قُتل 15 شخصاُ ما بين الفجر والمساء من يوم أمس في درعا التي تشهد احتجاجات منذ أيام. واكدت مصادر حقوقية وشهود أن أجهزة الأمن السورية اقتحمت المسجد العمري ما أدى إلى مقتل 12 شخصاُ».
وقال سكان في درعا إنه كان بين القتلى علي غصاب المحاميد، الطبيب من عائلة بارزة في درعا، الذي ذهب إلى المسجد في الحي القديم في المدينة لمساعدة مصابي الهجوم الذي وقع بعد منتصف الليل.

وذكر بيان رسمي سوري أن المحاميد قُتل بعدما «أقدمت عصابة مسلحة على الاعتداء المسلح، بعد منتصف ليلة أمس، على طاقم طبي في سيارة إسعاف تمرّ بالقرب من جامع العمري في درعا، ما أدى إلى استشهاد طبيب ومسعف وسائق السيارة». وأضاف «تصدّت قوى الأمن القريبة من المكان للمعتدين واستطاعت أن تصيب عدداً منهم وتعتقل بعضهم، وسقط شهيد من قوى الأمن».
وقبل أن تهاجم قوات الأمن المسجد، انقطع التيار الكهربائي في المنطقة، وتوقفت خدمات الهاتف. وحين بدأ إطلاق الرصاص، دوّى التكبير في أحياء درعا. وذكر أحد السكان أن «المحاميد قتله قناص. تعطّلت شبكات الهاتف، لكننا اتصلنا بأشخاص قرب المسجد باستخدام خطوط هواتف نقالة أردنية».

وأثناء تشييع القتلى، روى شهود، بحسب وكالتي «رويترز» و«فرانس برس»، أن قوات الأمن أطلقت النار على المعزّين «أثناء عودتهم من تشييع ابتسام مسالمة (30 عاماً) والطبيب علي غصاب المحاميد»، مؤكدة وقوع عدد من الجرحى. وذكر شهود عيان أن ثلاثة أشخاص، بينهم فتاة عمرها 11 عاماً، قُتلوا.
وأشار شهود إلى أن مدينة درعا «مغلقة، حيث لم يتمكن القادمون من القرى الغربية والشرقية من دخولها»، فضلاً عن «انتشار عدد كبير من عناصر مكافحة الشغب» في المدينة.
الرواية الرسمية السورية اتهمت عصابة مسلحة بترويع الأهالي والتسبّب بالأحداث، وجهات خارجية بأنها تبثّ الأكاذيب عن الأوضاع في درعا. وقال مصدر رسمي سوري إن «هدف هذه الجهات هو تحريض الأهالي وترويعهم، بينما الأهالي يتعاونون مع قوى الأمن لملاحقة أفراد العصابة المسلحة وتقديمهم إلى العدالة».
وشدد المصدر على أن قوى «الأمن تواصل ملاحقة العصابة المسلحة التي تروّع المدنيين وتقوم بعمليات قتل وسرقة وحرق المنشآت العامة والخاصة في درعا». وقال إن «العصابة المسلحة» خزّنت أسلحة وذخيرة في جامع العمري، واستخدمت أطفالاً اختطفتهم من عوائلهم دروعاً بشرية، مضيفاً أن قوى الأمن تلاحقهم.
وأشار المصدر إلى أن «العصابة روّعت سكان المنازل المجاورة للجامع العمري باحتلالها هذه المنازل واستخدامها لإطلاق النار على المارة والقادمين للصلاة، وقد تصدّت قوى الأمن لأفراد العصابة المسلحة، ولاحقتهم لتقديمهم إلى العدالة».
وقد عرض التلفزيون السوري مشاهد لأسلحة وذخيرة وأموال، قال إن «العصابة المسلحة» خزنتها في جامع العمري. وأظهرت الصور كمية من الأسلحة، بينها مسدسات وبنادق كلاشنيكوف وصناديق تحتوي قنابل يدوية وذخائر ومبلغاً كبيراً من المال، فيما بدا الجامع خالياً من المعتصمين، كما بدت آثار لإطلاق النار.
إضافة إلى ذلك، تحدثت الرواية الرسمية عن تورّط إسرائيلي في ما يجري في درعا، بحيث أعلن مصدر رسمي سوري مسؤول وصول أكثر من مليون رسالة هاتفية قصيرة، أغلبها من إسرائيل، تدعو السوريين إلى استخدام المساجد منطلقاً للشغب. وأضاف أن «قوى الأمن تواصل العثور على مخابئ للأسلحة المهرّبة عبر الحدود وأجهزة اتصال متطورة في مدينة درعا، إضافة إلى مواصلتها اعتقال المجرمين وتقديمهم إلى العدالة»، وذلك بحسب ما نقلت وكالة أنباء «سانا» السورية.

وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقره لندن، أن السلطات الأمنية السورية اعتقلت أمس المدوّن السوري أحمد محمد حديفة من مكان عمله بدمشق، ويعتقد أن اعتقاله بسبب نشاطه على الفايسبوك لدعم التحرك في درعا. وأدان المرصد اعتقال المدون و»حملة الاعتقالات غير المسبوقة التي تشنها الأجهزة الأمنية السورية، والتي طالت الكثير من نشطاء المجتمع المدني». وطالب «الحكومة السورية بالإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي والضمير في السجون السورية واحترام التزاماتها الدولية المتعلقة بحماية وتعزيز حقوق الإنسان التي وقعت وصدقت عليها».
من جهة ثانية، أفرج القضاء السوري عن ست معتقلات من بين 32 شخصاً أوقفوا على خلفية مشاركتهم في اعتصام أهالي المعتقلين أمام وزارة الداخلية في 16 آذار المنصرم بكفالة قدرها خمسة آلاف ليرة سورية.
وقال محامي المعتقلين، ميشيل شماس، إن «قاضي التحقيق الأول في دمشق قرر الموافقة على إخلاء سبيل ست معتقلات احتُجزن على خلفية مشاركتهن في اعتصام أهالي المعتقلين أمام وزارة الداخلية». والمعتقلات الست هن: ليلى اللبواني وصبا حسن وربى اللبواني ونسرين خالد حسن ووفاء اللحام والمحامية سيرين خوري، فيما لم يُفرج عن الناشطة سهير أتاسي، رغم إضرابها عن الطعام.
وفي المواقف الدولية، دعت باريس دمشق إلى الكف عن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، برنار فاليرو، إن «فرنسا تندد بأعمال العنف التي أوقعت قتلى وجرحى بين المتظاهرين الليل الماضي في درعا». وأضاف أن باريس، «على غرار المفوضة العليا لحقوق الإنسان، تطالب سوريا بفتح تحقيق يتمتع بالشفافية في حوادث الأيام الأخيرة، والكف عن أي استخدام مفرط للقوة». وطالب فاليرو نظام الرئيس بشار الأسد بالبدء بعملية إصلاحات. وقال «يجب البدء بإصلاحات سياسية من دون تأخير، لتلبية تطلعات الشعب السوري».
(الأخبار، يو بي آي، رويترز، أ ف ب)