عدن| بينما تتصارع الأحزاب السياسية والمعارضة للوصول إلى السلطة وسحب البساط من تحت أقدام الشباب، مفجري الثورة وروادها، لا يزال هؤلاء الشباب مصرين على الاحتفاظ بهدفهم القاضي بإسقاط النظام، على الرغم من أن طول الأزمة بدأ يثير مخاوف، وتحديداً في مدينة عدن، حيث لا يزال مطلب فك الارتباط عن الشمال يراود الكثيرينوكعادتهم كل يوم، يجتمع شباب مخيمات الاعتصام المنتشرة في عدن بعيداً عن أي أطماع سياسية ومناصب، يهدفون فقط إلى إنجاح الثورة وأخذ حقوقهم الكاملة بعيداً عن «سيطرة الكبار» كما يسمونهم.
وتأكيداً على تمسك الشباب بإبراز دورهم في ثورة التغيير، تقول رئيسة اللجنة الإعلامية الخاصة بالمرأة في اعتصام المنصورة، ليلى الشبيبي، «كنت من النساء الأُوَل اللواتي انضممن إلى الاعتصام هنا في المنصورة، وواجهت صعوبة كبيرة في البداية لإثبات وجودي ودورنا كنساء، الآن وقد نجحنا لن نسمح لهم بإلغاء دورنا وأخذ جهودنا». وبعدما أكدت أن المعتصمين «لن يسمحوا لمن أفاقوا متأخرين ووصلوا على عجل ليركبوا موجة الشباب بأن يسيطروا علينا ويأخذوا مواقعنا»، أبدت ترحيباً بجميع المنضمين إلى الثورة «بعيداً عن الحزبية والتحزب وبدون تدخل الكبار».
بدورها، أكدت عضو اللجنة الإعلامية في المخيم، نبيلة عبيد، أن المعتصمين «احترموا جميع من انضم إليهم بمختلف شرائحهم وانتماءاتهم»، مشيرةً إلى أن المحتجين سيواصلون المسيرة «لإنجاح ثورتنا».
ثورة يشدد صادق الجبيري، من اللجان التنسيقية للشباب، أن مطالبها واضحة «هدفنا الرئيسي إسقاط النظام والمطالبه بحل القضية الجنوبية على نحو عادل بما يعيد إلى عدن اعتبارها كدولة سابقة». ويضيف «توحدنا جميعاً في الساحة تحت راية واحدة برغم الخوف الذي سيطر على بعضنا في الآونة الأخيرة من تدخل بعض الأفراد والأحزاب والقادة السابقين، ومحاولة فرض سيطرتهم على المخيمات، لكننا كشباب لم نترك لهم مجالاً واتحدنا في اعتصام المنصورة تحت راية شباب 16 فبراير، فهنا سقط شهداؤنا الأوائل، ومن هنا انطلقت مسيراتنا وتظاهراتنا وتجمعاتنا، وذلك أكبر منجز لنا في ظل هذه الظروف الصعبة لمدينة عدن ووضعها المختلف عن بقية المناطق».
اختلاف كان السبب في بروز مخاوف لدى فئات واسعة من أهالي مدينة عدن، مما قد يحدث عقب تنحي الرئيس، علي عبد الله صالح ليطغى على حوارات المعتصمين. فالحديث يدور عن هدف موحد الآن معلن وهو إسقاط النظام، وهدف مخفيّ عقب ذلك وهو الانفصال أو فك الارتباط. فالقضية الجنوبية لدى البعض ليست مجرد رد حقوق وحل مشاكل الجنوب ورد اعتبار عدن كدولة سابقة ذات سيادة، واستعادة حقوق أبنائها تتلخص في الانفصال، ما يفسر لجوء أهالي عدن منذ الآن إلى التساؤل عمّا سيحدث بعد تنحي الرئيس، ووصول الشعب إلى مطلبه واحتمالات أن يمثّل نجاح الثورة نقطة تحول فتسلك عدن والمحافظات الجنوبية الأخرى مساراً آخر باتجاه فك الارتباط. احتمالات جعلت البعض يتخوف من الآتي، وصولاً إلى أن البعض بدأ يعيد النظر في صوابية تنحي صالح، وخصوصاً في هذا الوقت الحرج، ويرون أن وجوده ضروري لحفظ الهدوء في البلاد وعدم الانجرار إلى حرب أهلية.
ومما يزيد من حالة اللايقين التي تواجه أهالي عدن، الانقسام الذي يضرب الحراك الجنوبي، بين تيار لا يمانع من الفدرالية كحل مبدئي للقضية الجنوبية، وبين تيار آخر يصر على الانفصال.
كذلك يعزز غياب البديل الواضح القادر على حكم اليمن بعد صالح من هواجس أهالي عدن، ولا سيما بعدما أثارت المعارضة استياءً عارماً بين صفوف الشباب المعتصمين إثر إصرارها على الزحف إلى القصر الرئاسي، قبل أن يجري إفشال هذا المخطط، ليؤكد الشباب استمرارهم في ثورتهم على إيقاعهم ورفضهم للبعض الآتي على دماء الشهداء، ولمن انضموا إلى الثورة خوفاً على مراكزهم بعد نجاح الثورة لا مناصرةً لها.