strong>استفتاء على تشريع استخدام النبتة بلا وصفة طبيةوسط خوف الديموقراطيين من «سرقة» الجمهوريين غالبيتهم بعد انتخابات التجديد النصفي في الرابع من تشرين الثاني المقبل، تتجه الأنظار إلى ولاية كاليفورنيا التي ستطرح يوم الاقتراع اقتراحات لتعديل بعض القوانين الداخلية. ومن بين هذه القوانين واحد يشرع استخدام نبتة الماريجوانا لجميع من هم فوق الحادية والعشرين من العمر، من دون أن يتعرضوا للاعتقال والسجن، شرط ألا تتخطى الكمية التي يحملونها الأونصة الواحدة (28.3 غراماً). كذلك سيسمح التعديل القانوني للسكان بزرع النبتة في حدائقهم الخلفية على مساحات صغيرة. وسيساعد التشريع على زيادة المداخيل الضريبية للولاية التي تجد نفسها تتعثر في الوفاء بالتزاماتها المالية

ديما شريف
في الرابع من تشرين الثاني المقبل، هناك ورقة انتخاب في ولاية كاليفورنيا ستكون محطّ اهتمام الجميع. هي ليست انتخابات الحاكم المحتدمة، وليست المعركة النسائية على مقعد مجلس الشيوخ الفارغ، أو الانتخابات لملء المراكز التنفيذية الداخلية في الولاية. الاهتمام كلّه سينصب على ورقة القوانين المعروضة على الاستفتاء، وهي تسعة حتى اليوم. الناخبون سيعرضون الورقة ثم سيُشغَلون بالرد على الاقتراح الرقم 19 من دون غيره من الاقتراحات: هل توافق على تشريع الماريجوانا؟ وستجيب الأغلبية، على الأرجح، بـ«نعم».
الاقتراح الرقم 19 هو أهم ما يشغل بال سكان الولاية منذ بدء الربيع، بعدما استطاعوا جمع تواقيع كافية لإدراج التعديل القانوني الذي يجرّم بالعادة من يُعتقل وهو يحمل معه ماريجوانا ويستخدمها. فمنذ شهر آذار الماضي أصبح الاقتراح واقعاً وحمل الرقم 19. وتلجأ جميع الولايات في أميركا إلى هذا الأسلوب لإمرار القوانين عبر استفتاء على الناخبين يوم الانتخابات التشريعية. واستخدمت كاليفورنيا ذلك في 1996 حين وافق الناخبون على الاقتراح الرقم 215 الذي شرّع استخدام الماريجوانا لأغراض طبية، لتصبح الولاية أول من تجرأ على ذلك في البلاد. ولحقتها خلال السنوات الماضية 14 ولاية أخرى. لكن الجرأة على طرح تشريع استخدام الماريجوانا من دون وصفة طبية هو المغامرة الأكبر لسكان هذه الولاية، التي تعد تقدمية إلى حد ما.
وسيسمح القانون، إذا عُدِّل، بعدم تغريم أو سجن أي شخص يحمل مقدار أونصة واحدة من المادة (28.3 غراماً) ويتخطى الواحدة والعشرين سنة. وسيسمح القانون للسكان بزرع الماريجوانا في حدائقهم الخلفية على مساحة لا تتعدى 2.3 متر مربع. وستصبح كاليفورنيا أول ولاية تشرع استخدام الماريجوانا في تحدٍّ واضح وصريح للقوانين الفدرالية الأميركية. وستكون بالتالي القوانين الداخلية للولاية تعارض قوانين البلاد، ما يفتح المجال أمام من يريد الطعن بها أمام المحكمة العليا، وهو ما طالب به أعتى معارضي التشريع.
والاقتراح الـ19 هو مبادرة من المجتمع المدني، بعدما جمع التواقيع اللازمة لفرضه على الولاية، لكنّه يحظى بمباركة بعض المشرعين. وكان وراءه مؤسس جامعة أوكستردام الشعبية ريتشارد لي، الذي يدرّس صفاً في جامعته عن كيفية زرع شتلة الماريجوانا والاعتناء بها. ويرى مناصرو التعديل أنّ العائدات الضريبية التي يمكن فرضها على استخدام الماريجوانا وزرعها كبيرة، ويمكن أن تصل إلى مليار ونصف مليار دولار في السنة. وهذا ما تحتاج إليه الولاية التي تعاني نقصاً كبيراً في الموارد المالية، وتحتاج إلى دفع إضافي في القطاع الزراعي. وربما كان هذا السبب المادي هو ما دفع حاكم الولاية آرنولد شوارزنيغر إلى سحب الاقتراح الرقم 18 من التداول لأنّه سيكلف الولاية 10 مليارات من الدولارات على شكل قروض لتحسين شبكة مياه الشرب. ضحّت الولاية بالتعديل لتعيد طرحه في انتخابات 2012، وأبقت الاقتراح الـ19 لمردوده المالي العالي. ويضيف المدافعون عن المشروع أنّه يمكن سحب المبادرة من كارتيلات المخدرات المكسيكية عند تشريع استخدام هذا النوع من المخدرات. ويقول بعض مسؤولي الشرطة إنّه سيساعد في إفراغ بعض السجون، وسيسمح لعناصر القوى الأمنية التركيز على الجرائم الجدية والخطيرة بدل ملاحقة الشبان الذين يدخنون سيجارة ماريجوانا من دون أن يؤذوا أحداً. وتساند الاقتراح «النقابة العالمية لموظفي الخدمات»، وهي أقوى نقابة في الولاية وتضم أكثر من سبعمئة ألف شخص، ومجموعة «القوى الأمنية ضد المنع» المؤلفة من رجال شرطة، قضاة ومحققين متقاعدين.
لكن المعارضين لإمرار التعديل القانوني يرون أنّه سيزيد من تهريب المخدرات بين الولايات. ويضيف هؤلاء أنّه سيشجع المراهقين على استخدام أنواع أقوى من المخدرات، مثل حبوب «اكستازي»، وسيدفع البالغين إلى الإسراف في شرب الكحول. ويرفض هؤلاء فكرة أنّ تشريع الماريجوانا سيخفف التهريب من المكسيك، بل سيزيده برأيهم؛ لأنّ الطلب على هذا النوع سيزداد. ويعارض التعديل القانوني رئيس شرطة مقاطعة لوس أنجلوس لي باكا، الذي يجد ذلك «تهديداً للسلامة العامة». كذلك إنّ المرشحين الرئيسيين للانتخابات يعارضونه.
لكن أبرز معارضي التعديل القانوني هم مصنعو المشروبات الكحولية في الولايات المتحدة. وشرعت منظمة «موزعي البيرة والمشروبات في كاليفورنيا» بتمويل الإعلانات والحملات المناهضة له. فهؤلاء خائفون من أنّ تشريع الاستخدام غير الطبي للماريجوانا سيؤثر على استخدام سكان الولاية للمشروبات الكحولية، وهي أكثر ضرراً من الماريجوانا باعتراف معظم الأطباء، وسيبتعدون عنها تدريجاً، ما سيخفض من أرباح الشركات الكبرى. ودفعت المنظمة في الأسابيع الماضية أموالاً طائلة في مقابل نشر مقالات في الصحف المحلية تروّج لفكرة أنّ شرب أكثر من ست قنانٍ من البيرة يومياً هو «أسلوب حياة عصري وتقليدي أميركي». وحاولت المنظمة، ونجحت في السابق، في منع التعديل على القانون حين موّلت الحملة المناهضة لطرح المشروع في انتخابات التجديد النصفي في تشرين الثاني 2008. لكنّها لم تستطع فعل ذلك هذا العام، وها هو التعديل في طريقه إلى الاستفتاء الشعبي في تشرين الثاني المقبل.
ومنذ بداية أيلول الماضي تزايد التأييد للاقتراح. ويظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «فيلد» تفوّق الاقتراح بنسبة 49 إلى 42، فيما يظهر استطلاع آخر أجرته مؤسسة «بابليك بوليسي بولينغ» تقدمه بنسبة 47 مقابل 38 في المئة، ما يشير إلى أنّ كاليفورنيا في طريقها لتصبح «امستردام» جديدة.


