لا يزال الانقسام واضحاً بين أقطاب المجتمع الدولي حيال الأزمة الليبية، حيث تصاعد الخلاف بشأن مصير الزعيم معمر القذافي، وآليات تطبيق قرار الحظر الجوي فوق بلاده، عشية تسلّم حلف شمالي الأطلسي قيادة العمليات فوق الجماهيرية.وفيما أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن المهمة الرئيسية لتسوية الوضع في ليبيا هي وقف إطلاق النار وبدء المفاوضات بين الأطراف المتنازعة، شدد الرئيس الصيني، هو جنتاو، على أن الحوار، لا القوة، هو السبيل لحل الأزمة الليبية، في وقت أعربت فيه أوغندا عن استعدادها لدراسة طلب منح القذافي اللجوء إذا قدم مثل هذا الطلب إليها.
وفي بكين، نقلت وكالة أنباء الصين الجديدة «شينخوا» عن الرئيس الصيني قوله، خلال استقباله نظيره الفرنسي نيكولا ساركوزي، إن «التاريخ أظهر مراراً أن استخدام القوة ليس الحل للمشاكل». وأضاف إن «الحوار والوسائل السلمية الأخرى يوصلان الى الحل».
وأشار إلى أن الوضع الليبي لفت انتباه المجتمع الدولي، والصين قلقة جداً، مضيفاً إنه «إذا كان التحرك العسكري يجلب الكوارث للمدنيين، ويسبّب أزمة إنسانية، فهذا يعني أنه يتعارض مع هدف قرار مجلس الأمن الدولي» الرقم 1973.
وفي موسكو، نقلت وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عن لافروف قوله، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره النمسوي ميخائيل شبينديليغير، «إنني على اقتناع بأن المهمة الرئيسية (في ليبيا) هي الوقف الفوري لإطلاق النار وبدء المفاوضات. إن روسيا تدعم مبادرة الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية بهذا الشأن». وأضاف إن الوقت قد حان لإجراء إصلاحات، لكن على الأطراف الليبية الاتفاق كيف ستكون دولتهم.
وقال لافروف «من الواضح أنه سيكون هناك نظام آخر، ويجب أن يكون ديموقراطياً، ولكن يتعيّن على الليبيّين أنفسهم تحديد ذلك من دون تدخل خارجي. وعلى الأطراف الخارجية دعم هذه العملية». وأعلن لافروف أن روسيا قلقة حيال تطور الأوضاع في ليبيا، مؤكداً أن الهدف الأساسي المشترك يتمثل في القيام بما يلزم لتجنب وقوع ضحايا بين المدنيين.
وشدد على أن روسيا تدعو إلى إطلاق حوار داخلي سياسي يصب في مصلحة الاستقرار وتحقيق الإصلاحات الديموقراطية.
وفي موضوع مصير الزعيم الليبي، بعد اقتراح بريطاني إيطالي بنفيه خارج البلاد، لمح وزير الخارجية البريطانية، وليام هيغ، إلى أن بريطانيا قد تقبل إرسال القذافي إلى المنفى كحلّ للأزمة في ليبيا. وقال هيغ، في حديث إلى هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، إن «هذا الأمر يعود له. لا شك أنه إذا غادر العقيد القذافي السلطة ـــــ بغض النظر عن المكان الذي قد يتوجه إليه ـــــ فسيكون هناك تغيير كبير في الوضع، وهو أمر ترغب معظم دول العالم وربما معwwظم الشعب الليبي في رؤيته». وأضاف «يعود القرار له ولا يعود لنا». إلا أنه أكد أنه يريد رؤية القذافي يحاكم في المحكمة الجنائية الدولية.
وكانت قناة «العربية» الفضائية قد قالت إن أوغندا سترحب بالزعيم الليبي إذا طلب اللجوء إليها. بيد أن وزير الدولة للشؤون الخارجية في أوغندا، هنري أوكيلو أوريم، أوضح أن «هذه شائعات». وقال «كنت أحضر الآن اجتماعاً وزارياً شارك فيه كل الوزراء، ونعم ناقشنا القضية الليبية، لكن لم نناقش أي شيء يتعلق بحقّ لجوء. لكن إذا تقدم القذافي بطلب حق لجوء لأوغندا فسندرس الطلب، مثلما نفعل مع كل من يسعون للجوء إلى البلاد».
من ناحية ثانية، أعلن وزير الخارجية البريطانية أن لندن طردت خمسة دبلوماسيين ليبيين، من بينهم الملحق العسكري على خلفية مخاوف أن يشكلوا خطراً أمنياً.
من جهته، أعرب الرئيس البوليفي، إيفو موراليس، عن أمله أن يحال الذين ينفّذون القمع في ليبيا «الى المحاكم ومحاكمتهم»، وقال في انتقاد واضح للنظام الليبي «لا أدعم القمع في مواجهة الانتقادات».
من جهة ثانية، أفادت وكالة الأنباء الليبية الرسمية بأن الحكومة الليبية حذرت من أنها ستقاضي أي شركة أجنبية تبرم عقوداً للطاقة مع المعارضة المسلحة التي تسيطر على بعض منشآت النفط الليبية. وقالت وكالة الجماهيرية للأنباء نقلاً عن بيان للحكومة «المؤسسة الوطنية للنفط هي الجهة المخولة قانوناً بالتعامل مع الجهات الخارجية. وللأهمية الاستراتيجية لهذه السلعة (النفط والغاز) على المستوى العالمي، فإنه لا يمكن أي دولة أن تترك إدارتها لعصابات مسلحة».
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز)