السحر والتطرف لهزم الديموقراطيين وسرقة مرشّحي الجمهوريين ديما شريف
رغم سيطرة الثنائية الحزبية، بين جمهوريين وديموقراطيين، على الحياة السياسية في الولايات المتحدة، تبرز من وقت لآخر أحزاب صغيرة جداً تنشط على مستوى الولايات، تحاول إيصال ممثلين لها إلى مجلس النواب أو الشيوخ أو منصب الحاكم في ولاية ما. لا تنجح هذه الأحزاب إلا على الصعيد المحلي الضيق في انتخابات مجلسي شيوخ ونواب الولاية. وقليلاً ما يصل إلى مجلسي النواب والشيوخ على المستوى الوطني من ينتمي إلى تجمعات سياسية خارج الثنائية.
وفي مجلس النواب، الذي تنتهي ولايته في الأول من تشرين الثاني المقبل، أربعة مستقلين، واثنان في مجلس الشيوخ يصوتان دائماً إلى جانب الديموقراطيين.
لكن في انتخابات هذا العام يبرز تجمع سياسي استطاع هزم الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية ليقدم مرشحيه في مواجهة الديموقراطيين بعد اسابيع.
«حزب الشاي» (tea party) كان حديث الساعة منذ بداية العام كلما حان وقت انتخابات تمهيدية خاصة بالحزب الجمهوري. لعبها مسؤولو هذا التجمع العفوي بشكل صحيح، فهم لم يقدموا ترشيحات مستقلة للانتخابات كما تفعل الأحزاب الصغيرة: الخضر، السلام والحرية، العائلات العاملة وغيرها. بل كان الهدف هو المحافظين الرسميين، أي الحزب الجمهوري، الذي يشاركونه القاعدة الشعبية

من سينتخب مرشحة «حزب الشاي» كريستين أودونيل التي حاولت أن تكون ساحرة
نفسها، ويقدمون إلى مناصريه الأكثر تطرفاً خياراً يشبع طموحاتهم أكثر. فتقدم مناصرو «حزب الشاي» بطلبات ترشيحهم باسم الحزب الجمهوري وخاضوا المنافسات التمهيدية ضد مرشحي هذا الحزب ليضمنوا مكاناً في الثاني من تشرين الثاني المقبل في مواجهة الديموقراطيين. هذا الحزب لا يقوده أحد ويجمع كلّ معترض على أداء الإدارة «الاشتراكية»، ورافضي الحكومات الكبيرة، ومناهضي الضرائب ونظام الرعاية الصحية ورزمة التحفيز الاقتصادي، وعدداً كبيراً من اليمينيين المحافظين جداً الساخطين على الجمهوريين.
وفي يوم الاقتراع سيتواجه مرشحو الحزب الحاكم مع 138 من «شاربي الشاي»، كما يسمى مناصرو الحزب الجديد، في انتخابات مجلس النواب ومقاعده الـ435. من بين هؤلاء هناك سبعة يترشحون في مناطق جمهورية بالكامل على مقاعد يحتلها جمهوريون، وسبعة آخرون ينافسون على مقاعد يحتلها ديموقراطيون في مناطق جمهورية ايضاً. وهناك 19 يترشحون في مناطق يتقاسم النفوذ فيها الجمهوريون والديموقراطيون، فيما هناك 29 يتنافسون في مناطق ديموقراطية تاريخياً. اما العدد الباقي من مرشحي «حزب الشاي»، فتشير استطلاعات الرأي إلى تأخرهم امام الديموقراطيين. لكن، كما تقول صحيفة «نيويورك تايمز»، إنّها سنة الاستثناءات الانتخابية، وبالتالي فإنّ الباب مفتوح على كلّ الاحتمالات.
أما في ما يتعلق بانتخابات المقاعد الـ37 التي ستجدد في مجلس الشيوخ، فيبدو أنّ هناك احتمالاً لفوز «حزب الشاي» بثمانية منها. ومن المتوقع أن يفوز مرشحو هذا التجمع في المناطق التي تنتخب تاريخياً الحزب الجمهوري، مثل ولايتي انديانا وكارولاينا الجنوبية، وكذلك في المناطق الريفية في الغرب الأميركي وضواحي بعض المدن الكبرى.
وما يجعل حظ هؤلاء المرشحين اكبر هو حقيقة أن معظمهم يدخلون السياسة للمرة الأولى. وهذه ميزة كبيرة لدى اليمين المتطرف، الذي يريد أشخاصاً يساندون طروحاته المناهضة للسياسة التقليدية والحكومات الكبيرة بعدما اختبر الجمهوريين الذين لم يحققوا تطلعاته.
من جهتهم، يخاف الديموقراطيون من حماس مناصري «حزب الشاي»، الذي قد يدفع العديد من الناس إلى الانتخاب للمرة الأولى. وهو ما فعله ترشيح باراك أوباما في 2008 حين توجه 15 مليون أميركي للمرة الأولى إلى صناديق الاقتراع. واقع يعترف به الديموقراطيون، إذ يقول أحد المسؤولين عن استطلاعات الرأي لمصلحة الحزب، ومستشار اللجنة الوطنية الديموقراطية، اندريه بينيدا، إنّه «لا شيء سيقف بينهم (مناصرو حزب الشاي) وبين الاقتراع يوم الانتخابات». ويضيف إنّ «الهوة في الحماسة للانتخابات كبيرة بين مناصري «حزب الشاي» والباقين، ولذلك فهم سيقترعون بكثافة».
ورغم أنّ عدد «شاربي الشاي» الذين قد يصلون إلى الكونغرس قليل مقارنةً بما قد يناله الحزبان التقليديان، فإنّه من المتوقع أن يستطيع هؤلاء فرض بعض مشاريعهم على الجمهوريين، مقابل منحهم الغالبية في أحد المجلسين أو في كليهما، أي إنّهم سيكونون بيضة القبان في الحياة التشريعية الأميركية في السنتين المقبلتين.

