باريس ــ الأخبارتصدّر إمرار «قانون الأمن الداخلي» في البرلمان الصحف الفرنسيّة، التي اعتبرته «هجوماً أمنياً» يتوّج سياسة الرئيس نيكولا ساركوزي التي روج لها منذ قبل وصوله إلى قصر الإليزية. وبالطبع لا يمكن فصل القانون الجديد عن القوانين السابقة المتعلقة بالهجرة وربطه بـ«خطاب ساركوزي» ومسار «المحافظين الجدد» الذي أسس له. القانون الجديد وسّع إطار الإجراءات لتطاول شرائح عديدة من الميادين الحياتية للفرنسيين، من قانون السير إلى القرصنة الإلكترونيّة أو التحايل على شبكة الإنترنت، مروراً بكل الإجراءات المتعلقة بالعقوبات ضد الجانحين والمهاجرين غير الشرعيين مع تشديد الرقابة الأمنية.
وبطبيعة الحال، حمل القانون عدداً من الأمور التي وعد بها ساركوزي في خطاب غرونوبل الشهير في الصيف الماضي، الذي وصفه خصومه السياسيون حينها بأنه «مزايدة سياسية على الجبهة الوطنية»، وفي مقدمها النص على «حد أدنى من العقوبات» يراوح بين ٦ و٢٤ شهراً لمرتكبي أعمال العنف.
القانون الجديد يُجبر القضاة على التزام هذا الحدّ الأدنى من العقوبة على الجانحين، رغم احتجاجات الجمعيات التي تشير إلى «حال السجون الفرنسية» التي انتقدتها المنظمات الإنسانية والاتحاد الأوروبي.
كذلك مد التشريع الجديد فترة الحدّ الأدنى لسجن «قتلة رجال الشرطة» لتصل إلى ٣٠ سنة، ووسّع شريحة من يخضع للرقابة، التي تلي تنفيذ العقوبة، لتطاول كل من تجاوزت عقوبته ٥ سنوات. هذا إذا كان الجاني فرنسياً، أما إذا كان لا يحمل الجنسية الفرنسية فقد صوت النواب على ما بات يشار إليه بأنه «حكم مزدوج» أي «منع من الإقامة على الأراضي الفرنسي» مباشرة بعد تنفيذ الحكم، أي الطرد، رغم أن شرعة حقوق الإنسان الأوروبية في بندها رقم ٥٠ تقول «لا يمكن معاقبة أو ملاحقة أي كان بسبب جرم أو جنحة سبق أن عوقب عليها».
ولم يسلم القاصرون من القانون الجديد، إذ بات بإمكان المدعى العام ملاحقتهم من دون استشارة قاضي الأطفال. الجديد أيضاً في القانون مرتبط بالجرائم الرقمية، إذ يسمح بـ«فلترة» المواقع التي «يشتبه في أنها بورنوغرافية» ويجبر موزعي المواقع على سحب كل ما له علاقة بـ«الجنس الطفولي» (بيدوفيليا) أو ما يمكن أن يشجع عليه.
ويثير هذه التشريع حفيظة عدد من المدافعين عن «الحرية على الشبكة»، خوفاً من أن «تمتدّ الرقابة إلى مواضيع أخرى». وقد جاء انتقاد برقيات «ويكيليكس» ليزيد من قناعة هؤلاء بخطورة قوانين «تنظيم تبادل المعلومات على الشبكة» وإمكانية أن تطاول «حرية الرأي وحرية الإعلام».
ولا يكتفي القانون بتشديد الرقابة عبر الإنترنت، بل يسمح برقابة الهواتف والاتصالات الرقمية والهوائية، بعد إشارة من القاضي في حالات التحقيق بجرائم منظّمة. ويطبّق القانون في الشارع عبر تشريع استعمال الفيديو لمراقبة الجنوح في المدن.
وعلمت «الأخبار» أن بلدية باريس، التي يرأسها الاشتراكي برنار دولانويه، تستعدّ لمدّ شبكة رقابة عبر الفيديو بقيمة ٢٠٠ مليون يورو في العاصمة الفرنسية بالتوافق مع الأحزاب الكبرى.
ولا يتوقف التوافق بين الحزب الاشتراكي وتجمع الأكثرية الشعبية على مسائل الرقابة، بل يمتد إلى «التخلص من بؤر الفقر»، وهو التعبير المستعمل لطرد مخيمات الغجر «غير الشرعية». ولا يقتصر الأمر على رغبات ساركوزي، بل سُرّبت بعض المراسلات بين مارتين أوبري وشرطة منطقة مدينة ليل (شمال)، التي ترأس بلديتها، تظهر مطالبتها بـ«العمل سريعاً على ترحيل سكان مخيم غير شرعي». وقد بات القانون الجديد يسمح بترحيل الأجانب خلال ٤٨ ساعة من دون أي مرافعة متعارضة. وقد استفز هذا البند عدداً من الجمعيات الناشطة، التي نددت بقانون «تجريم الفقراء».