تزامن اجتماع «مجموعة الاتصال» حول ليبيا في لندن، أمس، مع خطوات دبلوماسية لافتة تجاه المعارضة الليبية، عبر تعيين كل من واشنطن وباريس مندوباً لها لدى المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي «(شرق ليبيا).وقالت وزارة الخارجية البريطانية، في بيان، إن الشركاء الدوليين الذين اجتمعوا أمس في لندن وافقوا على مواصلة مهمتهم العسكرية حتى يلتزم الزعيم الليبي معمر القذافي بكل بنود قرار الأمم المتحدة الذي يهدف إلى حماية المدنيين من هجمات قواته.
وقال البيان الختامي: «اتفق المشاركون في المؤتمر على إنشاء مجموعة اتصال حول ليبيا. ووافقت قطر على استضافة الاجتماع الأول للمجموعة في أقرب وقت ممكن».
وكان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، قد أكد لدى افتتاحه الاجتماع أن «الليبيين بحاجة إلينا في ثلاث نقاط: أولاً علينا أن نؤكد مجدداً التزامنا بقرار الأمم المتحدة وتحالفنا الموسع، ثم علينا أن نسرّع نقل المساعدة الإنسانية، وثالثاً علينا أن نساعد الشعب الليبي على رسم مستقبله».
وعن مستقبل ليبيا، قال كاميرون إن القذافي ما زال ينتهك قرار الأمم المتحدة الذي سمح باستخدام القوة لحماية المدنيين، مضيفاً: «بينما أتحدث، سكان مصراتة يعانون من هجمات إجرامية من النظام». وقال إن رسالته للشعب الليبي هي أن «الأيام المقبلة ستكون أفضل».
بدورها، أكدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، خلال المؤتمر، أن ضربات التحالف ستستمر «إلى أن يلبي القذافي بالكامل شروط القرار 1973 وأن يوقف هجماته على المدنيين وأن يسحب قواته من المواقع التي دخلتها بالقوة وأن يفسح المجال أمام كل المدنيين لتلقي المساعدة الإنسانية والخدمات الأساسية».
وأرسل المجلس الوطني الانتقالي، أكبر فصائل المعارضة الليبية، وفداً إلى المؤتمر لم يسمح له بالمشاركة رسمياً في الجلسات، لكنه عقد بعض اللقاءات. فقد التقى مسؤول العلاقات الخارجية في المجلس، محمود جبريل، رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، ووزير خارجيته وليام هيغ ووزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون. ووعد المجلس الوطني، في بيان نشر على هامش الاجتماع، بإجراء «انتخابات حرة ونزيهة» بعد سقوط القذافي، مؤكداً أن الثوار يتطلعون إلى «دولة موحدة وحرة وحديثة».
وفي السياق نفسه، أعلن المتحدث باسم المجلس الوطني الانتقالي، شمس الدين عبد الملا، أن مؤتمر لندن الخاص بليبيا يجب أن يقرر محاكمة الزعيم معمر القذافي، و«يجب أن توجه إليه اتهامات بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الليبي»، مشيراً إلى أن هذا الأمر «غير قابل للتفاوض».
وبدا كلام المتحدث الليبي رداً على ما تقدمت به إيطاليا وبريطانيا من اقتراح للتوصل إلى اتفاق سياسي لإنهاء الأزمة الليبية، يتضمن نفي القذافي وإجراء حوار بين مقاتلي المعارضة وزعماء القبائل. وقد أعلن وزير الخارجية الإيطالي، فرانكو فراتيني، أنه جرى التوصل في مؤتمر لندن لمجموعة الاتصال حول ليبيا إلى اتفاق «بالإجماع» على أن «القذافي يجب أن يغادر البلد».
وفي أديس أبابا، طلب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، جان بينغ، الذي لم يحضر اجتماع لندن، في رسالة إلى وزير الخارجية البريطاني، وليام هيغ، أن تدعم مجموعة الاتصال حول ليبيا خريطة الطريق التي أعدها الاتحاد الأفريقي لإيجاد مخرج للأزمة في هذا البلد.
