العدو ما زال على الأبواب. صارت مارون الراس ذاكرة في 2006، وفي 2011 أريد لها أن تصير ممرّاً. إلى فلسطين إذاً، يقول السهم بالأبيض الواضح، الذي يقفز إلى عينَي العابر في نهاية الطريق السريع من مدينة صور. خذ مفترق الزرارية وصولاً إلى بلدة أنصار. اللافتة الخضراء الصغيرة تقودك. هذا الساحل الأزرق، اللامع بقوة الشمس إلى يمينك، يمتدّ إلى حيفا. لكن، قبل حيفا، التي كان أهالي «مارون» يدلفون إليها قبل النكبة، عليك الوصول إلى الحدود. وعليك ما عليك: أن تعترف بكثرة الزيتون في قانا، ورحابة التلال المحيطة ببلدة صديقين. كل قرية ترفع صور شهدائها بدورها. القرى سجينات ذاكرة تموز.
صعوداً باتجاه حاريص، حداثا، الطيري، قبل المحطة المركزية: «مثلث التحرير» الذي يتألف من بلدات يارون ـــــ بنت جبيل ـــــ مارون الراس. في «عاصمة التحرير»، تحديداً، يمكنك أن «تلمس» أن قول الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصر الله كان صحيحاً: «اسرائيل أوهن من بيتِ العنكبوت»، والحياة طبيعية في القضاء. لكن البلدة ـــــ المدينة تغيّرت قليلاً، وباتت تنتشر فيها صور نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري بنحو لافت. مجدّداً يطالعك السهم المثبت في ساحة بنت جبيل، مثبت ثبات من وضعوه على الطريق بإصرار: «فلسطين على بعد 10 كلم». تقطع «صف الهوا»، وحاجزاً «متواضعاً» للجيش اللبناني، والأحياء الأخرى، في معقل «حزب الله»، من دون أن يسألك رجل واحد عن هويتك. وبعد «تلة مسعود» تصل إلى مارون الراس من دون أن تشعر، حيث «الأرض بالأرض». فلسطين: 1 كلم. «أفيفيم» على بعد حجر. على بعد نظرة واحدة فقط.
هنا مارون الراس. هنا فعل الدم بالأرض فعل الوشم بالجسد. غطى منها مساحة لا تحتمل وصبغها بآثاره. ثمة موت كثير في تلك البلدة الوقور لم يمت بعد. ما زال حضوره قوياً؛ على الأعمدة التي ترفع صور ضحاياه، في الرايات السوداء الرانية إلى فلسطين، وداخل المقبرة المنسية بلا أسوار. المقبرة ملقاة على أطراف الطريق المؤدي إلى «المنتزه». الجميع يعرف «المنتزه». وإذا أوقفت رجلاً وسألته فلن ينتظر السؤال. باتت الحديقة معلماً وسيجيبك، قبل السؤال: «المنتزه» على رأس الجبل، هناك. أتى كثيرون بعد الحرب. الكاتب الأميركي نعوم تشومسكي تفحص المنطقة جيداً بنظارته السميكة. عزمي بشارة صال وجال بين بنت جبيل ومارون الراس. المناضلة الجزائرية جميلة بو حيرد رفعت شارة النصر قرب فلسطين. جوليا أتت أيضاً. وكثيرون يتذكرهم أهل المنطقة. يتحدّثون عن «مصريين وسعوديين وأميركيين وجنسيات أخرى»، لكنهم ينسون أسماء الزائرين. المساحة المقدّسة من ذاكرتهم مخصّصة للحرب وحسب. بيد أن المقبرة منسيّة. كأن القبور فيها قبر واحد، وكأن الموتى كلهم