يقدم التجمع مرشحين إلى مجلس النواب يتمتع بعضهم بحظوظ كبيرة للربح
ويتخوف الجمهوريون من أن يسقط مرشحو «حزب الشاي» في الاختبار أمام الديموقراطيين، واكثر ما يرعبهم هو احتمال خسارتهم بعض المقاعد التي كانت لهم تاريخياً بسبب عدم خبرة الوافدين الجدد إلى السياسة. ويقول بعض المسؤولين في الحزب إنّ التصريحات الإعلامية لبعض المرشحين ستقضي عليهم.
وهذه المخاوف قد تتحقق. فأيّ عاقل سينتخب مرشحة ككريستين أودونيل لمقعد في مجلس الشيوخ عن ولاية ديلاوير وهي تقول في ايلول الماضي في برنامج «بوليتكلي إنكوريكت»، إنّها جربت ان تصبح «ساحرة لكنّني لم أنضم إلى تجمع خاص بالسحرة». وأضافت إنّها ذهبت لمشاهدة فيلم مع أحد الأشخاص ثم أكملا السهرة في «مذبح شيطاني... وكان هناك بعض الدم وما إلى ذلك». ويبدو أنّها لا تمل من تجربة أي شيء، إذ قالت في مقابلة «حاولت أن أصبح هندوسية لكنّني أحب اللحم كثيراً». ولا تنتهي مآثر اودونيل هنا، إذ قالت إنّها لا تفهم نظرية النشوء والارتقاء لداروين وتعتبرها غير صحيحة و«إلّا فلماذا لا يتحوّل القرد اليوم إلى إنسان؟».
أما المرشح لمجلس الشيوخ في أوهايو ستيف ستيفرز، فاكدّ أنّ مشروعه هو إلغاء كل الوزارات ما عدا الدفاع، العدل، الخارجية والمال، «فلا حاجة إلى وزارات الصحة، التعليم، النقل والداخلية وغيرها لأنّها غير دستورية».


سارة بايلن تقود جماهير اليمين