قد يبدو الأمر عبثيّاً. سوريا غارقة في حمّام الدم، والمنطقة على كفّ عفريت، والدول المصدّرة للديموقراطيّة تقترع على أشلائنا. كثيرون يستشعرون الكارثة الوشيكة، وهم يستمعون إلى «نبوءات» المهرّج الملتحي الذي يروّج له الإعلام بقلّة إدراك مذهلة. الموسم السياحي المهتزّ في لبنان. الجراد الأسود في شوارع المدن التونسيّة. خوف يحلّ مكان خوف آخر: من مخبري الديكتاتور وجلاديه، إلى مطاوعة التكفير وجزمات العسكر ودسائس الفلول وسرطان الفتنة. المرتزقة وقطّاع الطرق يرون أنفسهم «ثوّاراً»، وشبح الأخ الأكبر محرّكاً بيديه الآثمتين خيوط المذابح الآتية. حشد من الرجال المعصوبي الأعين يحوربون على إيقاع الطبول… وغير ذلك من عناصر أوبرا فجائعيّة من إخراج بيتر سيلرز.
وفيما الطاعون يركض في أزقّة طيبة المعاصرة، نكرّس ملحقاً من عشرين صفحة للاحتفاء بمهرجانات الصيف العربي، على غلافه أوتيه لامبر كاهنة الكاباريه البرليني، بفستانها الأحمر الطويل حتّى… «بيبلوس». نفعل ذلك تحيّة لنساء ورجال يواصلون رهانهم على الاستقرار والتعدد والانفتاح، على الحياة المدنيّة والسلم الأهلي. لقد أصرّت المهرجانات الدوليّة على تقديم برمجة جديرة بالاهتمام: من Slash وB.B. King، مروراً ببوتشيني وسيلفي غيلام و… «كركلا»، وصولاً إلى حمام خيري في «بيت الدين»، ونجوم البوب العربي، والأغنية الجديدة تمثّلها فرقة «مشروع ليلى» التي ستحتل هذا الصيف «دراج بعلبك»… أما مرسيل خليفة، فيعود إلى المدرج الروماني في «قرطاج»، ويليه ظافر يوسف بنفَسه الصوفي الوجودي، متحدّياً أي نظرة منغلقة إلى العالم والغيب. كل ذلك يستحقّ التحيّة. فليبدأ الاحتفال، وليكن تعويذة ضدّ الخراب والموت والكوابيس المقبلة.