ميت واحد. الفراغ الرهيب بين المنازل البسيطة والأودية السحيقة يضخّم صوت كل شيء في القرية المستترة تحت كنف الجبال. فراغ لا يتوقف عن صناعة الأصداء. يضخّم بوق سيارة الإسعاف المارة بالصدفة في 9 تموز 2011. كانت تنقل مريضةً إلى المستشفى المتواضع في بنت جبيل. منذ ستة أعوام كانت تلك السيارة «أنشط». وكان سائقها أكثر شباباً. شيّبته الحرب. شيّبته الأشلاء التي نقلها من الركام إلى البرادات. من عيتا القريبة نقل «مجزرة» وفعل الأمر مثله في عيترون. هكذا يعرّف المشهد في تموز 2006. الموت بالجملة والنجاة بالمفرق. من لم يصَب أو يقتَل، لم ينس ولن ينسى. السائق يضحك لأن المريضة في السيارة لن تموت ولأن الحرب انتهت، وقد وضعت أوزارها في عيون الأيتام. فالمباني عادت. يرحل السائق الشاب ذو الشعر الأبيض. ويضخّم الفراغ صوت الرجل الكويتي الواقف على قارعة الجبل هو الآخر. تعرفه من زيّه الخليجي الأبيض. أبيضُ نافر لشدة الاخضرار المحيط بالبلدة. يشير الرجل بإصبعه مزهواً إلى البيوت في المستعمرات المعادية. يقول لزوجته: «انهزموا طبعاً انهزموا». يقول إنه لم يكن يصدّق أن فلسطين قريبة إلى هذا الحد. الأمر أشبه بـ«فيلم» بالنسبة إليه. يأخذ الصور التذكارية مع عائلته. يديرون ظهورهم «كي تبدو القدس وراءهم». كأنهم غير مصدقين. يسألون شباباً مارّين عن «مكان المعارك». أحد الشباب يقول: هنا. لا تبدو إجابةً مقنعة. لكن الشاب الجنوبي يصرّ، بلهجته الجنوبية المحببة: «هنَهتي محل منك واقف». وطبعاً في أمكنة أخرى. ودائماً للأصداء حيّز لافت في مارون الراس. صوت المسجد الذي ضربه الإسرائيليون بات أقوى مما كان عليه، وبات يغطي كل شيء آخر في الجنوب.
في الحديقة يستقبلك علم ايراني ضخم. مصحوباً بصخب الهواء، يرفرف فوق الجبال. من الآن وصاعداً أنت لست في لبنان الذي تعرفه. أنت منذ الآن «سائح». أمام كل خيمةٍ، داخل الحديقة، لافتة لتعرّفك أين أنت. وفوق الخيمة، لافتة تحمل اسمها. أما الأسماء؟ فمحافظة أردبيل، أصفهان، بو شهر... إلخ. الناس لا يستغربون «ثقافة» المنطقة الجديدة بل يحبونها. هم يعرفون عيتا الشعب، وعيترون، وهذه القرى. لم يجدوا أنفسهم بحاجةٍ إلى لافتات للدلالة إليها. حتى إن أحدهم سخر من السؤال عن أسباب هذه التسمية، فقال: «ألم تقرأوا اللافتة في الخارج؟» هذه «حديقة إيران». ولا حاجة للناس، بأن يعرفوا مارون أو عيتا. يمكن الراغبين في ذلك «معرفة القرى الحدودية من التلفزيون والصحف». برأي الشاب، «الحديقة لإيران وإيران حرة أن تفعل بها ما تشاء». الحديقة أبهى من أي وصف محتمل، لجهة الموقع المواجه لفلسطين، والمشهد الطبيعي المحيط بها. وبمعزل عن «التباس» الأعلام، لا شك في أن الحديقة تغيظ الإسرائيليين... وبعض اللبنانيين.
