خاص بالموقع - رأى خبراء إسرائيليون أن فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات النصفية لمجلسي الشيوخ والنواب الأميركيين، التي جرت أمس، لن يؤثر على العلاقات بين الدولتين ودعم واشنطن لإسرائيل وممارسة ضغوط عليها لتقديم تنازلات في عملية السلام مع الفلسطينيين.وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة «بن غوريون» في مدينة بئر السبع البروفسور نيف غوردون إن «نتائج هذه الانتخابات لن تؤثر على طبيعة العلاقات بين حكومة إسرائيل والولايات المتحدة، والادّعاء بأنه عندما يسيطر الجمهوريون على الكونغرس ومجلس النواب سيكون أسهل على إسرائيل الاستمرار في الاحتلال هو ادعاء يفتقر إلى أساس اختباري».
وأوضح أن «الحزب الديموقراطي سمح لإسرائيل بتنفيذ أمور والاستمرار في سياسة الاحتلال بصورة مشابهة للحزب الجمهوري، والسنتين الأوليين لإدارة الرئيس باراك أوباما تدل على أن الديموقراطيين لا يمارسون ضغوطاً على إسرائيل».
وأشار غوردون، الذي نشر مقالاً في صحيفة «لوس أنجلس تايمز» دعا فيه إلى مقاطعة بضائع المستوطنات، إلى أن أوباما لم ينجح في الحصول على شهرين «لا لإخلاء مستوطنات، وإنما فقط لوقف أعمال البناء في المستوطنات».
ورأى أن أوباما ليس ضعيفاً أمام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وقال «لو أن أوباما قرر أن حل الصراع الإسرائيلي ـ الفلسطيني في رأس سلّم أولوياته ويريد تحقيق ذلك، لكان بإمكانه تنفيذ ذلك، وخصوصاً أنه تمكن من تمرير قانون الصحة، الذي كانت المعارضة له أشد بكثير من رفض إسرائيل الضغوط الأميركية عليها (لتجميد البناء الاستيطاني)، لكن أوباما قرر أنه لا يريد ممارسة ضغوط جدية».
وفي ما يتعلق بمجمل العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة، قال غوردون إن الأمر المثير هو أن «60 إلى 70 في المئة من يهود الولايات المتحدة ليسوا مهتمين بإسرائيل، ومن جهة ثانية نشأ لوبي «جي ـ ستريت» (اليساري) الذي ينافس لوبي «إيباك» التقليدي المؤيد لإسرائيل».
ورأى الأكاديمي الإسرائيلي أن «هذين العاملين يشيران إلى حدوث تغيير، لكن هذا تغيير من أسفل ولا يملك تأثيراً على الكونغرس ومجلس النواب والبيت الأبيض حالياً، لكن بالإمكان أن نتوقع أن مكانة إسرائيل في هذه المؤسسات ستتراجع في السنوات المقبلة، الأمر الذي سيتيح ممارسة ضغوط على إسرائيل من أجل التوصل إلى حل مع الفلسطينيين».
رغم ذلك، أشار غوردون إلى تعزز قوة جماعة «حزب الشاي» اليميني التي وصفها بـ«المسيحية الصهيونية» في الكونغرس ومجلس النواب بعدما انتخب ممثلون عنه في الكونغرس، «لكن هذه المجموعة تحمل أفكاراً أساسية معادية للسامية»، ما يشير إلى احتمال الصدام بينها وبين اليهود.
كذلك ذكرت صحيفة «هآرتس» اليوم أن قادة المنظمات اليهودية الأميركية عقبوا على نتائج الانتخابات النصفية بصورة دبلوماسية، وأشاروا إلى أن كلا الحزبين الديموقراطي والجمهوري يؤيدان إسرائيل ويدعمانها، فيما قال متحدثون ينتمون إلى معسكر المحافظين إن التغيير الحاصل في الكونغرس هو في مصلحة نتنياهو.
ونقلت الصحيفة عن «آري فلايشر»، المتحدث السابق باسم البيت الأبيض في فترة الرئيس السابق جورج بوش، قوله إن نتائج الانتخابات هي «أمر كبير بالنسبة الى إسرائيل ومؤيديها، فتزعّم مجلس النواب إلى جانب أن كل واحد من مندوبي الحزب الجمهوري تقريباً يعلن تأييده الصلب لإسرائيل هو ما تحتاج إليه إسرائيل في هذه الأيام».
