بغداد | فشل النواب المعتصمون، للمرة الثالثة، في انتخاب هيئة رئاسة جديدة للبرلمان، بعدما تمكنوا من عقد جلستهم التي استمرت لأقل من ساعة، بعد انسحاب النواب الأكراد و«تحالف القوى» الذي ينتمي إليه رئيس البرلمان سليم الجبوري، ما دفع بالأخير إلى تعطيل جلسات مجلس النواب وأعماله إلى «إشعار آخر»، مؤكداً أنه لن يقبل بـ«اختطاف» إرادة مجلس النواب بـ«القوة والضجيج والصياح».
الجبوري الذي زار مقر كتلة «التحالف الكردستاني» بعد انسحابهم من الجلسة، رأى أن الصراع داخل مجلس النواب تحول إلى «صراع فرض إرادة وهو ما لن نقبل به»، لافتاً إلى أن «هذا الأمر تسبب في تعطيل عمل المجلس، من أجل إيجاد توافقات وتفاهمات وطنية للخروج من الأزمة».
وبرّر الجبوري تعليق جلسات البرلمان وأعماله بـ«الصلاحيات الدستورية، وما يمليه عليّ واجبي كرئيس لمجلس النواب العراقي، وحفاظاً على سمعة المجلس، وكي لا يكون ساحة للصراع والتلاسن والتشابك بالأيدي بدل الحوار الحضاري تحت قبة البرلمان».
وكان الجبوري قد وصل، أمس، إلى مبنى مجلس النواب لحضور الجلسة التي دعا إلى انعقادها رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، وأعلن قبل ذلك، هو ونائباه همام حمودي وآرام شيخ محمد، عن إدارة الجلسة التي عقدت، أخيراً، برئاسة عدنان الجنابي. وجرى للمرة الثانية التصويت على إقالة الجبوري، لكن هذه المرة بحضور ممثل عن القضاء العراقي، بحسب ما علمت «الأخبار» من مصدر داخل البرلمان.
خوف وترقّب لدى واشنطن والرياض من التطورات الأخيرة

وسيكون مجلس النواب، يوم غد، على موعد جديد من الشدّ والجذب بين مختلف الأطراف، خصوصاً بعدما تمّ تخصيص الجلسة لاختيار رئيس جديد للبرلمان. مصادر مطّلعة أكدت لـ«الأخبار» أن جلسة الخميس ستكون واحدة من الجلسات المهمة والحاسمة، وقد تعيد تحديد البوصلة إذا مضى النواب المعتصمون في اختيار هيئة الرئاسة. وقالت المصادر إن أبرز المرشحين لرئاسة البرلمان، على الرغم من عدم ترشّح أحد رسمياً، هو حسن شويرد، رئيس لجنة العلاقات الخارجية والقيادي في «ائتلاف الوطنية» بزعامة إياد علاوي، والنائب أحمد الجبوري، أحد قادة الحراك النيابي الأخير ووجوهه، إضافة إلى النائب عن الموصل المناوئ للنجيفي، عبد الرحمن اللويزي، الذي يعدّ بحسب المصادر الأوفر حظاً لرئاسة المجلس «بسبب ما يتمتع به من اعتدال».
وأشارت المصادر إلى أن كلاً من مقرّر البرلمان نيازي معمار أوغلو، والمتحدث باسم النواب المعتصمين هيثم الجبوري، والنائبة المقالة من «حركة التغيير» الكردية تافكة أحمد، والنائب الكردي الإسلامي عادل نوري يتنافسون على منصب النائب الأول والثاني لرئيس مجلس النواب. وأكدت المصادر أن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر قد يقوم، مساء غد، بزيارة مبنى البرلمان في حال تم انتخاب رئاسة جديدة.
وبحسب المصادر، فإن الأيام الماضية شهدت تحركات دولية وإقليمية بشأن تسارع الأحداث في العراق، مشيرة إلى وجود حالة من التخوّف والترقب لدى الإدارة الأميركية والسعودية من التطورات الأخيرة، فيما أبلغت طهران بغداد ضرورة استقرار الأوضاع وعودة المياه إلى مجاريها. وبيّنت المصادر أن هناك تأييداً ضمنياً من قبل واشنطن للحراك النيابي الأخير، و«الخطوات التي يقوم بها التيار الصدري بهدف التضييق على النفوذ الإيراني»، بينما وافقت السعودية على التغيير البرلماني الأخير، شريطة «صعود أطراف شيعية معتدلة في موازاة ذلك».
وفي السياق، رأى المحلل السياسي محمد نعناع أن الصدر «يريد أن يمسك بالعصا من الوسط، ذلك أنه لم يصدر أي تعليق أو بيان أو حتى لقاء، منذ قدومه إلى العاصمة بغداد». وأوضح، في حديث إلى «الأخبار»، أن الصدر لا يريد أن يتبنّى الحراك الحالي، كذلك فإنه لا يريد أن تحسب جهة ما عليه. وأضاف أن خطوة سليم الجبوري بالإعلان عن تعليق جلسات البرلمان وأعماله ستبوء بالفشل، ولن تجد لها صدى بين النواب، مشيراً إلى أن «النواب المعتصمين نجحوا في استدراج الكتل والنواب إلى حراكهم، وهو ما حصل في جلسة يوم أمس».
وفي سياق منفصل، أفاد تلفزيون «سي. إن. إن. تورك» بأنّ القوات المسلّحة التركية قتلت 32 شخصاً يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم «داعش» في ناحية بعشيقة قرب مدينة الموصل، في أحدث عملية للجيش التركي المتمركز في شمالي العراق، بعد أقل من 24 ساعة على نفي السلطات الأمنية العراقية مشاركة القوات التركية في تحرير الموصل. يأتي ذلك فيما بثّ مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي نبأً عاجلاً، مساء أمس، أعلن فيه ترؤس الأخير اجتماعاً طارئاً للقيادات الأمنية والعسكرية، بالتزامن مع تصاعد حركات الاحتجاج والاعتصامات أمام الوزارات والهيئات المستقلة، للضغط على استقالة الوزراء.