لا غرباء في الحديقة. معظم الروّاد من «الأهل»، الذين تحفظ ذاكرتهم المعارك بإتقان. لم يكن المقاتلون من مارون الراس وحدها. مارون ليست الأم الوحيدة. وصادف، في الحديقة، أن يكون بين روّادها «نازحون» قدامى، من بلدة يارون المحاذية. سمعوا عن معارك مارون الراس طبعاً. عاشوها. لكن أكثر من يذكرونه هو «الشهيد رضوان صالح». فقد كان رضوان أميركياً. يُحكى عن سلاح أبيض في تلك المعارك وعن أساطير. شهد رضوان، بحسب أقربائه، على انهيار المنظومة «التخويفية» الاسرائيلية انهياراً تاماً. كان رضوان من جيلٍ أسطوري. بيد أن هذا الجيل وإن ترك بصماتٍ حادة على سطح المجتمع الجنوبي، فلا يعني أن هذا المجتمع مرتاح تماماً. صحيح أن الجنوبيين يشعرون بثقة «هائلة» بالمقاومة وحزبها، ملتفّين حولهما، إلا أن القلق حقيقي أيضاً. فقد أجاب كثيرون: «لا نعرف متى تندلع الحرب». ربما يكونون نياماً في منازلهم. صحيح أنهم اعتادوا اقتراب المسافة، والعيش تحت أنظار العدو، لكن الأمر مؤرق. وقد يكونون عند انطلاق «ساعة الصفر» بموسم الزيتون، الذي لم تبق منه الطائرات المعادية الكثير، أو في «حديقة إيران» نفسها، التي تغيظ الإسرائيليين. لا أحد يعرف متى تندلع الحرب وكيف تنتهي. لا أحد يمكنه الجزم بأسماء الشهداء الجدد أو أعمارهم ومقاسات توابيتهم. لا أحد يعرف أي المنازل سيبقى. في مارون الرأس ليس صعباً على الزائر اطلاقاً أن يكتشف أن معظم المنازل يعود بناؤها إلى عامي 2007 و2008. وطبعاً، لا أحد يمكنه أن يجيب عن السؤال الأصعب: أين يتحصّن المقاومون؟
كالعادة، لن تلمح مقاوماً واحداً. أسرار المقاومة لم تنكشف بعد. ورغم الحديث الشعبي في الجنوب، عن تبدّل «التشكيل القتالي» في الحزب، لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الداخلين إليه بعد حرب تموز، فإن النتائج لم تتغير. المقاومون «أشباح». لا وجود لهم. حسن (اسم مستعار) أحد هؤلاء العارفين ببعض الخبايا. فلنفترض أنه ابن البلدة (مارون الراس). مجرد واحد من هؤلاء الذين «يتنفسونها». وهم من طينةٍ ريفية صرفة، معجونة بالصخر والماء. الصخر في حركات اليدين للتدليل على شدة المعركة، والماء من القلب الصغير المولع بالأزقّة. صور هي أبعد نقطة وصلها حسن. نضج المقاتل وصار والداً. من على مقعده الوثير المطلّ على الأراضي المحتلة، يشرح مزهواً «أهمية مارون الراس الاستراتيجية». ترتفع ألف متر تقريباً عن سطح البحر، وهذا ـــــ على الأرجح ـــــ يفسر صلابة أهلها. تستلقي فوق «جبل مارون» المنقسم ـــــ بفعل الاحتلال ـــــ إلى شطرين. أوّلهما في جنوب لبنان، ويُرى منه «مثلث التحرير» بالعين المجردة، وتالياً، من دون الحاجة إلى مناظير، لا ليلية ولا نهارية. أما الشطر الثاني، فيخيّم فوق قرى «إصبع الجليل». الرأس لمارون والإصبع للجليل. في المحصلة، التسميتان دلالة على العلو الجغرافي، ما يوحي بأهمية «لوجستية» قد لا يفطن الى تفاصيلها إلا «العسكر». ونظراً لتلك الطبيعة الجغرافيّة، لا تبدو «أفيفيم» كمستعمرة «زرعيت» أو «المطلة»، أو حتى «كريات شمونة». ببساطة، من مكانٍ ما، في مارون الراس، يبدو الجنود الإسرائيليون صغار الحجم، خلف السياج الشائك، أو كالـ«برغش خلف المنخل»، كما يحلو لحسن وصفهم. وهذا الشعور «المفرط» بالقوة ليس عبثياً. باقر، صديق حسن، يتذكر المعارك. ينقلها «كما سمعها». أولها وأنجحها للمقاومة، كانت «موقعة جل الدير». الجل المستريح على أطراف مارون. حينها، قصف العدو الجبل، لـ«تنظيف» المنطقة. وبعد «التنظيف»، بدت الساحة خالية لوحدات «النخبة» الاسرائيلية، تماماً كما بدت للسائح الكويتي. أتوا إلى «الفخ» بمعنوياتٍ عالية (يضحك هنا). يرفض ذكر اسم «المقاوم الأول» في مجموعة المقاومة. نخبره أن الناس جميعاً في مارون الراس يعرفونه، فيزداد رفضه حدةً. كان رجلاً واحداً ببندقية كلاشنيكوف، وبعض القنابل اليدوية، في مواجهة مباشرة مع «وحدة إيغوز». هذا هو المقاوم وسيبقى هكذا بلا اسم. تبخر المقاوم، الذي قتل ثلاثة اسرائيليين. وفي مرحلة لاحقة من الحديث، يتذكر باقر «صائد الميركافا». لكن تلك حكاية أخرى تفاصيلها الأرفع تكمن في «وادي الحجير».

