ينتخب منتسبو حزب العمال البريطاني اليوم رئيساً جديداً لهم من بين خمسة مرشحين. لكنّ المنافسة الفعليّة تنحصر بين الأخوين ديفيد وإد ميليباند
ديما شريف
صباح أمس، أنهت شركة «كورال» البريطانية للرهانات إمكان المراهنة على من سيكون الرئيس الجديد لحزب العمال البريطاني. المفاجأة كانت أنّ وزير البيئة السابق، إد ميليباند، كان يتفوق على شقيقه الأكبر ديفيد، وزير الخارجية السابق، بنسبة 8 من 11 من المراهنات.
لكن هذه الأرقام لا تعطي فكرة أكيدة عمن سيكون قائد المعارضة الجديد في بريطانيا، الذي سينتخب اليوم في المؤتمر العام للحزب، فهي بالنهاية مراهنات قد لا تعكس حقيقة توجهات الجسم الانتخابي. وإلى جانب الأخوين ميليباند، لا يزال هناك ثلاثة مرشحين، على رأسهم النائبة عن الحزب ديان آبوت التي قررت المضي قدماً بترشحها في وجه «الرجال البيض»، وهي كانت أول امراة سوداء تنتخب إلى مجلس العموم في تاريخ بريطانيا في 1987. ينافسها وزير شؤون الاسرة السابق، النائب الحالي إد بولز، ووزير الدولة لشؤون الصحة السابق آندي بورنهام.
لكنّ المراقبين يجمعون على أنّ هؤلاء المرشحين لا يملكون فرصة (إلا إذا حصلت معجزة) وأنّ من المؤكد أنّ رئيس الحزب المقبل سيكون من عائلة ميليباند.
الرابح يحدّد استمرار نهج أحد الرئيسين السابقين: طوني بلير أو غوردون براون
الصراع الأخوي إذاً سيحدد وجهة الحزب المقبلة: هل ستكون استمراراً لنهج غوردن براون أم استعادة لنفوذ طوني بلير؟ إذ إنّ كلّاً من الشقيقين «محسوب» على رئيس وزراء سابق. فديفيد يمثل بلير في النزاع. وهو كان يرأس وحدة السياسة الخاصة به في نهاية التسعينيات. في المقابل، عمل إد كاتب خطابات براون طيلة هذه الفترة، قبل أن يدخل البرلمان في 2005، بتشجيع من براون نفسه.
يتفق الاخوان ميليباند على أنّه حان الوقت «للمضي قدماً» بحزب العمال، لكن لا أحد منهما يحدّد كيف سيفعل ذلك. فديفيد يتحدث طيلة الوقت عن «حزب العمال المقبل» الذي سيستهدف الطبقة الوسطى، من دون أن يشرح خطته لذلك، فيما يمضي إد وقته في انتقاد مشاهير الحزب الذين ساندوا شقيقه ويروّج بأنّه يمثل «مرشح التغيير»، بينما رفض معظم الشعب البريطاني اقتراحاته مسبقاً. فهو عبّر عنها حين كتب برنامج الحزب لانتخابات أيار الماضي بإيعاز من غوردن براون.
يرتبط ديفيد أكثر بإصلاحيي الحزب، فيما كان إد أقرب إلى يسارييه. ويريد الأول أن يعيد التواصل المفقود مع ناخبي الحزب القدماء الذين صوّتوا للمنافسين، فيما قال الثاني خلال حملته إنّه يجب التقرب من الفقراء والمعوزين الذين فضلوا مقاطعة الانتخابات.
لكنّ الشقيقين لن يتمتعا بالجرأة الكافية لإحداث تغيير حزبي جذري كالذي كان يطالب به والدهما، المنظر الماركسي الشهير رالف ميليباند. هذا الأخير يئس منذ السبعينيات من حزب العمال وقال إنّه «حزب إصلاحات اجتماعية متواضعة في نظام رأسمالي تجذر فيه الحزب من دون أن يستطيع الهروب». فالشقيقان أمضيا معظم حياتهما في الحزب، ولم يعملا حتى في وظائف غير سياسية. واقع جعل أحد الظرفاء يقول إنّ المنافسة اليوم هي بين المهووس الساعي وراء الشهرة (ديفيد) والاحمق الساعي وراء الشهرة (إد).
ويحظى ديفيد، في تصويت اليوم، بمساندة نواب الحزب (الحاليين والسابقين)، فيما سينال إد تصويت أعضاء الحزب العاديين وتأييد النقابات العمالية، ما يجعله الأوفر حظاً بنسبة ضئيلة. وقد يتأذى ديفيد من ارتباطه ببلير، فيما لا يبدو أنّ علاقة إد ببراون قد تؤثر عليه. لكن رغم ذلك، يبدو أنّ 30 في المئة من مناصري إد يظنون أنّ ديفيد هو الذي سيقود الحزب إلى أي انتصار مقبل على المحافظين.