسرائيليين في رفض تأليف اللجنة وعدم قبول الشروط التركية الأخرى، وأهمها الاعتذار والتعويض عن الشهداء الذين سقطوا وهم يحاولون كسر الحصار على غزة.
وعلمت «الأخبار» أنّ نتنياهو، ومن بعده وزير الدفاع إيهود باراك، الذي زار الأمم المتحدة مرتين لهذه الغاية كان آخرها الجمعة الماضي، شددا على رفض لجنة تقصي الحقائق التي ألّفها مجلس حقوق الإنسان بحجة أن المجلس «معادٍ لإسرائيل»، لكنّهما تقبلا فكرة اللجنة التي تألفت بقيادة رئيس الوزراء النيوزيلندي السابق جيفري بالمر والرئيس الكولومبي المنتهية ولايته ألفارو أوريبي كنائب له. وسيشارك فيها عضوان آخران أحدهما تركي والآخر إسرائيلي.
ولدى الإعلان عن اللجنة، قال بان، في بيان رسمي قرأه الناطق باسمه مارتن نيزركي، «لقد شاركت بمشاورات مكثفة مع زعماء إسرائيل وتركيا بشأن تأليف لجنة تحقيق في حادث الأسطول البحري الذي وقع في 31 أيار. واليوم يسعدني الإعلان عن هذه اللجنة».
ووصف بان الحدث بأنّه تطور «لا سابق له»، مبدياً شكره للدول «التي رضيت بالتوفيق في الحلول حتى اللحظة الأخيرة من المشاورات التي بذلتها في عطلة نهاية الأسبوع»، متمنياً استمرار التعاون.
وستباشر اللجنة عملها في العاشر من آب الجاري. وتمنى بان كي مون أن تحقق اللجنة الطموحات التي حددها البيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في مطلع حزيران الماضي بالتعاون مع سلطات الدول المعنية. كما أعرب عن أمله في أن يحول هذا العمل دون تكرار أي حادث مشابه في المستقبل. ولم ينس الإعراب عن أمله في تحسن العلاقات التركية ـــــ الإسرائيلية بنتيجة الخطوة، فضلاً عن الوضع عموماً في منطقة الشرق الأوسط.
من جهته، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أنّه يتوقع أن تتعاون حكومته مع التحقيق. وذكر موقع «يديعوت أحرونوت» أنّ نتنياهو أخبر بان كي مون بهذا الأمر في أعقاب القرار الذي اتخذه «محفل السباعية الوزاري» صباح أمس، إثر اتصالات سياسية جرت طوال الأسابيع الماضية، وهدفت إلى جعل لجنة التحقيق وصلاحياتها أكثر اتزاناً ونزاهة.
وأشارت «يديعوت أحرونوت» إلى أنّ التعاون المتوقع هو جزء من عملية استخراج العبر التي قامت بها إسرائيل في أعقاب تقرير غولدستون. ونقلت عن نتنياهو قوله بعد المحادثة التي أجراها مع بان إنّه «ليس لإسرائيل ما تخفيه، العكس هو الصحيح». وأضاف إنّ المصلحة القومية لإسرائيل تكمن في ضمان أن تخرج إلى الضوء حقيقة ما جرى.
وتطرقت «يديعوت» إلى خلفية الموافقة الإسرائيلية على التعاون مع لجنة التحقيق الدولية، فلفتت إلى أن نتنياهو وباراك كانا متفقين على ضرورة الاستجابة لمطلب الأمم المتحدة، من أجل منع التصعيد في العلاقات مع الأمم المتحدة وإقامة طاقم فحص يعمل بطريقة أحادية الجانب. وأضافت إنّ الموافقة الإسرائيلية لم تنبع من رغبة إسرائيلية في تشكيل طاقم فحص كهذا، بل من «انعدام الخيار».
إلى ذلك، أعلن مصدر حكومي تركي أنّ تركيا ترحب بتأليف اللجنة وبموافقة إسرائيل المبدئية على التعاون مع المحققين. وقال المصدر، طالباً عدم كشف اسمه، إنّه «منذ البداية، تطالب تركيا بلجنة دولية بإشراف الأمم المتحدة للتحقيق في الهجوم (...) وإثر مبادرات تركيا لدى الأمم المتحدة والولايات المتحدة وأوروبا، وافقت إسرائيل على التعاون مع اللجنة». وأضاف المصدر «إنّه قرار مهم جداً بالنسبة إلى تركيا. تمثل هذه اللجنة خطوة مهمة لتصحيح الظلم الذي واجهته تركيا خلال الهجوم» على سفينة المساعدات.