لم تعد الضمانات السعودية لإسرائيل على المستوى وما يتعلق بالتزام اتفاقية «كامب ديفيد»، مجرد تسريب صحافي إسرائيلي. فقد كشف وزير الأمن، موشيه يعلون، أمس، عن أن «إسرائيل تلقت وثيقة مكتوبة تُثبِّت حرية الملاحة الإسرائيلية في مضائق تيران»، وأضاف في حديث مع مراسلين عسكريين، إن الوثيقة «تكرس الالتزامات السعودية، على خلفية انتقال جزيرتي تيران وصنافر إلى سيادتها، بالاتفاقات التي توصلت إليها إسرائيل ومصر في اتفاقية السلام عام 1979». وينص الاتفاق، وفق صحيفة «هآرتس»، على أن مضائق تيران وخليج العقبة «مياه دولية مفتوحة للملاحة البحرية والجوية».
يعلون: الجسر البري بين السعودية ومصر حصل على موافقة إسرائيلية

ما كشفه يعلون يؤكد أن الرياض قدمت التزامات ترى فيها تل أبيب ضمانا لمصالحها الأمنية، والتزاما عمليا بمقتضيات «كامب ديفيد»، فيما لفت الوزير إلى أنه بفعل حرية الملاحة المنصوص عليها في الاتفاق بين إسرائيل ومصر، «جرى التوجه مسبقا إلينا لتحديد موقفنا من نقل السيادة إلى السعودية». وشدد، أيضاً، على أن هذا الأمر «يقتضي موافقتنا، وموافقة الأميركيين المشاركين في الاتفاقية، وmfo (قوات الحفاظ على السلام)»، ما يعني أن الأطراف الأربعة، السعودية ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة، توصلت إلى تفاهم على نقل المسؤولية عن الجزر إلى الأولى بشرط أن يحذو السعوديون حذو المصريين في شأن الملحق العسكري للاتفاقية بين مصر وإسرائيل.
عن البعد الأمني، أكد يعلون أن «الأجهزة الإسرائيلية لم تعارض بناء جسر بري بين السعودية ومصر»، مشيرا إلى أن هذا المسار جرى أيضا بموافقة إسرائيلية. ومؤكدا مرة أخرى أن «التفاهمات مثبتة في الوثيقة». وجزيرتا تيران وصنافر تتمتعان بأهمية استثنائية في الميزان الإسرائيلي لكونهما تقعان في مدخل خليج العقبة؛ نتيجة ذلك، فإن «هوية الدولة وتوجهاتها» تحتل أولوية متقدمة لدى صانع القرار الإسرائيلي، ما يعني أن الموقف الإسرائيلي المؤيد، والسعودي الملتزم، ينطويان على دلالات سياسية كثيرة بدأت بالظهور على ألسنة الإسرائيليين.
ولفت معلق الشؤون العربية في القناة الأولى الإسرائيلية، عوديد غرانوت، إلى أن الخطوة المصرية تبدو للوهلة الأولى كأنها «تتعارض مع اتفاقية السلام، ولكن المحلق العسكري يسمح بإحداث تغييرات بموافقة الطرفين. وهو ما جرى عندما سمحت إسرائيل لمصر بإدخال قوات تزيد على ما هو مسموح به من أجل محاربة داعش». ورأى غرانوت أن الجانب «الأكثر لطافة أن هاتين الجزيرتين تنتقلان إلى السعودية، التي هي جزء من المحور السني المعتدل، ويقال أن هناك علاقات سرية بينها وبين إسرائيل»، معرباً عن اطمئنانه إلى أن الجزيرتين «لا تصلان لأيدي إيران وحزب الله... عندها ستكون القصة أقل لطافة بكثير».
إلى ذلك (رويترز)، قال الجيش الأميركي أمس، إنه أبلغ مصر وإسرائيل رسميا بأنه يراجع «عمليات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء»، بما في ذلك سبل استخدام التكنولوجيا بدلا من نحو 700 جندي أميركي هناك. وقال المتحدث باسم البنتاغون، جيف ديفيز، «لا أعتقد أن أحدا يتحدث عن انسحاب (كامل للقوات الدولية). أعتقد أننا سننظر فقط في عدد الأشخاص هناك ونرى ما إذا كانت هناك مهمات يمكن فعلها آليا أو لا لمراقبة عن بعد».