تضاربت المعلومات أمس بشأن اقتراح جديد تقدم به الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، يسمح له بالبقاء في السلطة، فيما بدأ المحتجون في مختلف المحافظات يستعدون لجمعة الخلاص، وتهيئة الظروف أمام تصعيد سلمي لتحركاتهملم تكد تمضي ساعات على إعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح أنه لن يقدم أي مبادرة جديدة لمعارضيه، حتى سرّب مصدر معارض خبراً عن تقديم الرئيس اليمني عرضاً جديداً للمحتجين المطالبين بتنحّيه، مقترحاً أن يستمر بمنصبه حتى موعد إجراء الانتخابات الرئاسية، مقابل نقل صلاحياته إلى حكومة انتقالية، وإجراء انتخابات نيابية أواخر العام الحالي.
ووفقاً للمصدر، عرض صالح إمكان «أن تختار المعارضة رئيس الحكومة الذي تريده، وستجري انتخابات برلمانية بحلول نهاية العام»، وأن المعارضة ما زالت تناقش العرض. واللافت تقديم صالح العرض إلى رئيس حزب الإصلاح الإسلامي محمد اليدومي، الذي كان شريكاً في حكومته من قبل، وذلك بعد أيام من تصوير صالح الإخوان المسلمين أنهم من يقودون الاحتجاجات الشعبية في اليمن، فيما نفى أكثر من مصدر في المعارضة اليمنية علمه بالمبادرة الجديدة، ورأت أوساطها أن صالح يناور ويكثر من المقترحات للبقاء في السلطة.
وقال المتحدث باسم اللقاء المشترك الذي تنضوي تحته أحزاب المعارضة البرلمانية، محمد القحطان، إن «الرئيس يرمي هنا وهناك. يرمي كل يوم وكل ساعة ورقة ويقوم بمناورات»، معتبراً أن هدف صالح «هو البقاء في السلطة».
وفي تأكيد جديد أن المعارضة لن تتخطى المحتشدين في ساحة التغيير، أكد قحطان أن موقف المعارضة مرتبط بموقف المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام. وعن إمكان الزحف إلى القصر الجمهوري، رأى أن الأمر «يحتاج إلى تقديرات الشباب، وقرار الزحف يخضع لاعتبارات كثيرة، وهو بيد الشباب المعتصمين فقط»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن المعارضة تتجه نحو «تصعيد العمل المدني السلمي حتى يسقط النظام».
زحف أكد عادل الدال، وهو أحد المعتصمين، أن «الوضع الحالي، وخاصة ما يقوم به النظام من افتعال للأزمات وإقلاق للسكينة والأمن، لا يسمح للشباب المعتصمين بالزحف إلى الأماكن التي يتمركز فيها الرئيس صالح وأسرته»، في ظل التعزيزات الأمنية المشددة التي يتخذونها، فيما سجلت ساحة التغيير في صنعاء ازدياداً في عدد الخيام المنصوبة، بعد تزايد أعداد المشاركين في الاعتصام.
وأطلقت دعوات عبر موقع «فايسبوك» للعصيان المدني في اليمن، كجزء من تصعيد التحركات، فيما أصدر «شباب الثورة» بياناً أكدوا فيه أنهم لن يبرحوا مكانهم أمام جامعة صنعاء حتى إزاحة صالح وأنصاره من السلطة، مطالبين بتأليف مجلس رئاسي مؤقت من خمسة أعضاء ذوي خبرة ونزاهة، لإدارة شؤون البلاد لفترة انتقالية مدتها ستة أشهر.
وفي إب، خرجت تظاهرة حاشدة شارك فيها مئات الآلاف، تنديداً باعتداء «بلطجية» قبل أيام على مسيرة نسائية كانت تنادي بإسقاط النظام. وفي تعز، نظمت مسيرة جابت شوارع المدينة للمطالبة بتنحّي صالح، والتنديد بالمجزرة التي تعرض لها سكان مديرية الحصين بمحافظة أبين الجنوبية، متهمين الرئيس اليمني بالوقوف وراء انفجار مصنع الذخيرة ومقتل 150 مدنياً في الحادث.
كذلك خرج عشرات الآلاف إلى وسط مدينة صعدة للتنديد بالمجزرة الوحشية التي ارتكبها النظام في محافظة أبين، فيما نفى المكتب الإعلامي لعبد الملك الحوثي انفصال صعدة عن باقي أجزاء اليمن، معتبراً أن النظام يحاول أن يستجدي بقاءه تحت هذه الفزاعة ليخوّف الشعب من الثورة، ويستفزّ ويبتزّ بعض الأطراف الخارجية لتقديم الدعم السياسي والمالي ليستمر بتسلطه وقمعه.
في غضون ذلك، أكد مصدر مقرّب من اللواء علي محسن الأحمر ما نقلته وثائق ويكيليكس عن محاولة الرئيس اليمني التخلص من خصمه السياسي، بمحاولة دفع القوات السعودية، التي شاركت في حرب صعدة الأخيرة، إلى استهداف مواقع وحدات للجيش كان يقودها الأحمر في الملاحيظ.
وقال المصدر العسكري «كان واضحاً أن الرئيس اليمني يريد أن يتخلص منه (الأحمر) لأنه يقف حجر عثرة أمام توريث» الحكم لنجله أحمد، قائد الحرس الجمهوري. وتحدث المصدر كذلك عن «خلافات واضحة بين الأحمر وأحمد نجل صالح، وطارق محمد عبد الله صالح، ابن أخ الرئيس وقائد وحدات الحرس الخاص». وأشار إلى حادثة وقعت قبل سنتين، حين نظّم عرض عسكري في صنعاء تخلله «تخريب لمعدات فرقة الأحمر، خشية أن تستهدف صالح، قبل أن تسلم في نهاية العرض إلى الحرس الجمهوري».
(الأخبار، أ ف ب، رويترز)