وقال المتحدث باسم رئيس المفوضية الأفريقية، نور الدين المازني، إن الأخير عبّر في رسالته عن الموقف المشترك الذي عبّرت عنه دول الاتحاد الأفريقي خلال اجتماعها في أديس أبابا في 25 آذار الجاري، الذي انتهى إلى «توافق على خمس نقاط تمثّل خريطة الطريق».
وهذه النقاط الخمس هي «حماية المدنيين ووقف العمليات العدائية»، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى السكان المتضررين من النزاع «سواء من الليبيين أو من العمال الأجانب، ولا سيما الأفارقة»، وأهمية إجراء «حوار سياسي بين الأطراف الليبيين».
في هذا الوقت نشطت عجلة الانفتاح الدبلوماسي على المعارضة الليبية بالتزامن مع تحقيق إنجازات عسكرية على الأرض ضد كتائب القذافي خلال الأيام الماضية، حيث قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة عينت الدبلوماسي المخضرم كريس ستيفينز، مبعوثاً لدى المجلس الوطني الانتقالي، وتوقعت أن يتوجه إلى هناك في وقت قريب.
كذلك أفاد مصدر دبلوماسي فرنسي بأن باريس أرسلت الدبلوماسي أنطوان سيفان، مبعوثاً خاصاً إلى مدينة بنغازي، للاتصال بالمجلس الوطني الانتقالي. وقال المصدر: «أرسلت فرنسا مبعوثاً خاصاً. هو موجود في الميدان الآن»، وسيكون دوره إقامة علاقات مع المقاومة هناك.
من جهة ثانية، قال قائد العمليات العسكرية في ليبيا، العميد تشارلز بوتشارد، إن حلف شمالي الأطلسي سيتولى قريباً المسؤولية عن جميع العمليات في ليبيا، نافياً تقارير عن تأجيل هذه الخطوة. وقال بوتشارد: «حلف شماليّ الأطلسي سيتولى قريباً قيادة جميع العمليات. أعضاء الحلف ينقلون الموارد العسكرية، بينما نتحدث الآن. نحن على المسار».
وفي أنقرة، قال وزير الدفاع التركي، وجدي غونيل، إن تركيا لن تذهب إلى حرب في ليبيا.
ونقلت وكالة أنباء الأناضول عن غونيل قوله أمام صحافيين في البرلمان التركي، إن بلاده ستخوض مهمة مراقبة في ظل قيادة الأطلسي في ليبيا، ولن تخوض حرباً هناك.
وأوضح أن ست سفن ستقوم بالمهمة ولن يُنشَر مشاة، مضيفاً: «مهمتنا واضحة وازمير (إقليم غرب تركيا) ستكون مركز المراقبة، وليست قاعدة».
وكان العقيد الليبي قد وجّه رسالة أول من أمس إلى كل من البرلمان الأوروبي، والكونغرس الأميركي، والأحزاب الأميركية، وإلى اجتماع لندن، قال فيها: «أوقفوا عدوانكم الظالم الوحشي على ليبيا. اتركوا ليبيا لليبيين. إنكم ترتكبون عملية إبادة لشعب آمن، وعملية تدمير لبلد نام». وأضاف: «ليس في ليبيا مشكلة إلا مواجهة عناصر القاعدة، ومواجهة القصف الصاروخي والجوي الذي عدّه العالم صليبياً». وتساءل القذافي: «كيف تهاجمون من يقاتل القاعدة؟». وأضاف: «أوقفوا هجومكم الوحشي الظالم على بلادنا. المسألة الآن تولاها الاتحاد الأفريقي. ليبيا تقبل كل ما يقرره الاتحاد الأفريقي، من خلال اللجنة الأفريقية الرفيعة المستوى التي أُلفت لهذا الغرض».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)