خاص بالموقع| باريس | رفع المواطن الفرنسي كريستيان بازانو دعوى أمام محكمة باريس الأولى، ضد الدولة الفرنسية، يطالبها بعطل وضرر، ويتهمها بـ«انتحال شخصية وتزوير وكسب غير مشروع، عبر ممثليها، وتسهيل تهريب الأموال»، في ما بات يسمى «كويت غيت»، نسبة إلى فضائح إطفاء حرائق آبار النفط في الكويت عام ١٩٩١، والتي يمكن أن تطال مدير صندوق النقد الدولي، الفرنسي دومنيك شتروس كان الذي كان وزيراً للمال آنذاك، وأبرز مرشحي الحزب الاشتراكي لانتخابات الرئاسة المقبلة.


وفي حيثيات الدعوى المنتظر أن تأخذ أبعاداً سياسية كبرى تحت تسمية «كويت غيت»، فإن إضرام صدام حسين النار في ١١٠٠ بئر قاد إلى حرائق هائلة أُطفئت خلال مدة قصيرة لا تتجاوز أسابيع معدودة، بواسطة نظام طوّره شريك بازانو، الصناعي اللبناني الأصل جوزف فراية المقيم في جنوب فرنسا. وحسب محاميهما دومنيك كونكو، فإن صندوق التعويضات خصص ما يقارب ٢٢ مليار دولار مقابل هذه المهمة «لم يصل لموكليه منها أي قرش»، فيما عدد لا يستهان به من الوكلاء والوسطاء والمصرفيين تقاسموا هذه المبالغ الخيالية، وهو ما وصفه بأنه «عملية سطو دولية»، حسب قوله لموقع «ميديا ليبر» السويسري المتخصص.
وتشير التحقيقات إلى أن «أشخاصاً قد انتحلوا شخصية بازانو، الممثل الشرعي لأصحاب براءة الاختراع»، لقبض تلك المبالغ واستثمارها في سندات مالية تدفع لحاملها. وكان كتاب «العلبة السوداء» الذي يشرح عمل مؤسسة المقاصة «كلير ستريم» قد ذكر غياب «أي تفصيل عن هذه المبالغ، رغم مرورها في المصارف الأوروبية». وكان اسم كلير ستريم قد ارتبط باللوائح الشهيرة التي نشرت و«دُسّ» فيها اسم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وصدر حكم فيها على اللبناني عماد لحود وبُرّئ دومنيك دوفيلبان، خصم ساركوزي اللدود، حيث قدمت النيابة العامة طلب تمييز الحكم.
وحسب الدعوى المرفوعة، فإن شركة «هورويل» (Horwell) المنبثقة عن «المؤسسة الفرنسية للنفط» التي تملكها الدولة، قد حصلت على عقد إطفاء الحرائق، وإن وزير المال آنذاك ستروس كان قد «نصح وضغط على الحكومة الكويتية بقوة» كي يرسو العقد على الشركة الفرنسية التي استغلت خلال عملها النظام المسجل باسم المشتكين، رغم أن براءة الاختراع كانت مسجلة في إدارة البراءات التابعة لوزارته، و«سجّل هذه البراءة باسم شركة هوريل» التي لم تكن قبل ذلك سوى «علبة بريد».
ومن المنتظر أن تلتئم المحكمة في الأسبوع المقبل (١٦ آذار) للنظر في الدعوى، إلا أن عدداً من المراقبين يرون أن القضية يمكن أن تتفاعل، إذ إن المبالغ ضخمة جداً، والغوص في «تفاصيل من قبض ومن لم يقبض» يمكن أن يفتح الأبواب واسعة أمام الكثير من التساؤلات، ويعيد تحريك ملفات قديمة دارت كلها حول «استفادة أطراف عديدة» من عمولات على التعويضات التي صرفت من أموال العراق. كذلك فإن توقيت هذه الدعوى وما يمكن أن تكشف عنه ليسا مناسبين البتة لستروس كان الذي يستعد لخوض معركة الرئاسة، وخصوصاً أنه كما يقال في اللغة الفرنسية «يجرجر وراءه عدداً كبيراً من الطناجر»، في إشارة إلى عدد من الفضائح يمكن أن تعود إلى واجهة الإعلام.