110000 وظيفة و23 مليار دولار إضافية

تطرح بعض الدراسات التي أُعدت في الفترة الماضية عن نتائج تشريع استخدام الماريجوانا في ولاية كاليفورنيا لأغراض غير طبية أرقاماً مشجعة جداً. فتشير إلى إمكان خلق ما بين ستين ألف ومئة وعشرة آلاف وظيفة جديدة مرتبطة بزراعة هذه النبتة وبيعها، فيما يمكن أن تصل الضرائب المفروضة على الاستخدام إلى ما بين 1.2 و1.6 مليار دولار. وتظهر إحدى الدراسات أنّ التشريع سيسمح للاقتصاد في ولاية كاليفورنيا بأن يزيد سنوياً بمقدار 23 مليار دولار. إلى جانب المردود المالي، سيسمح التشريع بتخفيف نسبة إشغال السجون ونسبة فساد الشرطة وتحسين العلاقة بين القوى الأمنية والمجتمعات المحلية. لكنّ المعارضين للمشروع يشددون على أنّ المجتمع الأميركي يعاني أصلاً مشكلة الإسراف في التدخين وشرب الكحول، لذلك يجب عدم إضافة مشكلة جديدة تتمثل في السماح للجميع باستخدام الماريجوانا من دون إشراف طبي ملائم.