أعربت إسرائيل عن قلقها من تداعيات سقوط النظام الليبي على أمنها القومي، جراء الخطر الاستراتيجي الكبير الذي سيهدد جبهتها الجنوبية بفعل سقوط العقيد معمر القذافي. وكشفت مصادر أمنية إسرائيلية رفيعة المستوى لإذاعة الجيش، أمس، عن أن ليبيا حسَّنت علاقاتها مع إسرائيل في الآونة الأخيرة، وأن وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أقام شبكة علاقات مميزة مع النظام وأثنى على الرئيس الليبي معمر القذافي مرات عدة خلال جلسات الحكومة، واصفاً إياه بأنه زعيم ذو صدقية.
وأضافت المصادر نفسها أن العلاقات السرية بين تل أبيب وطرابلس الغرب تطورت بعد انتهاء قضية المفاعل الليبي النووي، وبفعل موقف القذافي العدائي من الحركات الإسلامية المتطرفة، حيث بذلت جهود أمنية أوروبية ليبية، اطلعت عليها وأسهمت بها إسرائيل، لكبح المد الإسلامي في المنطقة العربية.
ونتيجة للتغيير الجذري الذي تحدثه الثورات الشعبية العربية في المشهد الإقليمي الذي سيترك آثاره المباشرة على التوازنات والمعادلات مع إسرائيل، وتحديداً في ظل سقوط أنظمة حليفة لتل أبيب، لفتت المصادر الإسرائيلية أيضاً إلى أن الأجهزة الأمنية تعيد قراءة الواقع الجديد في ظل التحولات الاستراتيجية على الحدود الجنوبية لإسرائيل، التي أنتجها سقوط نظام حسني مبارك ولا تعرف نهايتها حتى الآن.
الآن، بعدما فرضت الثورة الشعبية الليبية نفسها، وفي أعقاب القرار الإسرائيلي بتعديل الخطاب الإعلامي تجاه الموقف من الأنظمة الديكتاتورية، شنّ الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز هجوماً شديداً على الزعيم الليبي، داعياً إلى إلقائه في «مكب النفايات».
ونقل موقع «يديعوت أحرونوت» الإلكتروني، عن بيريز، قوله خلال اجتماع لاتحاد الطلاب الجامعيين في القدس: «من بحاجة إلى هذا القذافي، وبرأيي كان عليه أن يعمل في الإسكان، وكل يوم هو يغير أزياءه ويصرف آلاف الدولارات على القبعات الغريبة والملابس».
وكان بيريز قد تطرق خلال زيارته إسبانيا قبل نحو أسبوعين للقذافي، متهماً إياه بأنه «يهتم بنفسه لا بأبناء شعبه»، داعياً إلى مراقبة الألبسة التي يرتديها واعتمادها دليلاً. وقال: «يمكنكم أن تنظروا إلى الألبسة التي يرتديها كم هي الأموال التي يبذلها عليها بدلاً من الناس».
هذا وكانت السلطات الليبية قد أطلقت سراح «جاسوس» إسرائيلي في الثامن من آب الماضي، يدعى رفائيل حداد، كانت قد اعتقلته قبل خمسة أشهر، خلال وصوله ضمن وفد تابع لمركز «أورشاليم» لصيانة التراث اليهودي في ليبيا، وتصوير مؤسسات الجالية اليهودية هناك قبل هدمها. وفي ذلك الحين ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إطلاق سراح حداد جاء بعد جهود بذلها ليبرمان، نتيجة العلاقات التي تربطه بالملياردير اليهودي النمساوي، مارتن شلاف، الذي تربطه بدوره علاقات مع الزعيم الليبي، معمر القذافي.
من جهة أخرى، ذكر معلق الشؤون الأمنية في صحيفة يديعوت أحرونوت، رون بن يشاي، بعد جولة له في العاصمة الليبية، أن الشعار الذي يردده مؤيدو القذافي في طرابس يشبه الهتاف الذي كان يردده النازيون في ألمانيا بالضبط «إله واحد، شعب واحد، قائد واحد»، واصفاً ذلك بأنه الصيغة العربية للعقيدة الفاشية.
ووصف بن يشاي مؤيدي القذافي بأنهم «عميان عن كل ما لا يصدر مباشرة عن فمه»، إذ يرون حقيقة واحدة فقط هي «حقيقة الزعيم». ولفت إلى أنه عندما نحاول إجراء حديث مع أحد مؤيدي «الزعيم»، يمكن أن نحصل فقط على أجوبة مُتحفظة. وهي نفسها العبارات التي يبثها التلفزيون الليبي.
ووصف بن يشاي العاصمة الليبية بأنها «مليئة بالحواجز ونقاط حراسة الجيش والشرطة والعصابات المدنية التابعة للقذافي»، حيث ينصب هؤلاء خيمة وسط حي ويجلسون هناك طوال النهار كله وأيديهم دائماً على الكلاشنيكوف.