واشنطن ــ محمد سعيدأكد الصحفي البريطاني البارز، روبرت فيسك، في تقرير نشره في صحيفة «الإندبندنت» في معرض تعليقه على الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس، أنّ «العرب كالعادة عرفوا. لقد كانوا يعرفون كل شيء عن التعذيب الجماعي، وإطلاق النار غير المشروع على المدنيين، واستخدام القصف الجوي للمنازل، والاستعانة بمرتزقة من الأميركيين والبريطانيين، ومقابر القتلى الأبرياء. الجميع يعلمون ذلك في العراق لأنّهم كانوا الضحايا».
وقال في التقرير الذي نشر بعنوان «عار أميركا»: «إننا في الغرب قادرون على مواجهة كلّ ادعاء، ضد الأميركيين أو البريطانيين، وإقامة سياج من الأكاذيب». وأوضح أنّ الحديث عن أيّ شخص تعرض للتعذيب هو دعاية ارهابية، واكتشاف مقتل كلّ الأطفال داخل منزل في غارة جوية أميركية يصبح أيضاً نوعاً من الدعاية الإرهابية، أو «أضراراً جانبية»، أو ذلك التعبير البسيط «ليس لدينا معلومات عن ذلك».
وأضاف فيسك أنّ الحكومة الأميركية تحاول دائماً أن تتجنب الوقائع بقول عبارة «لا جديد». وأضاف أنّ أدلة تورط إيران في صنع القنابل بجنوب العراق سربتها وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في شباط 2007 إلى صحيفة «نيويورك تايمز»، ومع ذلك «فإنك إذا قرأتها الآن في الوثائق السرية المسربة ستكون بعيدة جداً عن نسخة البنتاغون». وأشار إلى أنّ «الوثائق العسكرية السرية المسربة أثبتت ما حدث في حرب العراق».
ويقول فيسك إن صمت القوات الأميركية عن تعذيب الميليشيات المرتبطة بأطراف داخل الحكومة العراقية وأيضاً قوات الأمن التابعة لها التي دربتها وتشرف عليها القوات الأميركية وأدت إلى مقتل آلاف العراقيين لم يكن أمراً جديداً. فقد سبق للقوات الأميركية أن غضت النظر عن تعذيب ميليشيات يقودها أفراد من عائلة الصباح الحاكمة في الكويت لفلسطينيين بعد إرغام القوات العراقية على الانسحاب من الكويت في 1991. ويضيف: «لم تتدخل القوات الأميركية، التي قامت فقط بالشكوى أمام العائلة الحاكمة، وإنّه كان يطلب دائماً من الجنود الأميركيين عدم التدخل».
ويمضي فيسك في تقريره، موضحاً أنّ «لدينا مادة يمكن أن تصبح أساساً للمحامين في المحاكم». ويقول إنّ وزارة الصحة العراقية كانت قد حظرت على الأطباء تشريح جثث العراقيين المدنيين القتلى التي يحضرها إلى المشرحة جنود أميركيون، لأنّهم قتلوا أثناء تعذيبهم بأيدي عراقيين يعملون لحساب القوات الأميركية. وأشار إلى ما ذكرته تقارير أميركية مستقلة عن وفاة 1300 عراقي من جراء التعذيب في مراكز الشرطة العراقية.
وقال فيسك إنّ أيدي القوات الأميركية وجنرالاتها ملطخة بدم العراقيين والأفغان. ويؤكد أنّ الجنرال ديفيد بترايوس، الذي كان قائداً لقوات الاحتلال الأميركي في العراق، والآن قائداً لقوات الاحتلال الأميركي في أفغانستان «المفضل لدى الصحافة الأميركية» مسؤول عن الزيادة الكبيرة في عمليات القصف الجوي خلال العامين الأخيرين. فقد بلغ عدد تلك الغارات في العراق 229 في عام 2006 لترتفع في عام 2007 إلى 1447 غارة قاتلة. وفي أفغانستان ازدادت بنسبة 172 في المئة منذ تولي بترايوس القيادة قبل عدّة أشهر. وأضاف فيسك أنّ أيدي البنتاغون ملطخة بالدماء منذ أن أسقطت الولايات المتحدة قنبلتها النووية على هيروشيما في عام 1945.
وينهي فيسك مقاله بقوله إنّ «ما يثير حنق الجنرالات الأميركيين ليس الكشف عن الوثائق السرية ولا وجود دماء أريقت، بل لأنّهم ضبطوا وهم يكذبون كما نعلم جميعاً».