بعد اقل من شهر على الفوز الكاسح للتحالف الليبرالي- القومي في الانتخابات الاسترالية، تحقق شعار «أعيدو الزوارق»، الذي تبناه الراهب الكاثوليكي السابق، رئيس الوزراء الاسترالي الجديد طوني ابوت. سياسة «أعيدوا زوارق طالبي اللجوء»، التي تنتهجها الحكومة الاسترالية منذ عام ٢٠٠٧، تشهد تصعيداً ملحوظاً منذ وصول أبوت الى الحكم، حيث تعهد وقف الهجرة غير الشرعية، وأعطى أوامر للبحرية بإعادة الزوارق من حيث جاءت، مع اقترابها من المياه الأسترالية.
ويصر أبوت، الذي من المقرر أن يجتمع مع الرئيس الإندونيسي سوسيلو بامبانج يودويونو، في جاكرتا اليوم، على حقه في إعاقة دخول المياه الأسترالية، بالنسبة إلى السفن التي تحمل علم إندونيسيا بأطقم إندونيسية، وتنطلق منها بركاب على متنها لدخول أستراليا على نحو غير شرعي.
مأساة غرق عشرات المهاجرين، بينهم اكثر من عشرين لبناني واخرين من الاردن واليمن، في رحلة الموت من اندونيسيا الى استراليا، زادت من حدة النقاش حول سياسة اغلاق الحدود البحرية الاسترالية امام طالبي اللجوء.
ويصل عدد الذين غرقوا في البحر اثناء محاولتهم الدخول الى استراليا الى اكثر من ١٠٠٠ شخص خلال السنوات الماضية. وتحرص الحكومة الاسترالية على اعادة توطين عدد من اللاجئين في دول الجوار، ولا سيما في بابوا غينيا الجديدة. وفي عام ٢٠١١ توصلت ماليزيا واستراليا الى صفقة قضت بقبول ماليزيا اعادة ٨٠٠ طالب لجوء في استراليا الى اراضيها، ولقد انتقدت المفوضة السامية لحقوق الانسان نافي بيلاي هذا الاجراء لكونه يمثل خرقا فاضحا لالتزامات استراليا الدولية، وخصوصاً ان ماليزيا دولة غير عضو في اتفاقيتي اللاجئين ومناهضة التعذيب.
وتعد قضية الهجرة غير الشرعية ـــ أو ما يعرف باسم لاجئي القوارب ـــ واحدة من القضايا السياسية الساخنة في أستراليا منذ عقود طويلة، بينما تؤكد إحصائيات الأمم المتحدة أن أستراليا تحتل المركز الـ46 على لائحة الدول المضيفة للاجئين أو طالبي اللجوء، بحصة تبلغ أقل من 0.5% من العدد الإجمالي لطالبي اللجوء في العالم.
وعادة ما يسعى طالبو اللجوء للوصول إلى استراليا عن طريق جزيرة كريستمس قبالة السواحل الشمالية الغربية، ويقومون بهذه الرحلة الخطرة على متن قوارب مكتظة ومتهالكة.
وبحسب دائرة الهجرة ومراقبة الحدود الاسترالية، وصل عدد طالبي اللجوء المعتقلين في مراكز الاحتجاز حتى شهر ايار الماضي ٨٥٢١ شخصاً، بينهم ١٧٣١ طفلاً. وتتوزع جنسيات المحتجزين بين ايران (٢٤٠١ شخص) وسريلنكا (١٣٦٨ شخصاً) وافغانستان (١١١٧ شخصاً) وفيتنام (٥٨٦ شخصاً) وباكستان (٤٧٠ شخصاً) والعراق (٤٢٠ شخصاً).
ونفذ تحالف دعم اللاجئين
www.refugeeaction.org.au تظـــــــــــاهـــــرة ضخمة في سيدني، امس، رفضاً لسياسة ابوت ضد طالبي اللجوء. وقال المتحدث باسم التحالف Ian Rintoul في اتصال مع «الأخبار» إن سياسة ابوت تجاه طالبي اللجوء غير مقبولة، مؤكداً وجود أكثر من مئة لبناني في مراكز احتجاز الاشخاص الوافدين عن طريق البحر، ومشيراً الى ان الحكومة الجديدة الغت اجراءات منح تاشيرة الحماية المؤقتة، علماً ان تعهدات استراليا وفق اتفاقية حماية اللاجئين تلزمها بمنحهم تأشيرة حماية دائمة لا مؤقتة.
