يبدو «طبيعياً» وجود تناقض بين طهران وعواصم الدول الكبرى حول الملف النووي الإيراني، إلا أن من «العجب» أن يكون التناقض بين الدول الغربية نفسها، فقد بات التباين واضحاً بين موقف الولايات المتحدة وفرنسا
باريس ــ بسّام الطيارة
حذّرت مصادر إيرانية، أمس، من أنها ستلجأ إلى نشر التسجيلات حول لقاء الدبلوماسيين الإيرانيين مع ممثلي الدول الستّ في جنيف، إذا أصرت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين آشتون، على التصريحات التي أدلت بها وأشارت فيها إلى أن المحادثات تركزت على الملف النووي، فيما خرجت التعليقات على نتائج الجولة الأولى من هذه المحادثات التي انتهت أول من أمس، متفاوتة ومتناقضة.
لكن بعض الأوساط الدبلوماسية الفرنسية حاولت، على لسان دبلوماسي مقرب من ملف المحادثات بين طهران والدول الست، نفي التباين بين الدول الكبرى (الولايات المتحدة وبريطانيا وروسيا والصين وفرنسا وألمانيا)، لدرجة أنه وصف خلال لقاء «خاص مع بعض أركان الصحافة» التعليقات الصحافية بأنها «مسلسلات تلفزيرنية». ورفض المصدر التعليق على ما أعلنته وزيرة الخارجية الفرنسية، هيلاري كلينتون، يوم الجمعة الماضي، في حديث للإذاعة البريطانية، حول «السماح لإيران في المستقبل وبعد التأكد من نواياها، بتخصيب اليورانيوم على أرضها بموافقة القوى الكبرى». ورأى أن إدارة الرئيس باراك أوباما «ليست على الخط نفسه»، ما استدعى تساؤلاً عما إذا كان هناك أيضاً تباين داخل الإدارة الأميركية بين البيت الأبيض ووزارة الخارجية. ولم يتردّد أحد الخبراء في القول «لقد أصبحت كلينتون كوشنير ثانياً»، في إشارة الى وزير الخارجية الفرنسي السابق برنار كوشنير. إلا أن التباين بين مواقف باريس وواشنطن بات لا يخفى على أي مراقب. ففيما بات واضحاً أن «أميركا تسعى لحماية إسرائيل»، يتبيّن يوماً بعد يوم، غياب أي استراتيجية فرنسية، ما عدا «البقاء في الملف»، إذ لم يستطع المصدر الرد على سبب غياب التقدم في هذا الملف الذي يبدو أنه يُطبخ «بعيداً وراء الكواليس» وأن «سياسة اليد الممدودة الأميركية» تخفي تحضيرات للمرحلة التالية التي وصفتها المصادر بأنها «إيران الجديدة». ويفسّر هذا تشبّث فرنسا بالملف ونظرة الريبة التي تواجه بها سياسة واشنطن تجاه طهران.
وينقل مسؤول دبلوماسي انطباعات خرجت من المفاوضات الأخيرة، قائلاً إن «النظام يعيش حالة ضيق ويبدو مشلولاً»، وإن رئيس الوفد الايراني سعيد جليلي، دخل الصالة «بعينين زائغتين». وأضاف إنه كان يتكلم «كأنه يكلّم شعبه لا المفاوضين»، كما أكد المسؤول أنه «لم يحمل معه أيّ اقتراح». ويضيف المصدر إنه «ادّعى أن وضع البلاد بات أحسن بفضل العقوبات» وإن إيران ستبدأ بتصنيع الكهرباء من دون أي مساعدة، وإن الجانب الإيراني رفض أي تنازل أو وقف للتخصيب وذلك «بسبب العقوبات التي فرضت علينا، كما رفض مبدأ الحصول على ٣٠٠ كيلوغرام من اليورانيوم المخصب».
وذكر المصدر أن جليلي ألقى في مستهل المفاوضات كلمة متشددة دان فيها الاعتداءين اللذين أدّيا الى مقتل عالمين إيرانيين متخصصين في القطاع النووي، واتّهم الغرب وإسرائيل بالوقوف وراء الهجومين.
في غضون ذلك (يو بي آي، أ ف ب، رويترز)، نقلت وكالة «فارس» للأنباء عن مصدر مطلع قوله إنه إذا أصرت آشتون على «تصريحها غير الحقيقي (بشأن مناقشة الموضوع النووي خلال محادثات جنيف)، فسينشر الجانب الإيراني التسجيلات الصوتية للمحادثات».
بدوره، أعلن جليلي أن القوى الكبرى وافقت على شروط إيران لمتابعة المفاوضات حول الملف النووي. وقال «بدأت هذه القوى المفاوضات بطرح وجهة نظرها، لكن إيران قالت لها إن المناقشات يفترض أن تستمر على أساس شروطها. لذلك غيّرت موقفها بجدية».
وأضاف المفاوض الايراني «بعدما أصرت إيران وجادلت»، وافقت القوى الكبرى «على أن يتناول اللقاء المقبل في اسطنبول التعاون في النقاط المشتركة» بين الطرفين لا على الملف النووي الايراني وحده.
وفي مدينة آراك وسط إيران، حيث يوجد مفاعل نووي يعمل بالماء الثقيل، جدّد الرئيس محمود أحمدي نجاد القول إن إيران لن تتخلى «في أي ظرف» عن حقها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة، أو بناء محطات نووية.
إلى ذلك، أعلن موقع «سحام نيوز» الإيراني المعارض، أن رئيس تحرير صحيفة «شرق» الايرانية الرائدة المؤيدة للإصلاح، واثنين من كبار الصحافيين، اعتقلوا بعد أشهر قليلة من عودة الصحيفة اليومية للظهور في أعقاب حظر استمر ثلاث سنوات.