باستثناء نقابة المطاعم والمقاهي، لم تطّلع معظم نقابات أصحاب الأعمال المعنية بقانون سلامة الغذاء على نص القانون بعد. نقابة تجار اللحوم المبرّدة، اتحاد القصّابين، نقابة تجّار الخضار والفواكه، نقابتا المزارعين والفلاحين، نقابة بائعي الأسماك ونقابة الدواجن. هذه «النقابات» ليست على «دراية» بما ينص عليه قانون سلامة الغذاء، حتى جمعية الصناعيين «لم تطّلع على القانون بنحو وافٍ يتيح لها إعطاء ملاحظات أو رأي»، وفق ما قال نائب رئيس الجمعية، رئيس نقابة أصحاب الصناعات الغذائية السابق، جورج نصراوي لـ»الأخبار».
يُجمع المتحدثون بأسم هذه الاتحادات والنقابات على «صوابية» القانون بـ «شكله العام»، على الرغم من عدم اطلاعهم على أحكامه بعد ولم تصدر مراسيمه التطبيقية. هم يرون أن وجود قانون هدفه السلامة العامة «بالمبدأ» هو أمر جيد، لكن ملاحظاتهم وهواجسهم تعطي انطباعاً عامّاً بأنهم لا يثقون بآليات التطبيق، وأحياناً لا يعيرون أهمية للقانون، لاعتقادهم أنه سيكون قابلاً للخرق أو لن يكون تطبيقه جدياً.
يشكو معظم هؤلاء عدم إشراكهم بوضع القانون ومناقشته. يعلّق رئيس جمعية تجار اللحوم المبردة والمثلجة سميح المصري قائلاً إنه «لا يمكن محاسبة تاجر لحم إن لم يكن على بيّنة من الإرشادات... لو تم إشراكنا لكنا أفدناهم بكثير من الملاحظات».

وحدها نقابة أصحاب
المطاعم كانت «الشريكة» الواضحة في إعداد القانون

يقول رئيس نقابة تجّار الخضار والفاكهة بالجملة محمد القيسي، إن الهاجس الأكبر لديهم يتمثّل بمتابعة رش المبيدات بالطريقة السليمة على المنتجات، «وهي مرحلة تسبق وصولها إلينا، فلا يمكن أن يحاسبونا على منتجات غير مطابقة للسلامة العامة، إن لم يُتابع مسار الإنتاج من أوله»، ويضيف: «هي مسؤولية وزارة الزراعة». فعلياً، يشكو المزارعون والفلاحون، قبل التجّار، غياب وزارة الزراعة، الجهة المعنية بدعمهم والرقابة على عملهم ومتابعة أمورهم. «هي علاقة جفاء بيننا وبين الوزارة»، وفق تعبير رئيس نقابة الفلاحين إبراهيم ترشيشي، فيما يقول رئيس جمعية المزارعين أنطوان الحويك إن وزارة الزراعة «غايبة عن الوعي». أما رئيس نقابة الخضار والفواكه بالمفرّق سهيل معبي، فيلفت إلى «مبادرة فردية من قبل المجلس البلدي لبلدية بيروت» لإنشاء مختبر خصوصي لاختبار سلامة البضائع «بالتزامن مع إنشاء السوق الجديد في أرض جلّول».
من جهته، يلفت رئيس نقابة أصحاب الأسماك عبدالله غزال، إلى «البيئة» المحيطة بسوق السمك في الكرنتينا، إذ «تتدافع النفايات صوب المورّد الوحيد للأسماك في لبنان»، ملمحاً إلى أن أولوية السلامة حالياً تكمن في النظر إلى البيئة المحيطة بالسوق حيث تُرمى نفايات بيروت.
يختصر رئيس نقابة الدواجن، وصاحب شركة «هوا تشيكن»، جان الهوا، تعليقه بالإشارة إلى ضرورة تنفيذ القوانين على الجميع وليس على فئة دون أُخرى، «مش كل مرة بشدّدوا علينا بإجراءات بتكلّف ملايين الدولارات ومنلتزم فيها نحنا وغيرنا لا».
يقول رئيس جمعية الصناعيين جورج نصراوي إنه اطّلع على القانون بالمجمل، واصفاً إياه بالجيد، لكنه يلفت إلى عدم إمكانية تطبيق المعايير المفروضة على المصانع الصغيرة، «إذا جرى تطبيق القانون، الكثير من هذه المصانع الصغيرة سيتم إقفالها».
وحدها نقابة أصحاب المطاعم كانت «الشريكة» الواضحة في إعداد القانون. يقول رئيس النقابة طوني الرامي «إننا شاركنا بكثير من صياغات القانون»، لافتاً إلى أن «النواب تجاوبوا مع الكثير من ملاحظاتنا». ما هي طبيعة هذه الملاحظات؟ لا يدخل الرامي في التفاصيل، لكنه يشدّد على مطلب «توحيد المعايير من قبل جهات موحدة».
يقول وزير السياحة السابق، رئيس جمعية الصناعيين اللبنانيين السابق، فادي عبوّد في هذا الصدد إن الهاجس الأكبر يكمن في «تشعّب جهات المُراقبة وعدم حصرها بجهة واحدة»، مُضيفاً: «من الممكن أن يكون القانون في مكان والمراسيم التطبيقية في مكان آخر»، لافتاً إلى أن «الشيطان يكمن في المراسيم التي يكون المسؤول عنها أصحاب المصالح».