أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، أمس، أنه "ستجري المباشرة بتنفيذ خطة النفايات مساء غد (اليوم)". وعزت مصادر الوزارة تنفيذ الخطة مساء "لأسباب لوجستية تتعلّق بتفادي زحمة السير وغيرها". وعما اذا كانت الشاحنات التي ستنقل النفايات الى مطمر الناعمة ستحظى بمواكبة أمنية، قالت المصادر إن "تدابير ستنفذها القوى الأمنية وفق ما تقرر في الإجتماع الأمني الأخير الذي ترأّسه رئيس الحكومة تمام سلام".
في غضون ذلك، واصلت حملة "إقفال مطمر الناعمة" اعمال "التعبئة" الشعبية. وسعيا لامتصاص الغضب، زار وزير الزراعة أكرم شهيب، مساء أمس، بعض بلدات المنطقة. الا ان الناشط في الحملة أجود العياش قال ان شهيب "أُخبر أن رفضنا لن يتغيّر ولن نقبل إعادة فتح المطمر"، لافتا الى أن "التهويل" باستخدام هو لمنع الناس من المُشاركة في الاعتصام عند مدخل المطمر.
في المقابل، واصلت شركة سوكلين إصدار بياناتها "التوضيحية"، إذ لفتت الى أن ازدياد الكلفة على مر سنوات أتى "نتيجة زيادة حجم الأعمال التعاقدية المنفذة وتوسعة نطاق العمل الجغرافي لعملها في كل من بيروت وجبل لبنان، ويتمثل ذلك بأعمال الجمع عبر ازدياد كميات النفايات بنسبة سنوية تماشيا مع ازدياد عدد السكان وازدياد عدد البلديات التي تجري خدمتها، وعبر ازدياد كميات النفايات واعمال الطمر". مصادر متابعة أشارت الى ان ما تقوله سوكلين "صحيح ولكنه ناقص، وبالتالي عليها ان تعلن عن حجم الكميات التي كانت تتزايد سنويا لكي تتبين نسبة زيادة الكلفة على اساس الطن الواحد، كما عليها ان تصارح الراي العام بأن عقودها تتضمن مراجعة سنوية للاسعار، وهو ما كان يجري دائما بحجج ارتفاع الاكلاف واجور اليد العاملة والحاجة الى المزيد من التجهيزات."
الجواب على "توضيح" الشركة، أتى على لسان النائب سامي الجميل في ختام جلسة لجنة المال والموازنة المخصّصة لمحاسبة "المتورطين في ملف النفايات"، أمس، إذ أعلن أنه سيرفع دعوى جزائية ضدّ سوكلين "لكشف ما تعرّضت له أنا شخصيا من محاولات رشوة ولفتح ملفات الرشى التي دُفعت". مُداخلة الجميّل جاءت بعد نقاشات بين أعضاء اللجنة خلصت الى "أولوية" محاسبة الحكومات المتعاقبة التي كانت تحتضن "ملائكة المتعهّدين"، على حدّ تعبير رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان. وطالبت اللجنة بحضور الوزراء المعنيين بملف النفايات الى الجلسة المُقبلة، وهم: وزيرا الداخلية والزراعة ووزير البيئة محمد المشنوق، فضلا عن طلب "استجواب" الأمين العام لمجلس الوزراء السابق سهيل البوجي. وأتت "دعوة" البوجي على خلفية تساؤل الجميل عن التقارير التي كان يرفعها مجلس الإنماء والإعمار الى المجلس حول العوائق التي كانت تشوب عملية الفرز والمعالجة.
وكان رئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر قال في الجلسة: "من أول يوم، كنا نقول إن معمل كورال لا يكفي للمعالجة (..) والأرض المخصصة للمعالجة كانت تتسع لـ 300 طن بينما الكمية كانت 1400 طن، لهذا لم تجرِ المعالجة كما يجب"، فسأل الجميّل: "هل رُفعت تقارير فعلا الى مجلس الوزراء أم بقيت في جارور الأمين العام للمجلس؟". السؤال كرّره كنعان على الجسر: "هل أعلم مجلس الإنماء والإعمار الحكومة بأن المتعهّد قبض مستحقات لقاء خدمات لم يُنفّذها؟"، وطرح الجميل سؤالاً آخر: "لماذا لم نتوّقف عن الدفع لقاء الخدمة التي لم تتم؟ ". فكان تعليق الجسر: "هناك خدمة منقوصة، نتيجة عدم توافر مكان للمعالجة"، ولكن إذا كان المجلس يدرك أنه ما من أماكن للمعالجة "كيف جرى شمول بلديات في ما بعد وعلى اي أساس جرى تسعير التكلفة على هذه البلديات"؟ سأل النائب انطوان زهرا.
ولفت النائب حكمت ديب الى أن أوزان النفايات التي كانت تتقاضى "سوكلين" على أساسها أجورها مُضاعفة وغير حقيقية. وقال الجميل: "اكتشفنا أثناء إعدادنا لمعمل معالجة النفايات في بكفيا أن المنطقة تُنتج 7 أطنان من النفايات في الوقت الذي كنا ندفع لقاء معالجة 20 طنا". هنا كان جواب الجسر أن هناك استشاريين كانوا مكلفين إجراء هذه المهمة، فسأله كنعان: "هل تأكدتم كمجلس أن هناك رقابة جدّية على الأوزان والمعالجة؟ الفروق كبيرة جدا". فرد الجسر: "نفذنا قرارات مجلس الوزراء بحذافيرها"، في اشارة منه الى ان المسؤولية ملقاة على الحكومات المتعاقبة واللجان الوزارية.

2700 مليار ليرة ديون على البلديات


"كيف يمكن لمجلس الانماء والاعمار ان يتغاضى عن عدم تخصيص مجلس الوزراء المرجع الذي يُقتطع منه الأموال؟". يسأل الوزير السابق شربل نحاس، مُشيرا الى أنه "لا يمكن للمجلس ان يرتب مالا لمصلحة سوكلين على حساب الدولة من دون وجود اي سند يجيز اقتطاع هذه الاموال من حسابات البلدية او الدولة".
ألفان و700 مليار ليرة، بلغ حجم الديون المتراكمة على البلديات جراء عقود النفايات، بحسب كنعان. في هذا الصدد، قال المدير العام لوزارة المالية إن بعض مداخيل البلديات أقل من المطلوب منها لمعالجة نفاياتها، وهو ما أدى الى صرف أموال من الخزينة وترتيب فوائد عليها. وقال النائب ياسين جابر إن الهدر يطاول كل لبنان والخزينة دفعت نحو 200 مليون دولار كدين عام لسوكلين، بينما معظم بلديات لبنان لم تستفد من خدماتها.
"هذا الملف خطأ بخطأ وبدأ الخطأ مع شهيب، لماذا اعيد تكليفه؟ هذه سلطة سياسية تعمل بأسلوب مافيوي وتستعين بقضاء وإعلام فاسد"، هذا ما قاله النائب عباس هاشم مختزلا المشهد.