يكاد لبنان يختنق بالعدد الهائل للسيارات الخاصّة التي تضيق بها الطرقات. فقد تعمّم اقتناء السيارة الخاصة مع الطفرة التي شهدها عقد التسعينيات. أتى ذلك مدفوعاً بعوامل مختلفة، أبرزها عدم وجود بديل كافٍ لحل مشكلة حركة النقل، إضافة إلى تسهيل عملية امتلاك السيارات من خلال القروض المصرفية الاستهلاكية. وكانت هذه التعقيدات دافعاً لتصدر الدولة اللبنانية أكثر من إصدار لبيع وترخيص لوحات عمومية، لزيادة عدد سيارات التاكسي والسرفيس واستيعاب الكثير من العاطلين من العمل الذين يلجأون إلى العمل في هذا المجال. وقد حدث هذا الأمر في موجات عدّة، أُولاها كانت في نهاية التسعينيات ثمّ في فترات أخرى.

عدد السيارات الخاصّة في أول الألفية الحالية كان نحو 800 ألف سيارة في بلد عدد سكانه 3.5 ملايين نسمة، أي 228 سيارة لكل 1000 نسمة. إلا أنه ارتفع بشكل كبير حتى تضاعف فبلغ اليوم 1.7 مليون سيارة، لمجموع المقيمين على الأراضي اللبنانية، البالغ عددهم نحو 6.2 ملايين نسمة، أو 274 سيارة لكل 1000 نسمة. هذا العدد من السيارات هائل بالنسبة إلى بلد صغير مثل لبنان.
في الوقت نفسه ارتفع عدد الباصات المشغَّلة من الشركات الخاصّة، من نحو 600 باص في عام 1996 إلى 2400 باص في عام 2000، وهي زيادة بنسبة 3000% خلال أربع سنوات فقط. في الواقع لا يوجد تقدير دقيق لعدد باصات القطاع الخاص في لبنان اليوم، وهذا الأمر بحد ذاته هو إحدى مشكلات التنظيم في القطاع. لكنّ الأزمة ألقت بثقلها على شركات القطاع، التي تحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة لإعادة الاستثمار، من خلال صيانة الباصات وشراء أخرى جديدة، لكنّ جدوى هذه الاستثمارات لم تعد كما كانت سابقاً بسبب تضرر حركة النقل في البلد بفعل الأزمة، وهو أمر يهدّد القطاع بأكمله.