لا يكاد يمر يوم في الدول الأوروبية في هذه الفترة إلا ويطرأ جديد على صعيد نشاط السلطات إزاء الشبكات الإسلامية المتطرفة. بلجيكا سرقت الأضواء أخيراً، لتكشف عن أساليب جديدة تبتدعها هذه الجماعات
باريس ــ بسّام الطيارة
باتت الحرب على المجموعات الإسلامية المتطرفة عملية شبه روتينية في الدول الأوروبية. ولا يقتصر عمل أجهزة الشرطة على تفكيك شبكات الإرهاب، وهو القسم الظاهر من عملها، بل إن مكافحتها أضحت عملاً يومياً دؤوباً. ويبرر أحد الخبراء ذلك بالقول إن «الخطأ ممنوع»، إذ يكفي أن «تفلت من الشباك» استعدادات لاعتداء ما، حتى تكون النتيجة كارثية. وتراعي الأجهزة الأمنية في أوروبا الرأي العام، وخصوصاً في الدول المستهدَفة، وفي مقدمتها فرنسا وبلجيكا والدنمارك، بسبب القوانين الجديدة التي سنّتها، والتي ترى فيها الجماعات المتطرفة «حرباً على الإسلام». وتحاول السلطات قدر المستطاع خفض تأثير الأصداء الإعلامية للحملات الأمنية على نفسية شعوبها، وعلى الحركة السياحية المهمة جداً بالنسبة إلى الدورة الاقتصادية.
قبل يومين، اعتقلت الشرطة القضائية البلجيكية مجموعتين إسلاميتين، يُشتبه في أن إحداهما كانت تعدّ لهجمات في البلاد. اعتقالات الشرطة البلجيكية فيها «بعض الجديد»، إذ إن المعتقلين وأصولهم تختلف هذه المرة عن المرّات السابقة، ما يُعَدّ تطوراً في أسلوب عمل الشبكات «الإرهابية». ففي مدينة أنفير (شمال غرب)، اعتُقل سبعة أشخاص، منهم ستة بلجيكيين وروسي من أصل شيشاني، بتهمة الإعداد لـ«خطط لاعتداء في بلجيكا» من دون تحديد الهدف. إلا أن الشرطة تشتبه في أن تكون هذه الشبكة ممتدة إلى خلايا متعددة مؤلفة من «غرباء» قدموا إلى أوروبا الغربية فقط من أجل تنفيذ عمليات. ويرى الخبراء أنّ عملية تجنيد غرباء تضيف صعوبة جديدة على الأجهزة الأمنية، إذ إن هؤلاء القادمين غير مُدرجين في لوائح الشرطة الأوروبية، وبالتالي يصعب تتبُّع خطواتهم وتحركهم في البلاد.
وتحوم الشكوك اليوم حول تشابك مصالح مع منظمة شيشانية هي «إمارة القوقاز»، التي يمكن أن تقدم «جهاديين» مقابل تمويل لعملياتها في بلاد القوقاز. وإذا صحّت هذه التقديرات، تكون الجماعات الإسلامية قد «خطت خطوة نوعية» جديدة، تزيد من صعوبة تتبُّع الإعداد لعملياتها في الدول الأوروبية. وجاء اعتقال مسلم روسي في ألمانيا، كان يستعدّ للتوجه إلى بلجيكا، إلى جانب ثلاثة هولنديين من أصل مغربي في أمستردام، ليزيد من قلق الأجهزة الأمنية إزاء «الطابع الدولي المتشعب»، الذي بدأت تأخذه هيكلية الشبكات «الإرهابية». دفع هذا التطور الأجهزة الأمنية إلى وقف عملية رصد الشبكات، والإسراع بإحكام القبض عليها قبل أن يتفرق أفرادها ويختفوا. ففي بروكسل، أوقف أعضاء شبكة مكوّنة من ١٥ شخصاً من أصول مختلفة، وكشفت الشرطة أنها كانت تستعدّ لتنفيذ عملية «إرهابية كبرى»، بينما ألقي القبض على ١٧ شخصاً آخرين «احتياطاً». وعُرف أنّ جميع المشتبه فيهم يدورون في فلك «المركز الإسلامي البلجيكي»، الذي تنظر إليه السلطات بصفته «معقلاً للتطرف» الإسلامي في البلاد. ومن المعروف أن المسؤول عن المركز، بسّام عياش، هو من التابعية الفرنسية من أصول سورية، وكان على علاقة وثيقة بعبد الستار دهمان، التونسي المحكوم بتهمة «تجنيد متطوعين لحساب القاعدة». كما سبق أن قبض عليه في إيطاليا عام ٢٠٠٨ مع فرنسي، وفي سيارتهما عدد من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تعتقد أجهزة الشرطة الأوروبية أنهم «مجاهدون»، يُجلبون لأنه «لا أثر لهم في لوائح الشرطة».