كان لافتاً اتفاق الشقّين الرئيسيين من المعارضة السورية، أي «المجلس الوطني السوري» و«هيئة التنسيق الوطني»، على الترحيب بقرارات وزراء الخارجية العرب التصعيدية ضد سوريا، التي قضت بتعليق عضوية دمشق في الجامعة، بدءاً من يوم الأربعاء المقبل، فيما رأت تركيا ضرورة قيام المجموعة الدولية بالتحرك بصوت واحد إزاء «التطورات الخطيرة في سوريا».
وفيما وضع «المجلس الوطني» قرارات يوم السبت في خانة «الخطوة في الاتجاه الصحيح، وتمثل إدانة واضحة للنظام السوري الذي أمعن في عمليات القتل والتدمير»، فإنّ رمزين أساسيين من «هيئة التنسيق»، هما حسين العودات وابن شقيقه هيثم مناع، أعلنا مواقف مماثلة.
وكشف منّاع، في اتصال مع «الأخبار»، أنه لم يفاجأ بقرارات وزراء الخارجية العرب، على قاعدة أنّ جوهر هذه القرارات «نحن من طالبنا الجامعة العربية باتخاذها». ويعرب مناع عن سروره لأن الوزراء العرب قرروا تعليق عضوية سوريا لا تجميدها، لأن التجميد كان سيعلن وفاة المبادرة العربية التي اتفق عليها في الثاني من الشهر الجاري القائمة على سحب الجيش السوري من المدن والإفراج عن المعتقلين وإرسال مراقبين عرب إلى سوريا.
وعن ارتباط المبادرة العربية بقرارات وزراء الخارجية العرب، يرى مناع أن الخطة العربية كانت بحاجة الى «صدمة كهربائية وآلة إنعاش لإحيائها»، ويبرر ترحيبه بقرارات العرب بالقول إنّ سلوك النظام جعل من أن «الخيار العربي هو الأقل سوءاً كي نتجنّب التدويل الذي يرفضه الجميع ويسعى الأتراك وحدهم إلى حصوله عن طريقهم، وهو الذي سيؤدي إلى حصول كارثة لن تسرّ إلا الإسلاميين في سوريا»، وهو الموقف الذي تصيغه «هيئة التنسيق» بشعار «لا دولة الملالي ولا دولة الباب العالي».
وعن ردة الفعل السورية الرسمية التي أوحت بأن السلطة فوجئت بقرارات العرب، يلفت منّاع إلى أن القرارات كانت نتيجة لتعاطي النظام في دمشق مع المبادرة العربية بـ«مصطلحات رئيس وزراء قطر حمد بن جاسم، أي باللف والدوران». ويتابع منّاع بالكشف عن أنّ «هيئة التنسيق» هي مَن طالبت الجامعة العربية بعقد قمّة عربيّة طارئة حيال الأزمة السورية «ستكون مفيدة لو حصلت»، معتبراً أنّ السلوك العربي الذي ظهر أول من أمس في القاهرة «يكشف عن جدية أكيدة».
بدوره، رحّب العودات بقرارات الجامعة العربية، ورأى أنها «بداية لحل الأزمة السورية، وأنها إيجابية بالنسبة إلى المحتجين والمتظاهرين وقوى المعارضة، وربما تساعد على وضع الأزمة السورية في طريق الحل بعدما أصبح النظام السوري في موقف حرج جداً، وبعدما أغلق الباب أمام كل الحلول وذهب إلى الحل الأمني وجرّ عليه مثل هذه القرارات».
في غضون ذلك، دعت تركيا، أمس، المجموعة الدولية الى التحرك بـ«صوت واحد» إزاء الوضع في سوريا، فيما أرسلت واشنطن مساعد وزير الخزانة الأميركي دانييل غلاسر، الى العاصمة الأردنية عمان لإطلاع المسؤولين على العقوبات التي تفرضها بلاده والاتحاد الأوروبي على سوريا. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان، إن «موقف الحكومة السورية يكشف ضرورة قيام المجموعة الدولية بالتحرك بصوت واحد إزاء التطورات الخطيرة في سوريا».
وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بقرار اجتماع الجامعة العربية «الذي اتخذ موقفاً قوياً وشجاعاً يتعلق بالوضع في سوريا». وفي واشنطن، قال الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في بيان أصدره البيت الأبيض «أحيّي القرارات المهمة التي اتخذتها الجامعة العربية اليوم (السبت) ومن بينها تعليق عضوية سوريا ودراسة فرض عقوبات اقتصادية عليها» بعد «إخفاق النظام السوري الفاضح في الالتزام بتعهداته» بوقف قمع تظاهرات المعارضة وانتهاكات حقوق الإنسان. وقالت السفارة الأميركية في بيان إن غلاسر سيناقش في عمان «محاولات محتملة من الحكومة السورية لتجنب العقوبات، وذلك من خلال القطاع المصرفي الأردني».
ودعا حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن الحكومة الأردنية الى سحب سفيرها من دمشق، معتبراً أن «النظام السوري فقد عقله وبات يعدّ ساعاته الأخيرة». وفي لندن، قال متحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، إن «هذا يبعث برسالة واضحة الى الرئيس الأسد ونظامه اللذين يواصلان رفض السماح بتحول سياسي في سوريا، كما أنهما مسؤولان عن تصعيد في العنف والقمع».
في المقابل، قال المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ، في تصريح بثته الفضائية العراقية الحكومية، إن «قرار الجامعة العربية بشأن سوريا جاء بطريقة غير مقبولة، لأن هذا الأمر لم يتخذ إزاء دول أخرى لديها أزمات أكبر من الأزمة السورية».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)