عكا | لم يكن يوم أمس عادياً في فلسطين. منذ الصباح الباكر، امتلأت الشوارع الفلسطينية بالأعلام واللافتات التي ترحّب بتحرير الأسرى. كذلك، تزيّنت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات مشابهة، وبتعليقات، وروابط ومقالات تنقل لحظة بلحظة آخر التطورات المتعلقة بصفقة تبادل الأسرى بين «حركة حماس»، والاحتلال الإسرائيلي. هكذا انتشرت الصور من رام الله، وغزة، واللد، وأم الفحم، وإبطن، والجولان السوري المحتل. إلى جانب مقاطع الفيديو التي التقطت بعدسة الهواتف النقّالة ونُشرت على موقع يوتيوب، احتفالاً بإنجاز المرحلة الاولى من الصفقة التي أدّت إلى تحرير 477 أسيراً.
البداية كانت مع «حركة جائعون للحريّة» التي تعتصم في «ساحة الأسير» في حيفا تضامناً مع الأسرى المضربين عن الطعام في سجون الاحتلال. إلا أن الحركة أعلنت فك خيمتها بعدما رضخت السلطات الإسرائيلية لمطالب الأسرى، فعلّقوا إضرابهم. وأعلنت الحركة استمرار الأمسيات والنشاطات في الساحة نفسها طيلة ثلاثة أيام. كذلك دعت الفلسطينيين إلى حضور احتفال تحرير الأسرى وتحقيق مطالب الحركة الأسيرة. أما على موقع تويتر، فانتشرت التعليقات أو «التويتس» حول الموضوع نفسه. هكذا قرأنا على الموقع الشهير تعليقات عدة من بينها «الصفقة شملت أسرى من غزّة والضفة وحيفا واللد والجولان. هذا وحده إنجاز غير مسبوق وبصقة في صميم العقيدة الصهيونية». «تويت» أخرى نُشرت وتداولت كثيراً هي «سنكون في مثل قوة إسرائيل، وسنتمكن من مواجهتها إذا كانت قيمة المواطن عندنا كقيمة شاليط عندهم». أما الناشطة السياسية الفلسطينية عبير قبطي من الناصرة المحتلة، فقالت على حساب تويتر الخاص بها: «الذين لم يعيشوا يوماً تحت الاحتلال لن يفهموا روح الإحساس الوطني في فلسطين اليوم!».
ومن خلال الموقع نفسه أيضاً، قال الشاعر والكاتب الفلسطيني مريد البرغوثي حول صفقة تبادل الاسرى: «أيها الناس افرحوا الآن لحرية الأسرى. لحظات الفرح خُلِقَتْ لكي تُعاش/ لا لِتُحلَّل في المعامل». إضافة إلى ذلك، احتوى الموقع «وتوتات» عدة تحتوي تحيات لـ«حركة حماس» وقيادتها.
أما على فايسبوك، فكان الفضاء أوسع للتعبير عن فرحة الناشطين الافتراضيين بهذه الصفقة. هكذا قرأنا روابط لمقالات وأخبار، إضافة إلى الصور والفيديو. وكتب أحدهم على الموقع: «الأسير الفلسطيني هو أول أسير في العالم يتم تحريره بنقله إلى سجن أكبر من سجنه وبكثافة سجناء الأعلى في العالم... سجن غزة». إضافة إلى «ستاتوسات» مقتبسة من قصائد لشعراء فلسطينيين أمثال محمود درويش، وسميح القاسم، ومقاطع من قصائد مغناة مثل «وتموت شريعة هولاكو». كذلك انتشرت بكثافة اقتباسات قالها قادة فلسطينيون كالجملة التي قالها حكيم الثورة، جورج حبش ضمن خطابه الذي ألقاه خلال تحرير الأسرى عام 1985: «نلتقي اليوم لنحتفل بتحريركم، وفي الغد مهما طال الزمن، سنحتفل حتماً بتحرير الأرض، تحرير القدس، تحرير كلّ أرض فلسطين».
من الجولان السوري المحتل، وصل إلى الشبكة الإلكترونية عدد هائل من الصور ومقاطع الفيديو المصورة بكاميرا الهواتف النقالة التي تسجّل وصول الأسير السوري المحرر وئام عماشة إلى بلدته. تنقل المشاهد الحيّة أثناء دخول عماشة إلى بلدته وهو على ظهر السيارة. المسيرة التي انطلقت في مجدل شمس ترحيباً به غصّت بالأعلام السورية والفلسطينية وزغاريد الفرح والهتافات التي أطلقها المستقبلون تضامناً مع الثورة السورية منها «الله سوريا حرية وبس».
ولعلّ ما يميز وسائل الإعلام الجديد هو عامل التوثيق والنشر في فضاء قادر على الوصول إلى قسم كبير من الناس من خلال البثّ الحي والمباشر الذي يُعد بمثابة الأرشيف الأكبر. هنا لم يعد للأرقام معنى، بل لكل أسير صورته واسمه وقصته كاملة. هكذا تعرّف العالم أمس عبر الشبكة العنكبوتية إلى أسرى وأسيرات أمضوا سنوات خلف قضبان الاحتلال. وكان لافتاً تخصيص هامش واسع من هذا الفضاء الافتراضي لتوجيه تحية إلى الأسيرات الـ27 المحررات فظهرت صورهن وقصصهن واضحة وموثّقة.