بعد إعلان حلف شمالي الأطلسي تولّي عملية فرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا، تشارك نحو 40 دولة اليوم، في لندن، في الاجتماع الأول «لمجموعة الاتصال» حول ليبيا، المكلفة «بالقيادة السياسية» للضربات، وبإعداد «مستقبل أفضل لليبيين». وتزامنت هذه التطورات مع ظهور نقد ليبي لقطر على خلفية إعلان الدوحة اعترافها، في أول قرار عربي من نوعه، بالمجلس الوطني الانتقالي الليبي الذي أسّسه الثوار الليبيون، «ممثلاً شرعياً وحيداً» للشعب الليبي، حسبما أفادت وكالة الأنباء القطرية.
هذا الإعلان دفع التلفزيون الحكومي الليبي إلى إدانته، قائلاً: «في تدخّل سافر في الشؤون الداخلية الليبية، اعترفت قطر المحمية بقاعدة أميركية بمجلس العملاء والخونة. فمن تكون هذه الدويلة؟ ومتى تكوّنت حتى تتطاول على إرادة الشعب الليبي ووحدته الوطنية والترابية؟ وبذلك يتكشف الدور الخسيس لهذه الدويلة».
غير أن خطوة الدوحة لقيت قبولاً خليجياً. فقد أكد الأمين العام لمجلس دول التعاون الخليجي، عبد الرحمن العطية، من الرياض، أن «الاعتراف القطري بالمجلس الانتقالي ممثّلاً شرعياً وحيداً للشعب الليبي ينسجم مع قرارات مجلس التعاون، ومواقف دولة قطر الداعمة لخيارات الشعب الليبي وحمايته من بطش النظام».
وفي موضوع دور الحلف الأطلسي في إدارة عمليات ضد ليبيا، أعلن قائد العمليات العسكرية للحلف في ليبيا، الجنرال شارل بوشار، من نابولي جنوب إيطاليا، أمس، أن الحلف الأطلسي بدأ أول من أمس بتولّي فرض منطقة الحظر الجوي فوق ليبيا.
في غضون ذلك، ينعقد في لندن اليوم اجتماع هو الأول من نوعه لمجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا، وذلك على مستوى وزراء الخارجية. وأعلن مسؤول دبلوماسي روسي أن وزير الخارجية سيرغي لافروف لن يحضر الاجتماع الذي يشارك فيه مسؤولون من أربعين بلداً، لأن «روسيا لم تتلق دعوة، لكونها ليست في التحالف».
وفي أحدث نقد روسي للعملية العسكرية التي يشنّها تحالف غربي، قال لافروف إن «القرار الذي أجازه مجلس الأمن في 17 آذار الحالي، وضع هدفاً واحداً هو حماية المدنيين الليبيين». ونقلت وكالة الأنباء الروسية «نوفوستي» عن لافروف قوله «نتلقى أخباراً عن شنّ قوات التحالف غارات على قوات الزعيم معمر القذافي ودعم المتمردين المسلحين». وأضاف «ثمّة تناقض صريح، حيث نرى أن تدخل التحالف في حرب أهلية داخلية يتعارض في جوهر الأمر مع قرار مجلس الأمن الدولي».
وفي السياق، قال مدير مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية، هشام يوسف، «نأمل أن يُنتهى من هذه العمليات العسكرية حتى نتمكن من تحقيق تسوية سياسية للوضع في ليبيا». وأضافت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن يوسف كان يتحدث قبيل مغادرته القاهرة متوجهاً إلى لندن لحضور مؤتمر مجموعة الاتصال، حيث من المقرر أن يرأس يوسف وفد الجامعة العربية إلى المؤتمر.
وتضم مجموعة الاتصال الدول المشاركة مباشرة في العمليات العسكرية، تطبيقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 1973 حول ليبيا. كذلك يشارك في الاجتماع «أصدقاء التحالف، وقد يشارك المجلس الوطني الانتقالي المعارض للقذافي»، حسبما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، بيرنار فاليرو.
وتشارك قطر والإمارات العربية المتحدة في اجتماع لندن إلى جانب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الاتحاد الأفريقي جان بينغ، ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، إضافة إلى العديد من المسؤولين الأوروبيين ومراقب للفاتيكان.
وفي السياق، أكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أن على معمر «القذافي أن يرحل فوراً»، ودعوَا مناصريه إلى «التخلي عنه قبل فوات الأوان»، وذلك في بيان مشترك صدر أمس في لندن. كذلك دعا ساركوزي وكاميرون المجلس الوطني الانتقالي إلى «إجراء حوار سياسي وطني» بهدف «تنظيم العملية الانتقالية» في ليبيا، ونفيا «أي توجّه لاحتلال ليبيا عسكرياً»، مكررين «التزامهما القوي بسيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية».
في هذه الأثناء، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيطالية، موريتسيو ماساري، أن بلاده بدأت «تبادلاً للأفكار والاقتراحات مع ألمانيا، وأيضاً مع دول» أخرى في شأن ليبيا. وعن إعلان بلاده خططاً لنفي الزعيم الليبي، قال ماساري للصحافيين «دعونا لا نتحدث عن خطط».
في المقابل، قال رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، إن بلاده مستعدة للقيام بوساطة بين الزعيم الليبي والثوار المعارضين. وأضاف لصحيفة «الغارديان» إنه إذا طلب طرفا النزاع من تركيا أن تتولى دور الوساطة، «فإننا سنتخذ خطوات للقيام بذلك»، في إطار حلف شمالي الأطلسي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي.
وقال أردوغان إنه تحدث مع رئيس الوزراء الليبي منذ بدء الغارات الجوية الدولية على ليبيا، كذلك فإن وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو على اتصال مع المعارضة في مدينة بنغازي الشرقية.
وأكد أن «القذافي يريد وقفاً لإطلاق النار، وقد ورد ذلك أثناء حديثي مع رئيس الوزراء، ولكن من المهم أن تنضج هذه الظروف. لا يمكن مواصلة إطلاق النار، وفي الوقت نفسه المطالبة بوقف إطلاق النار».
وعقب إعلان قطر إدارة عمليات بيع النفط الليبي في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، أعلن رئيس الوزراء التركي أن بلاده ستتولى إدارة مطار مدينة بنغازي، وذلك لتسهيل توزيع المساعدات الإنسانية.
وأضاف، قبل مغادرته أنقرة للتوجه في زيارة عمل إلى العراق، «جرى التوصل إلى اتفاق (مع السلطات المحلية في بنغازي) على أن تتولى تركيا مسؤولية مطار بنغازي لتوزيع المساعدات الإنسانية».
إلى ذلك، قال مسؤول في وزارة الخزانة الأميركية إن مبيعات النفط الخام التي ينفذها المعارضون الليبيون لن تخضع للعقوبات الأميركية إذا حصلت خارج المؤسسة الوطنية للنفط، أو أي كيان آخر مرتبط بنظام القذافي. وأضاف المسؤول أنه يتعيّن على المعارضين الذين استعادوا السيطرة على عدد من الحقول والموانئ النفطية في شرق ليبيا، مطلع الأسبوع، إنشاء أنظمة سداد لا تعتمد على البنك المركزي الليبي أو أي كيان حكومي آخر.
(أ ف ب، يو بي آي، رويترز، الأخبار)