توصلت القوى العالمية الست وإيران، أمس، الى اتفاق حول الملف النووي الإيراني الشائك، بعد أربعة أيام من مفاوضات صعبة في المدينة السويسرية جنيف، حيث عقدت سابقاً جولتان من هذه المفاوضات لم تؤديا الى اتفاق. ورأى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في بيان صادر عن الكرملين، «أن اختراقاً قد تحقق، لكنه ليس سوى خطوة أولى على طريق طويل وصعب». وأضاف «إننا على استعداد، بالتعاون مع شركائنا، لمواصلة السعي بصبر الى حل يحظى بقبول متبادل يضمن حق إيران الثابت في تطوير برنامج نووي سلمي تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وأمن كل دول الشرق الأوسط، بما فيها اسرائيل». وتابع ان «المباحثات بشأن تنظيم وضع البرنامج النووي الإيراني أتاحت الاقتراب من حل واحدة من المشاكل الأكثر صعوبة في السياسة العالمية». وفي السياق، قالت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كاثرين أشتون، التي تمثل مجموعة الدول الست (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا)، إن هذا الاتفاق يوفّر وقتاً ومجالاً للمحادثات التي تهدف الى التوصل إلى حل شامل للأزمة.
وأضافت «هذه خطوة أولى، لكنها كما سترون ضمن إطار البحث عن اتفاق شامل. ولا شك أن هذا هو ما نريد تحقيقه كمجموعة ثلاث دول أوروبية بزيادة ثلاث. هذا أيضاً هو ما أعتقد أن حكومة إيران تريد تحقيقه». وتلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، مُحاطة بجميع الوزراء الذين شاركوا في المفاوضات، في مقر الأمم المتحدة في جنيف أمس، إعلاناً مشتركاً يشمل «اتفاقاً على خطة عمل».
وقالت أشتون، وإلى جانبها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قبل تبادل التهاني بين الوزراء: «توصلنا الى اتفاق على خطة عمل».
وفي إشارة الى مضمون الاتفاق، اعتبرت أشتون «أن من السوء دوماً أخذ مسألة ومحاولة تحديد موقع لها بطريقة ما»، مضيفة: «سعينا الى الرد على مخاوف المجتمع الدولي والتحرك بشكل يحترم الحكومة والشعب الإيرانيين».
بدوره، اعتبر وزير الخارجية الإيراني أن الاتفاق «نتيجة مهمة، لكنه ليس إلا خطوة أولى». وقال ظريف في مؤتمر صحافي «لقد أنشأنا لجنة مشتركة لمراقبة تطبيق اتفاقنا. آمل أن يتمكن الطرفان من التقدم بطريقة تسمح بإعادة الثقة»، مضيفاً إن الاتفاق يتضمن «إشارة واضحة مفادها أن التخصيب سيستمر» في إيران.
وتابع ان «هدفنا كان حل هذه المسألة النووية»، لأنها كانت «مشكلة نحن في غنى عنها». وقال ظريف أيضاً إنه يأمل عودة «ثقة الشعب الإيراني تجاه الدول الغربية» على أثر هذا الاتفاق، مشدداً على أن «الحق (بامتلاك) التكنولوجيا النووية حق غير قابل للتصرف». وأضاف «إن المعركة التي خضناها منذ سنوات عدة كان الهدف منها اعتراف المجتمع الدولي» بممارسة إيران لهذا الحق. وخلص الى القول «نعتقد أن هذا الاتفاق وخطة العمل» يعني أن «البرنامج النووي الإيراني سيستمر».
ورأى أن الاتفاق لا يتطرق الى البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر الانتشار النووي الذي يسمح خصوصاً بإجراء عمليات تفتيش أكثر عمقاً للمواقع النووية. وقال ان تطبيق البروتوكول «ينبغي ان يحصل على اي حال على موافقة البرلمان».
وأكد ظريف أن ايران ستعزز تعاونها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية المكلفة الاشراف على الأنشطة النووية الايرانية.
بدوره، رأى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ، أن الاتفاق «جيد للعالم أجمع، بما في ذلك لدول الشرق الأوسط والشعب الإيراني». من ناحيته، أدلى وزير الخارجية الصيني وانغ يي، بتصريحات لتلفزيون الصين المركزي في جنيف بعيد إعلان الاتفاق، قائلاً «هذا الاتفاق مفيد لحماية منع الانتشار النووي على المستوى الدولي ويفيد السلام والاستقرار في الشرق الأوسط وكذلك جميع الأطراف لإقامة علاقات طبيعية مع إيران. الأساس للخطوة التالية هو تنفيذه». كذلك، اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أن المحادثات النووية الإيرانية انتصار دبلوماسي، قائلاً «اتسع نطاق احتمالات مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية للبرنامج النووي الإيراني بدرجة كبيرة. وافقت ايران على الإجراءات الإضافية بالكامل بخلاف تلك التي تستخدمها الوكالة الآن. في النهاية، أعتقد أن الموقف مكسب لجميع الأطراف».
بدوره، وزير الخارجية الألماني غيدو فسترفيله، رأى أن الاتفاق يشكل «نقطة تحول» وأن الدول الغربية «اقتربت جداً من هدفها لمنع اي تسلح نووي لإيران».
(أ ف ب، رويترز)