يشدّد برتولد بريشت على العنصر الموسيقي لمنح المسرح الملحمي أثراً تغريبياً. يجري هذا عبر مقاومة الموسيقى للتناغم المكتمل الذي يفرضه العمل، لتذهب إلى الاستقلالية على عكس تلك الموسيقى التي تخدم النص في المسرح الدرامي. كمعظم مسرحياته، يشكل الشق الموسيقي جزءاً أساسياً من حبكة «الواوية» لناجي صوراتي. هكذا سيرافق العرض عزف عبد قبيسي (١٩٨٢_ الصورة)، وعلي الحوت (١٩٨٥).
لا يخفي قبيسي أنّ نص بريشت الذي عمل عليه إيلي أضباشي «فرض الجو البارد للحرب العالمية والأصوات الحديدية لمحطات القطار». عندما بدآ العمل على التأليف الموسيقي، حاول الثنائي تفادي اللحن السردي المكتمل نظراً لحضور السرد الكثيف في النصّ، لذلك «فضلنا الذهاب نحو اللعب على الضجيج والمؤثرات الصوتية»، فيما يفضّل صوراتي اللحن الواضح. هذا التفاوت أدى إلى فرض شكل يجمع بين رؤيا ناجي الإخراجية بحسب قبيسي، وبين رؤيتهما التي كانت تتجه نحو المؤثرات فقط. هذا العمل ليس غريباً على قبيسي والحوت اللذين شاركا في موسيقى «قدام باب السفارة الليل كان طويل» لنضال الأشقر. كما سبق لقبيسي أن عمل على الموسيقى التصويرية لبعض الأفلام. في تقديمهما للموسيقى الحية خلال العرض، اعتمد قبيسي والحوت على الآلات الوترية والإيقاعية الشرقية والغربية، إلى جانب بعض الآلات لمعالجة مؤثّرات الصوت. وظّفا التجريب هنا على صعيد الآلات، وخصوصاً الوترية التي ركّباها للعمل. خلال العرض، سيعزف قبيسي على بزق مجهّز يعزف عليه مع قوس، وعلى غيتار، وبزق تقليدي أيضاً. أما علي الحوت، فسيعزف على أربعة كريات غنائية نيبالية (آلات قرع لحنيّة مصنوعة من النحاس)، وعلى الرقّ، وطبول مفصولة عن الدرامز، والبندير، والدفّ الفارسي. عزف الحوت وقبيسي لا يقتصر على الموسيقى البحتة، بل يرافقان بعض الأغنيات التي يؤديها خالد العبد الله ونضال الأشقر كـ«سالمة يا سلامة»، و«البنت الشلبية» اللتين أعاد خالد العبد الله توزيعهما ضمن قوالب جديدة. كما عمل على توليف جديد لموسيقى باخ مع الآلات والمقامات الشرقية لتخدم الرؤية الإخراجية، سيقدّمها الحوت وقبيسي.