وكانت الحكومة الاسترالية قد ألغت عام ٢٠٠٧ مراكز تجهيز ملفات اللاجئين في جزيرة مانوس في بابوا غينيا الجديدة، للاشخاص الوافدين عن طريق البحر بدون تاشيرة دخول. وفي تموز ٢٠٠٨ اعلنت وزارة الهجرة والمواطنة التوجيهات الجديدة في سياسة الاحتجاز، بحيث باتت ترتكز على النهج القائم على قياس المخاطر الامنية. ويجري تجهيز ملفات الوافدين غير الشرعيين عن طريق البحر في اقليم جزيرة كريستمس الاسترالية. وفي نيسان ٢٠١٠ اعلنت الحكومة الاسترالية تعليق تجهيز ملفات طالبي اللجوء الجدد من الجنسيتين السريلانكية والافغانية.
وتقول مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الوافدين الى استراليا غير حائزي ترخيص يُحتجزون الزامياً ، واوصى مجلس الاعلام الاسترالي عام ٢٠٠٩ بضرورة عدم استخدام عبارة «لاجئ» اثناء الحديث عن الوافدين غير الشرعيين، الامر الذي اثار اعتراض الجماعات الداعمة لحقوق اللاجئين.
وبحسب وثائق المراجعة الدورية الشاملة لسجل استراليا في حقوق الانسان، التي اجرتها الامم المتحدة عام ٢٠١١، يتبين ان مرافق الاحتجاز في جزيرة كريستمس تضع المحتجزين في خيم معزولة، تنعدم فيها الضمانات الملائمة او الخدمات الكافية، ولا تستجيب لاحتياجات النساء والاطفال. ولا تطبق استراليا قانون الهجرة على الوافدين غير الشرعيين، ولا يمكن للاشخاص الذين ترفض طلباتهم ان يطلبوا اي مراجعة قضائية. وتدين الامم المتحدة قرار المحكمة الاسترالية العليا، التي خلصت الى ان احتجاز الاشخاص العديمي الجنسية لاجل غير مسمى اجراء شرعي.
علي الجنابي، وهو لاجئ عراقي عمل على تهريب اللاجئين الى استراليا، واحد من اشهر المهربين الذين جرى توثيق تجربتهم من خلال فيلم وكتاب روبن كربغني، الذي حاز عدة جوائز لتوثيقه حياة المهربين والاسباب التي تدفع اللاجئين الى الاعتماد عليهم للوصول الى شاطئ الامان. ولقد عمل الجانبي، المقيم حالياً في استراليا، على تهريب اللاجئين من إندونيسيا الى استراليا، وهو يقترح ان تبادر الحكومة اللاسترالية الى زيادة عد طلبات قبول اللاجئين المقيمين في اندونيسيا كحل وحيد لوقف قوارب الموت.
«عندما يشعر اللاجئ بان بقاءه في اندونسيا قد يؤدي الى قبول لجوئه على نحو شرعي الى استراليا لن يغامر بالغرق في مياه البحر، سينتظر، لكن استراليا تغلق المنافذ، وهذا لن يؤدي إلا الى زيادة عدد القوارب. مهما كثرت حوادث الموت، فالبقاء في اندونيسا حيث الفقر والجوع موت بطيء ايضاً». بحسب الجنابي.
وتطالب جمعيات حقوق الانسان بان ترفع استراليا نسبة قبول اللاجئين المقيمين في اندونسيا. ووصلت نسبة الطلبات المقبولة الى ٦٠٠ طلب عام ٢٠١٢، لكن هذا الرقم لا يمثل إلا نسبة قليلة من ٨٢٦٢ لاجئاً مسجلاً لدى مكتب مفوضية اللاجئين في اندونيسا، علماً ان ٢٠٧٨ من هؤلاء معترف بهم كلاجئين من قبل الحكومة الإندونسية.