نيويورك| قاومت روسيا، ومن خلفها الصين، مشروع بيان صحافي قدمه لبنان وألمانيا إلى مجلس الأمن الدولي، ومنعت صدوره. عناصر البيان، الذي لم يوزّع رسمياً، تلخّصت بأن أعضاء مجلس الأمن الخمسة عشر يعربون عن «القلق من الأزمة السياسية في اليمن»، ويدعون الأطراف إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس والدخول في حوار شامل من أجل تحقيق طموحات الشعب اليمني». مشروع البيان، الذي عرض بعد مطالعة قدمها وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، لين باسكو، يرمي بالدرجة الأولى إلى دعم جهود الوساطة الخليجية لحلّ الأزمة اليمنيّة، وسط انتقاد لتجاهل مجلس الأمن المجازر التي تحصل في اليمن على أيدي قوات الرئيس علي عبد الله صالح وميليشياته المسلحة منذ ما يزيد على ثلاثة أشهر. وبعد جلسة دامت ساعات، تحدث مندوب ألمانيا، بيتر فيتيغ، مؤكّداً أن الجميع كانوا متفقين على فداحة الأوضاع في اليمن والحرص على ضبط الأوضاع واللجوء إلى الحوار بدلاً من الصدام. وأضاف «أعرب معظمنا بوضوح عن الدعم لجهود الوساطة، التي يقوم بها مجلس التعاون الخليجي». ولمّح دبلوماسي غربي، فضل عدم ذكر هويته، إلى أن «المتهمين المعتادين» عطّلوا صدور القرار، في إشارة ضمنيّة إلى الوفدين الروسي والصيني. وقال «عطلوا هذا البيان البسيط بالقول إنهم يحتاجون إلى تلقّي معلومات من حكوماتهم».
لكن معلومات أخرى تسربت من الجلسة أفادت بأن روسيا وحدها قادت المعارضة لفكرة البيان. ورأت أن المسألة برمّتها هي تدخل في شؤون داخلية لدولة عضو في الأمم المتحدة. أمر تراه موسكو مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة. وفسّر آخرون الموقف بأن الحكومة الروسية غاضبة من تفرد الدول الغربية الكبرى الثلاث بالتدخل في ساحات كانت محسوبة على مناطق نفوذها. فأقل ما تخسره روسيا في التغييرات التي تحصل في دول مختلفة، من العراق إلى ليبيا، هو سوق السلاح الهائل، فضلاً عن عقود النفط والمعدات المتصلة بالمشاريع الحكومية. وتسرب من داخل المجلس أن جدلاً حاداً جرى بين دبلوماسي روسي، هو أحد نواب المندوب فيتالي تشوركين، مع مندوب لبنان الدائم لدى الأمم المتحدة نواف سلام. وحسب ماثيو لي، رئيس تحرير موقع «إننر سيتي برس» المتخصص بشؤون الأمم المتحدة، سأل الروسي سلام، «لماذا رفض لبنان اتخاذ موقف معارض للبيان؟». فجاء ردّ سلام بصوت وصفه أحد الحاضرين بأنه كان «بنبرة عالية لا تخلو من الحدّة» ، «ينبغي على روسيا اتباع توجيهات الدول العربية، وسيُسأل سفير روسيا في بيروت عن سبب عدم حدوث ذلك»، حسب ما نقل المصدر نفسه.
وفسّر آخرون الموقف الروسي بأنه معارضة لدعم دول مجلس التعاون الخليجي «التي تتبنى أجندة الدول الغربية». ويشعر الروس بأنهم مستبعدون من المشاركة في صياغة المتغيرات التي تحدث في الشرق الأوسط، والتي تعدّ حيوية للجميع. كما أن الروس لا يودون أن تفضي الجهود الخليجية الدائرة إلى تعيين «أمير» في اليمن على طريقة دول مجلس التعاون الخليجي، أي بعد أن يتنحى علي عبد الله صالح ضمن صفقة تتضمن استقباله لاجئاً في إحدى الدول الخليجية. ورجحوا أن تستمر المعارضة الروسية لأي بيان في مجلس الأمن بشأن اليمن، وخصوصاً في ظل ارتفاع لهجة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف بشأن الوضع في ليبيا. دبلوماسي آخر قال لـ«الأخبار» إنه يعتقد أن الروس يرون أن القبول بإصدار بيان عن اليمن من مجلس الأمن يفتح الباب واسعاً أمام عمل مماثل حيال سوريا. أمر تعارضه موسكو بشدة، ولا سيما أن مندوب ألمانيا تحدث صراحة، في مطلع الأسبوع، عن ضرورة مناقشة الوضع في سوريا في ضوء التوتر الداخلي المتزايد فيها.