لا يخضع حسن لـ«نشوة النصر» كما رفيقه. يستدرك: «الإسرائيليون شرسون». وفعلاً، خلال الحرب، استمرت وحدات الجيش الاسرائيلي بالتدفق إلى القرية، غالباً في ساعات النهار الأولى، وكانت «حرب شوارع». وغالباً، كانت الحكاية كالآتي: «يشتبه» الاسرائيليون في وجود مقاومين في منزل ما، فيدخلونه، ويصابون بواحدٍ من ثلاثة احتمالات. الأول هو انفجار المنزل فوق رؤوسهم، بعد رصد المقاومة دخولهم إليه. الثاني، أن تدور حرب ـــــ على مسافة أمتار ـــــ بينهم وبين المقاومين الذين يألفون المكان كما تألف الرئات الهواء. والاحتمال الثالث، وهو ما حدث كثيراً، أن تتحول القوة الغازية سجينة داخل المنزل المحتل. غالباً ما كانت تنقذهم الطائرات، كما حدث في آخر أيام الحرب، بوادي «مريمين» القريب من قرية ياطر آخر قرى القضاء. وفي إحدى المرات «جن الإسرائيليون قبل أن يجدوا قتلاهم على الأرض». يكرّر حسن «إعجاباً» خفياً بما يسميه «العقيدة القتالية الإسرائيلية»، فهم «لا يتركون قتلاهم»... ويعودون دائماً. وفي منازل مارون، القليلة الناجية، آثار أقدام معادية. بيوت لم يستطع الإسرائيليون البقاء فيها. قبل عام 2000 كانوا محتلين. لكن 2006 ليست مثل 2000 وما قبلها. وتالياً، 2011، أو 2012، أو 2020 ليست مثل 2006.
رغم مرور خمسة أعوام (أو حتى بعد عشرين عاماً) لا يمكن المرور بمارون الراس من دون الحديث عن شهدائها. «ساجد» و«جواد». تقريباً، صار الرجلان في الوعي الجماعي يحظيان بمكانة القناص الروسي الشهير فاسيلي زايتسيف في قلوب الروس. المقاتل الذي أسهم في طرد النازيين من «ستالينغراد» خلال الحرب العالمية الثانية. لكن هنا «الجنوب غراد»، والنازيون هم الاسرائيليون. الغزاة يتشابهون. وساجد هو سامر نجم: «أسد اليوم السابع». اليوم الذي دخل فيه العدو إلى مارون الراس. وجواد هو محمد دمشق. يعرفه أهل المنطقة بـ«جواد عيتا»، نسبةً إلى قريته عيتا الجبل، وإلى كثرة حمل الاسم (جواد) في صفوف المقاومين. خاض الرجلان معركةً وحدهما على المحور الغربي، وصولاً إلى وسط مارون الراس، قبل أن يقتحما منزلاً تحصنت بداخله وحدات النخبة الإسرائيلية... هرباً.