وأشارت «هآرتس» إلى أن زعيم الغالبية في الكونغرس جون بوينر، الذي سيخلف زعيمة الغالبية الديموقراطية السابقة نانسي بيلوسي، معروف بتأييده لإسرائيل، لكنه تعرض أخيراً لانتقادات شديدة من جانب أعضاء يهود في الحزب الديموقراطي بسبب تأييده لمرشح «حزب الشاي» اليميني المحافظ ريتش أيوت، الذي درج في الماضي على التنكر بزي ضابط نازي خلال نشاطات جرى فيها إعادة تمثيل معارك الحرب العالمية الثانية.
كذلك فإن عضو الكونغرس الجمهورية إيلانا روس ـ لاتينان، التي ستصبح رئيسة لجنة الخارجية في الكونغرس معروفة بأنها واحدة من أبرز أعضاء الكونغرس النشيطين في طرح المبادرات للدفاع عن المصالح الإسرائيلية وتهاجم إيران بشدة، ولا تفوّت المشاركة في ما يسمّى «يوم القدس» وهو ذكرى احتلال القدس الشرقية و«توحيد» شطري المدينة.
وقال عضو الكونغرس اليهودي عن الحزب الجمهوري إريك كنتور لـ«هآرتس» إن قيادة حزبه لمجلس النواب «ستسهم في تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وسنتمكن من الإشراف بصورة أفضل على السياسة الخارجية للإدارة الأميركية».
وأضاف كنتور «سوف نستغل غالبيتنا الواسعة من أجل أن نوضح أن إسرائيل القوية هي من بين المصالح الأخلاقية والاستراتيجية للولايات المتحدة وسوف نمارس ضغوطاً على الإدارة الأميركية من أجل ألا تمارس بدورها ضغوطاً على إسرائيل لتقديم تنازلات (في عملية السلام) من شأنها المس بأمنها».
ويتوقع أن يتخذ الجمهوريون موقفاً أكثر تشدداً تجاه إيران، وخصوصاً في إطلاق تصريحات بأن الخيار العسكري لا يزال مطروحاً، رغم أن مهاجمة إيران لا تتناسب مع الرسالة التي طرحها الجمهوريون في الانتخابات بشأن تقليص المصروفات.
من جانبه، أشار المراسل السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر، إلى أن نتنياهو يدرك أنه «ليس هناك أيّ احتمال لان تواجه إسرائيل وحدها إيران» وأن القرار بهذا الخصوص موجود لدى الرئيس الأميركي.
وشدد شيفر على أن نتنياهو يدرك أيضاً أنه لا يمكن الغالبية الجمهورية والكونغرس المعارض لأوباما أن يرغما الرئيس الأميركي على القيام بخطوات متشددة ضد إيران أو جعله يتراجع عن سياسته بتحريك عملية السلام في الشرق الأوسط.
وأشار في هذا السياق إلى أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بدأ يتحدث أمس عن أن نتنياهو سيبحث مع المسؤولين الأميركيين خلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأسبوع المقبل في أفكار جديدة لدفع عملية السلام مع الفلسطينيين.
ووفقاً لشيفر، فإن مسؤولين في مكتب نتنياهو يلمحون إلى أنه سيفاجئ الأميركيين بالإعلان قريباً عن الاستجابة لمطلبهم بتجميد البناء الاستيطاني على نحو محدود «لأن نتنياهو يدرك أنه بحاجة جداً إلى مساعدة أميركية للوقوف في وجه التهديدات ضد أمن إسرائيل».
وخلص إلى أن «أوباما بذل كل ما باستطاعته في الشهور الأخيرة من تزويد إسرائيل بكل ما طلبته في مجال السلاح والاستخبارات، ولم يحظ بشكر من جانب إسرائيل، بل إن نتنياهو رفض جميع مطالبه من أجل دفع المفاوضات مع الفلسطينيين، وبالإمكان التأكيد أن أوباما كان جيداً لليهود، والسؤال الحقيقي هو ما إذا سيكون نتنياهو جيداً للإسرائيليين».
(يو بي آي)