تحوّلت العلاقة بين برنار كوشنير والصحافيّين إلى نوع من الفراق، والسبب يعود إلى إطلاق الوزير التصريحات ثم تكذيبها لاحقاً، والتضييق على حرية عمل هؤلاء داخل الوزارة
باريس ــ بسّام الطيارة
كان السؤال: لماذا يحب الصحافيون وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير؟ الجواب لأنه كان «بعيداً عن اللغة الخشبية». أمّا الآن، فالسؤال هو لماذا المعركة بين الصحافيين والوزير؟ الجواب سهل أيضاً. إذ إنّ رياضة الوزير المحبّبة باتت «التصريح ثم التكذيب». وقد دارت آخر جولة أمس، بعد تصريحات منسوبة إليه نشرها الصحافي ريمي سولمون من إذاعة «أر تي إل» ناقلاً «دردشة خارج الميكرو» خلال مرافقته للوزير في هاييتي. ونقل الصحافي عن الوزير قوله «أعرف أنّني سوف أترك (الحكومة)... لقد أرسلت استقالتي منذ آب». المعلومات التي حملها التصريح يعرفها كلّ مواطن فرنسي. والتكذيب طاول مقطعاً محدداً يتعلق بالرهائن في مالي، واعترافه بأنّه «ليس على اطّلاع على ما يجري في الملف»، قبل أن يضيف «قصر الإليزيه لا يطلعني على ما يدور في العديد من الملفات»، واستطرد بأنّ «العلاقة بينه وبين (الرئيس نيكولا) ساركوزي باتت قاسية في الأشهر الثلاثة الماضية»، وهو ما أثار موجة «تهكّم وانتقادات» في الحزب الاشتراكي، الحزب الأصلي «للفرنش دكتور». وما لم تكذّبه الخارجية الفرنسية «بصراحة مطلقة» عبر بيانها هو قوله إنّه «يجري جردة لكلّ ما قام به». وشدد البيان فقط على «العلاقة الجيدة بين ساركوزي وكوشنير، وعلى التواصل بينهما». ويظهر «انعدام الثقة» بين الإليزيه وكوشنير أيضاً في الملفات العربية، وخصوصاً لبنان وسوريا. ويذكر الجميع كيف بقي الوزير على موقفه المعارض للانفتاح على دمشق، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي إلى إرسال الأمين العام للرئاسة، كلود غيان، «في كل مرة يتوجه فيها كوشنير إلى المنطقة». ويرى الصحافيون أنّ «التكذيب الدائم والمكرر، المعلن وغير المعلن» هو نوع من حط قدر الصحافيين والتشكيك في مهنيّتهم. ويقول البعض إنّ «البارانويا الكوشنيرية» أوصلته إلى حد رفع دعوى على مجهول في حزيران 2009 لوقف التسريبات من وزارة الخارجية للصحافة. حدث ذلك عندما نشرت «كنار أنشينيه» صورة طبق الأصل لوثيقة تبرز أنّ باريس ودول الاتحاد الأوروبي اتفقت على «رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل حتى لو لم تعترف بالدولة الفلسطينية». وحتى اليوم يقول البعض إنّ رجال الشرطة يجولون داخل الوزارة بحثاً عن المسربين، بينما شُددت الإجراءات ضد زوار الـ«كي دورسيه» من الصحافيين.
تختلف نهاية كوشنير السياسية كثيراً عن بدايتها حين كان «النجم الفرنسي في العمل الإنساني» مع مؤيدين في اليمين واليسار. إلا أنّ عدداً متزايداً من الصحافيين، إلى جانب سياسيين ودبلوماسيين، يرون أنّه يترك الخارجية الفرنسية وهي في «حال يرثى لها» وفق وزيري خارجية سابقين (ألان جوبيه وهوبرت فيدرين). ولم يتردد سفير بوصف الخارجية بأنّها «وكالة إعلانات لمشاريع إنسانية»، وأنّه قطع التواصل مع الصحافيين عبر انتقائية لا تخدم فرنسا بل ترمي فقط إلى «تلميع صورته».
قبل أسبوعين صدر أيضاً تكذيب لـ«مشروع زواج» كوشنير وكريستين أوكرنت، المديرة العامة لـ«الإعلام الفرنسي الخارجي» التابع لوزارة الخارجية. سبب التكذيب ليس نفي العلاقة بينهما، التي تعود إلى أكثر من عقدين ونيف، ولهما ولد، بل «مكان الزواج المعلن». إذ إنّ مصدراً مقرباً من الوزير كان قد ذكر أنّه روما، وهو ما نفاه الناطق الرسمي للوزارة برنار فاليرو.