استشهد ساجد وجواد لاحقاً برصاص القنص. ويُحكى، في صفوف الجنوبيين، أن الشهيدين أصيبا غدراً في ظهريهما. ويُحكى، أيضاً، أن مارون الراس لن تكون «محطة فخاخ» في «الحرب المقبلة». ستكون شيئاً آخر. ربما «محطة انطلاق». هكذا يتحدثون في الجنوب، والله أعلم.



الصمود هنا والأضواء في «أفيفيم»

لا بئر ارتوازية واحدة في مارون الراس. ينتظر الأهالي تجمّع المياه في بركتين طبيعيتين، من شتاء إلى شتاء. ووفقاً لرئيس البلدية، ابراهيم علوية، فإن الكهرباء «في أسوأ حالاتها أيضاً». وإذا استثنينا «التقنين القاسي» الذي تعانيه مثل جميع قرى بنت جبيل، فإن القرية بحاجةٍ إلى «محوّلات متطورة»، إذ إن الموجودة حالياً، توفر في أحسن الحالات «170 فولت فقط». في الليل، يسقط الظلام على القرية، شبحاً أسود مرعباً، بينما تسرق أضواء مستوطنة «أفيفيم» المقابلة النظر. الكهرباء لا تنقطع في «اسرائيل». والجدير بالذكر، أنه لا مولدات أو اشتراكات بديلة في القرية الأخيرة على الحدود، ما يعني أنه لا بديل من الظلام «يوم إيه يوم لأ». أما المدارس، فليست أفضل حالاً في «قرية الصمود». هناك 160 طالباً من البلدة يدرسون في مدارس عيترون وبنت جبيل، وقد زادوا 23 تلميذاً، بعد «إغلاق وزارة التربية للمدرسة الرسمية الوحيدة في البلدة العام الفائت»، وذلك «بسبب ضعف الكادر التعليمي» كما يشير علوية. إذاً، أغلقت الوزارة المدرسة، «بدلاً من إصلاح الكادر التعليمي». وتجدر الإشارة، إلى أن معظم أهالي القرية يعتاشون من «الزراعات البعلية»، كالتبغ، والحنظل، علماً أن في البلدة سهلاً يمتدّ على مساحة 500 دونم، وهو مؤهل «لإنتاج أهم أنواع الزراعات الموسمية كالفريز والكرز»، لكنه بحاجة إلى ري. ولهذه الأسباب، السهل «معطل» الآن، والصمود معنويّ في البلدة، أكثر مما هو عملي.




«الشهيد الأميركي»

قلائل هم الذين يعرفون أن الشهيد رضوان صالح، يحمل الجنسية الأميركية. يخبرنا أحد أقربائه في مارون الراس، قرب المنطقة التي قاوم فيها «حيدر» الغزو الاسرائيلي، حيث استشهد، متجاهلاً وقع الخبر. فما الذي يدفع شاباً يحمل جواز سفر أميركياً إلى القتال في ذلك الوعر؟ طبعاً كان رضوان «أيديولوجياً» وقد ترك الولايات المتحدة الأميركية وما فيها ليلتحق بالمقاومة ووحداتها القتالية. وهكذا، لم يقاتل الشاب «الأميركي» في العراق ولا في أفغانستان. دافع عن منزله ومات قرب «بركة الحافور»، في معركة يعدّها أهل المنطقة «أسطورية». قاتل في «مارون» قرب قريته الأم، يارون، لا في شيكاغو، ولم يكن محتلاً في بغداد. وقبل أن يموت شهد على تكسير «إيغوز» في معركة ظهر يوم أحد، بدأت في الثالثة ظهراً، وانتهت فجر اليوم التالي بعدما حوّلها الإسرائيليون من معركة إلى مسرحية لنقل الجرحى. وللشهيد صالح أربعة أبناء، هم: وفيقة 19 عاماً، علي 16 عاماً، ريما 13 عاماً، ومحمد 7 أعوام. وإلى صالح، سقط في مواجهات مارون الراس، على امتداد أيام الحرب الثلاثة والثلاثين 6 شهداء من مارون الراس وحدها.