أعاد تأكيد حلّ الدولتين و«العقبات الهائلة» أمام المفاوضاترسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما في جاكرتا جاءت لاستكمال ما قاله في القاهرة عن بداية جديدة مع العالم الإسلامي، غير أنها لم تكن موفقة، إذ إنها تناولت المضامين نفسها من دون أي اقتراحات لترميم الثقة الآخذة في التدهوراستغل الرئيس الأميركي باراك أوباما وجوده في أكبر دولة إسلامية، إندونيسيا، لتوجيه رسالة جديدة إلى الشعوب الإسلامية، بعدما فشل حتى الآن في تنفيذ الوعد الذي أطلقه في خطابه الشهير في القاهرة في حزيران 2009 عن «انطلاقة جديدة» تغير سياسة سلفه جورج بوش تجاه هذا العالم.
وفي خطاب أبرز شوقه لزيارة إندونيسيا، البلد التي أمضى فيه 4 سنوات من طفولته، قال أوباما: «إندونيسيا جزء مني». وأضاف أن تحول إندونيسيا انعكس في حياته الشخصية في السنوات الأربعين منذ أن غادرها شاباً عادياً وأصبح بعد ذلك رئيساً للولايات المتحدة. وتابع: «إذا سألتموني، أو سألتم أحد رفاقي في المدرسة الذين عرفوني آنذاك، فلا أعتقد أن أحداً منا كان سيعتقد أنني سأعود يوماً ما إلى جاكرتا بصفتي رئيساً للولايات المتحدة».
وتحدث أوباما أمام حشد من نحو ألف شخص عن إندونيسيا كـ«نموذج جيد لديموقراطية صاعدة». ورحب برفضها في الآونة الأخيرة لحقبة حكم سوهارتو السلطوي وانتهاجها الديموقراطية، قائلاً إنها أصبحت الآن قوة أساسية في آسيا. ورأى أن إندونيسيا نموذج للتسامح بين عدة ثقافات، قائلاً: «حتى وإن كانت الأرض التي عشت فيها شبابي قد تغيرت بعدة طرق، فإن الأمور التي تعلمت أن أحبها في إندونيسيا، ذهنية التسامح الواردة في دستوركم التي تشهد عليها المساجد والكنائس والمعابد، والمترسخة في شعبكم، لا تزال مستمرة».
وعن العلاقات مع الدول الإسلامية، قال أوباما: «في السبعة عشر شهراً الماضية حققنا بعض التقدم، لكن أمامنا الكثير من العمل»، في إشارة إلى خطابه في القاهرة. وأضاف: «ما من خطاب واحد يمكنه إزالة سنوات من انعدام الثقة»، لكنه وعد «بغض النظر عن الانتكاسات التي قد تحدث بالتزام الولايات المتحدة بتقدم البشرية. هذا هو نحن. وهذا ما فعلناه وما سنفعله».
ويدرك أوباما الأسباب التي تحول دون ترميم العلاقات بين أميركا والمجتمعات الإسلامية، المتمثلة في حروب بلاده وتدخلاتها في شؤون الدول الإسلامية. فحاول تبرير الفشل في ملف السلام بالشرق الأوسط، وقال إن عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية تواجه «عقبات هائلة» بعد إطلاق المحادثات المباشرة في أيلول الماضي. واستطرد قائلاً: «لكن ما من شك في أننا سنبذل كل ما بوسعنا في العمل للتوصل إلى نتيجة عادلة وفي مصلحة جميع الأطراف المشاركة: دولتان، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن». وأكد أن البناء الاستيطاني يجعل مفاوضات السلام أكثر صعوبة. وأضاف: «هذا النوع من النشاط غير مفيد على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بمفاوضات السلام. وأنا أشعر بالقلق من أننا لا نرى أياً من الأطراف يقوم بالجهد المطلوب لتحقيق انفراجة».
لكن الرئيس الأميركي تعهد بمواصلة الحرب على خلايا «القاعدة» على طول الحدود الأفغانية الباكستانية وفي دول مثل اليمن والصومال. وقال: «كلنا يجب أن نهزم القاعدة والتابعين لها، الذين لا يتبعون أي دين، وبالتأكيد ليس ديانة عظيمة وعالمية مثل الإسلام». وأضاف: «لكن الذين يريدون البناء يجب ألا يتراجعوا أمام الإرهابيين الذين يسعون إلى الدمار، وهذه ليست مهمة أميركا وحدها».
وألقى أوباما خطابه بعد زيارته مسجد الاستقلال، وهو الأكبر في جنوب شرق آسيا، حيث رافق إمام المسجد، الحاج مصطفى علي يعقوب، أوباما وزوجته ميشيل في جولته في المسجد.
ووضعت ميشيل غطاءً للرأس خلال زيارة المسجد، وهو ليس لزاماً على غير المسلمين، لكن يبدو أن أوباما أراد أن يؤثر بالمسلمين عبر إظهار الاحترام.
وكان من المتوقع أن يزور أوباما مزاراً دينياً مهماً آخر خلال جولته في آسيا، هو المعبد الذهبي في الهند، لكن تقارير إعلامية ذكرت أن الزيارة ألغيت بعدما أحجم مساعدون عن الفكرة؛ لأن الرئيس سيضطر إلى ارتداء عمامة هندوسيّة خلال وجوده في المعبد. وذكرت التقارير أن مساعديه خشوا من أن تُذكي صورته وهو يرتدي العمامة الشائعات عن أنه مسلم.
وبعد إندونيسيا، حطّ الرئيس الأميركي في سيول، حيث سيحضر قمة مجموعة العشرين، وسط خلاف بشأن العملات والخلل في المبادلات العالمية.
وسيلتقي في سيول اليوم المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل ونظيره الصيني هو جينتاو الذي دعا دول مجموعة العشرين إلى «تحمّل مسؤولياتها ومواجهة مشاكلها الخاصة».
وعقد كبار مسؤولي المالية اجتماعاً لصياغة مسودة بيان نهائي لدول مجموعة العشرين حول الاقتصاد العالمي سادته نقاشات صاخبة، ولم يتوصلوا خلاله إلى اتفاق. وفي رسالة إلى المجموعة، قال أوباما إن الاقتصاد القوي هو أهم إسهام تستطيع الولايات المتحدة تقديمه للانتعاش العالمي. ودعا نظراءه في المجموعة إلى «الاضطلاع بدورهم» لتخفيف حدة الاختلالات بين الدول المصدرة والدول المستوردة المثقلة بالديون.
(أ ف ب، أ ب، رويترز، يو بي آي)