«لماذا محمد شطح؟». طرح هذا السؤال نفسه بقوة أمس في طرابلس، بعدما تواترت إليها أنباء اغتيال ابنها الوزير السابق، في موازاة بروز مخاوف، بعد التوتر الذي شهدته المدينة أمس، من أن يكون اغتياله شرارة اندلاع جولة جديدة من الاشتباكات. في أوساط تيار المستقبل، كما باقي القوى السياسية في طرابلس على اختلافها، كان خبر استهداف شطح مفاجئاً. فالرجل «كان من أنصار التهدئة وعدم التصعيد في المواقف، واعتماد لغة الحوار. وكان خطابه معتدلاً وليس استفزازياً، لكأنما من اغتاله أراد القول ان القتل هو لغة الحوار الوحيدة».
بيانات الاستنكار كانت حاضرة، وكذلك اتهامات أوساط «التيار الأزرق» السياسية للنظام السوري وحزب الله بالوقوف مباشرة أو غير مباشرة وراء اغتياله. لكن قلة من المراقبين حاولت قراءة أبعاد الاغتيال وتداعياته.
لم يتوان البعض عن تشبيه اغتيال شطح بعملية اغتيال الوزير السابق مروان حمادة التي أعقبها مسلسل اغتيالات طويل لم تنته حلقاته بعد، معتبراً أن اغتيال شطح هو «رسالة إلى فريقه السياسي». فيما رأى البعض الآخر أن لاغتياله علاقة برئاسة الحكومة مشيراً إلى أن اسمه «طرح مراراً لهذا المنصب من قبل تيار المستقبل»، لأنه الشخصية الثالثة من حيث الأهمية والمكانة السياسيتين بعد الرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيورة.
وقبل إعلان اغتيال شطح بدقائق، سادت طرابلس موجة من الشائعات منها أن الشخصية المستهدفة في التفجير هي شخصية مستقبلية، تردد مرة أنها النائب جمال الجراح وأخرى النائب أحمد فتفت، إضافة إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. لكن أوساط الأخير أكدت أنه «خارج لبنان منذ 4 أيام لتمضية عطلة الأعياد»، وأنه «قطع إجازته وسيعود إلى لبنان خلال ساعات لمتابعة التطورات».
شطح الذي يشيع غداً في مسجد محمد اﻷمين في وسط بيروت، في مأتم شعبي ورسمي، ويوارى في الثرى في جوار الرئيس رفيق الحريري، تعد عائلته التي سجلات قيودها في باب التبانة، من العائلات ذات الحضور الاقتصادي الاجتماعي في طرابلس. فوالده أبو حسن شطح كان رئيساً لنقابة تجار سوق الخضار والفواكه في طرابلس. ولعل انتماءه إلى باب التبانة هو الذي جعلها «تنتفض» بعد وصول نبأ اغتياله إليها، فساد التوتر سريعاً المنطقة وأغلقت المحال التجارية أبوابها، وأطلق مسلحون النار في الهواء، فيما كان مسلحون آخرون يجوبون بعض شوارع طرابلس على دراجات نارية للغرض نفسه.
زملاء شطح القدامى على مقاعد الدراسة يقولون إنه «لم يكن مُسيّسا، وأن عائلته لم تكن يوماً من العائلات السياسية في طرابلس، و قضاياها لم تكن تشغله، بل كان يفضل العيش براحة بال وتأمين مستقبله ومستقبل أولاده بلا وجع رأس». ويضيفون: «يكفي كونه سنّياً ومن تيار المستقبل حتى يتوتر الشارع الطرابلسي إثر اغتياله».