كتب حامي شاليف في صحيفة هآرتس «من الصعب أن نحدد ما الذي يجب على الإسرائيليين أن يكونوا أكثر قلقاً منه: حقيقة توقيع اتفاق في جنيف كان رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، قد قال إنه سيئ جداً وخطير جداً، أو من كون إسرائيل ناورت نفسها باتجاه عزلة دولية قاسية بقيت فيها وحدها، إلى جانب بعض المشايخ السعوديين وأعضاء الكونغرس الأميركيين». أضاف «لذلك، ليس سهلاً أن نحدد ما الذي يشكل خطراً داهماً وواضحاً على أمن إسرائيل: احتمال أن يستغل الإيرانيون الاتفاق من أجل دفع طموحاتهم قدماً باتجاه الحصول على سلاح نووي، كما تخشى تل أبيب، أو احتمال أن تختار إسرائيل مرة أخرى خوض صراع علني خاسر ضد الإدارة الأميركية وتكشف بذلك أمام العالم عن الإسفين العميق القائم بينها وبين حلفيتها الأساسية والوحيدة». وخلص شاليف إلى القول «السؤال ليس إذا كانت إسرائيل محقة، وإنما هل هي حكيمة: هل الصراخ، الإهانات، التشكيك والاتهامات تخدم مصالحها الحيوية أو تضعفها، وهل التباكي هو بالضرورة نهج سياسي. على أية حال، هذا هو الطريق الذي أوصلنا إلى هنا».
وتحت عنوان «في جنيف دُقت المسامير في هزيمة نتنياهو»، كتب أمير أورن في هآرتس أن «الحقائق تثبت أن نتنياهو، على طول الطريق، أخطأ في تقديراته وفي سياساته. وقد كان محقاً من قال إن إيران لن يكون لديها سلاح نووي قبل 2014 ومن سعى إلى منع تحولها إلى دولة نووية عسكرية بوسائل غير عسكرية، من خلال الحوار والعقوبات. لو كانت خطة نتنياهو وباراك بين ربيعي 2010 و2011 خرجت إلى حيز التنفيذ، لكانت إسرائيل الآن تلعق جراح حربها الأولى مع إيران وتستعد للحرب الثانية، فيما الجهود النووية الإيرانية تقترب من ترميم المشروع». ومضى الكاتب في انتقاد نهج نتنياهو الذي «عرّى ضعف إسرائيل في داخل واشنطن وخارجها، فالمواجهة العلنية التي خاضها مع باراك أوباما أظهرت للعالم أن الرئيس الأميركي، في ساعة الحسم، يفضل المصالح والاعتبارات الأميركية ويبقي وراءه إسرائيل من دون قدرة ذاتية على الفعل». وأضاف «نتنياهو هو فشل تسلسلي. ميت رومني لم يُنتخب للرئاسة. الكونغرس لم ينتصب إلى جانب إسرائيل في مواجهة أوباما، والاتفاق مع إيران تحقق برغم أنف نتنياهو».
وختم أورن مقالته بالقول «هذا الصباح، في سويسرا، أخذوا من نتنياهو مسدس الدمية الذي كان يلوّح به. في بازل أسس هرتسل دولة اليهود، وفي جنيف استنفد أوباما ولاية نتنياهو الحكومية. لم يتبق لديه أية ذريعة حقيقية لطموحه إلى زعامة الإسرائيليين. فرئيس الوزراء الإسرائيلي لا يستطيع أن يكون مجرد ببغاء سياسي يردد أن الصفقة مع إيران «سيئة سيئة سيئة». إن استمرار ولاية نتنياهو في رئاسة الوزراء هي مضيعة للوقت والجهد والمال. في الوضع الجديد، إسرائيل تحتاج إلى قيادة جديدة».
وفي «يديعوت أحرونوت» عدد روعي سيموني الرابحين والخاسرين في اتفاق جنيف، فأحصى بين الرابحين إيران والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، فيما رأى أن إسرائيل تأتي على رأس الخاسرين، تليها السعودية. ورأى الكاتب أن إسرائيل خسرت المعركة والحرب على حد سواء، متسائلاً عن الذي لم يفعله نتنياهو من أجل البرنامج النووي الإيراني؟ «لقد أحضر إلى الأمم المتحدة رسوماً هندسية لمعسكر الإبادة النازي في آوشفيتس، وعرض رسوماً عن القنبلة تظهر تقدم إيران باتجاه السلاح النووي، وحدد عليها خطاً أحمر، محذراً من على كل منبر من الخطر الذي يشكله امتلاك إيران للسلاح النووي». كما أن «الحملة» التي قادها نتنياهو وحكومته «دفعت إسرائيل إلى مواجهة علنية مع الولايات المتحدة ورئيسها. وطلب من الدول العظمى فرض المزيد من العقوبات على طهران لإخضاعها، وأعلن أن الاتفاقات المبرمة مع إيران لا تلزم إسرائيل التي تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها». وفي مقابل كل ذلك، تم توقيع الاتفاق مع طهران، وهو اتفاق «لم يؤدّ إلى وقف التخصيب الإيراني، ولم يزل أجهزة الطرد المركزية ولم يقض على مفاعل المياه الثقيلة في آراك، وإن لم يكن ذلك كافياً، فإنه بحسب الاتفاق، لن تفرض خلال الفترة القادمة عقوبات إضافية على طهران». وفي الصحيفة نفسها، كتب معلق الشؤون الأمنية، رون بن يشاي، مقالاً طويلاً جرّد فيه النقاط الإيجابية والسلبية في اتفاق جنيف بالنسبة إلى إسرائيل. ورأى الكاتب أن الاتفاق يعتبر «معقولاً، وربما جيداً، لكن بشرط أن يكون فعلاً اتفاقاً مرحلياً يسرى مفعوله لمدة ستة أشهر، كما يقول أوباما ووزير خارجيته جون كيري اللذان أكدا أنه سيكون هناك في المستقبل اتفاق نهائي يفكك القدرات النووية لإيران». وأضاف الكاتب «إذا تحول الاتفاق المرحلي المعقول إلى اتفاق نهائي، كما تخشى إسرائيل، فإنه ليس فقط سيئاً، وإنما خطير أيضاً؛ إذ سوف يُسمح لإيران بالبقاء على ما هي عليه اليوم، أي «دولة حافة نووية» تستيطع أن تقفز باتجاه تحقيق المواد لسلاح نووي في غضون 6 إلى 8 أشهر».
وفي معاريف، حاول معلق الشؤون الدولية، نداف أيال، أن يوازي بين سلبيات الاتفاق بالنسبة إلى إسرائيل وإيجابياته. واعتبر الكاتب أن الاتفاق مع إيران هو بالضبط ما هو عليه: «اتفاقية مرحلية أولية. إطار للعمل. سلسلة من الاتفاقات المتواضعة، لكن المهمة. إيران ستحصل على رفع محدود للعقوبات وتعطي في المقابل تجميداً كاملاً لبرنامجها النووي». لكن أيال أشار إلى مكمن القلق الإسرائيلي في الاتفاق المتمثل في قدرة الإيرانيين على مواصلة التخصيب وعدم تفكيكهم لأي جهاز طرد مركزي، لافتاً إلى أنه سيكون بإمكانهم «استغلال نافذة الوقت من أجل تفكيك نظام العقوبات، في الوقت الذي تراوح فيه الاتصالات مكانها». وخلص الكاتب إلى أن الاتفاق يمكن أن يكون هيكلاً لاتفاقية نهائية مع إيران تبقيها عملياً دولة حافة نووية».