استخدمت السلطات المصرية مختلف الوسائل المتوافرة لديها في محاولة منها للحد من التظاهرات، التي اجتاحت المحافظات المصرية أمس للمطالبة برحيل نظام حسني مبارك، بما في ذلك اعتقال قادة من جماعة الإخوان المسلمين، وتقييد تحركات أركان المعارضة في ظل حملة اعتقالات عشوائية بين المتظاهرين وصلت إلى أكثر من ألف. وحظرت الشرطة المصرية على المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، محمد البرادعي

، مغادرة منزله، على خلفية مشاركته إلى جانب رئيس حزب الجبهة الديموقراطية أسامة الغزالي حرب، في احتجاجات «جمعة الغضب» وسط القاهرة، وذلك غداة وصوله إلى مصر وطرح نفسه بديلاً محتملاً لحسني مبارك.
ويأتي وضع البرادعي في الإقامة الجبريّة بعدما استبقت السلطات الأمنية «جمعة الغضب» بشنّ حملة اعتقالات ضد أعضاء تنظيم «جماعة الإخوان المسلمين، ظناً منها أنها تستطيع بذلك إحباط التظاهرات، بعدما أعلنت الجماعة أنها ستشارك بفعّالية في الاحتجاجات على عكس يوم الثلاثاء الماضي، عندما قررت عدم الانضمام إلى المحتجين».
وأكد محامي الجماعة، عبد المنعم عبد المقصود، اعتقال عشرين عضواً على الأقل من جماعة الإخوان المسلمين، مشيراً إلى أن من بين الأشخاص الذين اعتُقلوا من منازلهم خمسة نواب سابقون، وخمسة أعضاء في المكتب السياسي، أبرزهم عصام العريان ومحمد مرسي.
في هذه الأثناء، شنت السلطات حملة اعتقالات واسعة في صفوف المتظاهرين، مستغلة اندساس عناصر أمنية بلباس مدني بين المحتجين، وسط دعوات من منظمة العفو الدولية إلى السلطات من أجل العمل على كبح جماح قواتها الأمنية لمنع لمنع إراقة المزيد من الدماء.
وفيما أكّدت منظمة العفو الدولية أنه لا يمكن السلطات الاستمرار في الاعتماد على قانون الطوارئ المطبّق منذ 30 عاماً، لفرض حظر شامل على التظاهرات العامة ومنح صلاحيات واسعة لقواتها الأمنية لاعتقال المتظاهرين، أعلنت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي، أمس أن السلطات المصرية اعتقلت أكثر من ألف شخص، منتقدة تعامل السلطات مع المتظاهرين، وداعيةً مصر إلى أن تسمح بالتظاهر دون خوف، وأن تكف عن محاولة إسكات المعارضين.
كذلك دعت إلى إنهاء قانون الطوارئ الذي قالت إنه «يمثّل السبب الجذري لكثير من الإحباط والغضب الذي يشتعل الآن في الشوارع».
وأضافت «أدعو الحكومة إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لضمان الحق في حرية التجمع السلمي، وحرية التعبير، بما في ذلك إعادة الاستخدام الحر للهواتف المحمولة وشبكات التواصل الاجتماعي».
وطالبت بيلاي، وهي قاضية سابقة في الأمم المتحدة لمحاكمات جرائم الحرب، السلطات المصرية بالتحقيق في ادعاءات الإفراط في استعمال القوة، التي أدت إلى مقتل خمسة مدنيين على الأقل، مشيرةً إلى أن «قمع أصوات المواطنين وإسكات المعارضة وخنق الانتقادات لن تؤدي جميعها إلى انتهاء المشاكل».
ودعت الحكومة المصرية الى «إعادة الاتصالات الهاتفية والشبكات الاجتماعية الى العمل»، في وقت دعا فيه الاتحاد الأوروبي الى الإفراج الفوري عن المتظاهرين المعتقلين في مصر.
وطالبت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين اشتون، السلطات المصرية بالعمل على إطلاق سراح كل المتظاهرين الذين اعتُقلوا خلال التظاهرات الأخيرة «على الفور ومن دون شروط»، مؤكدةً أنّ «الاستخدام المتواصل للقوة ضد المتظاهرين من جانب الشرطة وقوات الأمن أمر مقلق للغاية».