بدءاً من الغد حتى 14 آذار (مارس)، تطلق «جمعية اللبنانية للسينما المستقلة ـ متروبوليس سينما» الدورة الأولى من «مهرجان متروبوليس للشباب» بالتعاون مع السفارة الدانماركية في لبنان. صحيح أنّ هذه التظاهرة السينمائية هي الأولى من نوعها بهذا الحجم، إلا أنّه سبقتها مبادرات أخرى من «متروبوليس» في تقديم برامج سينمائية للتلاميذ والأطفال والناشئة، مثل نادي السينما «المصباح السحري»، و«هيا إلى السينما». المهرجان يتوجه بشكل خاص للأطفال والشباب، لكن الأفلام المعروضة ليست محصورة ضمن نمط سينما الأطفال أو الأنيميشن. فقد اختار المنظمون أفلاماً عالمية، تحاكي مواضيعها عالم الطفولة ومشاكل المراهقين بخاصة في العالم العربي، وهي بقيمتها الفنية تتوجه إلى الجمهور الواسع بغض النظر عن الفئة العمري.
يأتي الفيلم الافتتاحي «موستانغ» (10/3 ــ س:80:00 ـــ 2015، 97 دقيقة) لدنيز غمزة إيرغوفان كمثال على هذا التوجه. الفيلم الذي حاز جائزة خلال عرضه في أسبوعي المخرجين ضمن «مهرجان كان السينمائي الدولي»، بالإضافة إلى نيله أربع جوائز «سيزار»، وترشيحه لجائزة أفضل فيلم أجنبي في الأوسكار (مثّلَ فرنسا)، يعدّ الباكورة الروائية الطويلة للمخرجة الفرنسية التركية. تصوّر الأخيرة حياة خمس أخوات في قرية نائية تقع في تركيا. الأخوات اليتيمات تربيهن الجدة منذ وفاة أهلهن، بالإضافة إلى الخال المحافظ والصارم الذي يلوم الجدة على تساهلها معهن. الحرية الجزئية التي تتمتع بها الفتيات اللواتي يذهبن إلى المدرسة ضمن مجتمع القرية الذكوري والمحافظ، سرعان ما يخسرنها إثر ذهابهن إلى الشاطئ برفقة شباب من المدرسة، واللعب سوية في الماء، فيتقرر إبقاؤهن في المنزل، طبعاً بعد فحص كشف العذرية الذي يخضعن له وتزويجهن الواحدة تلو الأخرى. في المنزل، هذا السجن الكبير، تعيش الفتيات في انتظار تقرير مصيرهن. يمرّ الوقت ثقيلاً، بين تفاوت الضوء والعتمة، والسور الحديدي الذي يرتفع في كل محاولة أخرى للهرب.
ثورة الياسمين مع التونسية ليلى بوزيد... ونساء غزة يتحدين الاحتلال والمجتمع مع أمبر فارس
ضمن جمالية حميمية، تصوّر المخرجة الفتيات في خلوتهن وعريهن، حيث يمرحن بحرية مركزة على تفاصيل الجسد الذي يتوق للتفاعل مع الهواء والشمس والحياة في الخارج. جسد يدخل في تناقض مع الجلد الآخر الغريب الذي فرض عليهن ارتداؤه ضمن عملية تحويلهن إلى «زوجات صالحات» مثل إجبارهن على ارتداء الفساتين الطويلة والمحتشمة بدل الجينز أو الشورت وصولاً إلى ربط شعرهن وتعليمهن المهارات المنزلية. فجأة يطلب من الفتيات أن يتقصمن دوراً يجهلنه تماماً ويعشن حياة أخرى مختلفة جذرياً. حالة فصام كلي تشابه ما يحدث في المجتمعات العربية. لعل أكثر مشهد يعبر عن ذلك، حين يأخذ الخال الفتيات في رحلة في السيارة ويذهب ليسحب المال من البنك. أثناء ذلك، تقيم إحداهن علاقة مع شاب تتعرف إليه للتو في السيارة. الأخت نفسها تنتحر فيما بعد قبل زواجها بأيام. الفيلم في ثيمته وحتى في جماليته الحميمية، يذكر بفيلم «انتحار العذارى» (1999) للمخرجة صوفيا كوبولا، ولو أنه يعبر عن خصوصية المجتمع الذي ينتمي إليه.
أيضاً من الأفلام الاستثنائية التي ستعرض بحضور المخرجة فيلم «على حلة عيني» (14/3 ــ س:20:00 ـــ 2015 ــ 102 د) للمخرجة التونسية ليلى بو زيد. فيلمها الروائي الطويل الأول حازت عنه جائزة الجمهور ضمن فعالية «أيام فينيسيا» المقامة في الدورة الـ 72 من «مهرجان البندقية السينمائي الدولي»، إلى جانب جائزة «أفضل فيلم للمهر العربي الطويل» في «مهرجان دبي السينمائي» عام 2015. تستعيد ليلى بو زيد ثورة الياسمين في تونس من خلال قصة فرح الشابة العشرينية، التي تدخل كلية الطب إرضاءً لأمها، فيما تتابع عملها في الموسيقى، شغفها الحقيقي. يتوقف كل شيء حين يقبض عليها، وتعذَّب في السجن بسبب الأغاني الثورية التي تؤديها. تشرح المخرجة في شريطها، كل آليات القمع التي مارسها النظام السابق ضد المعارضين من مثقفين وفنانين وغيرهم. ومن فلسطين، يصور الفيلم الوثائقي «أخوات السرعة» (12/ 3 ـــ س 17:30 ـــ 2015 ـــ 80 د) للمخرجة اللبنانية الكندية أمبر فارس أوّل فريق نسائي لسباق السيارات في الضفة الغربية. تصوّر المخرجة حيوات المتسابقات داخل مضمار السباق وخارجه، مشرّحةً موضوع الجندر، والسباق كوسيلة للتصدي لقيود الاحتلال والمجتمع سوية. وأيضاً من الأفلام الملفتة التي ستعرض هو فيلم «الصبا» (11/ 3 ـــ س: 20:00 ـــ 2014 ـــ 166 د) للمخرج الأميركي المستقل ريشار لينكليتر الذي صوّر على مدى 12 سنة. حاز الفيلم الحائز جائزة الدب الفضي لأفضل مخرج في «مهرجان برلين السينمائي، إلى جانب جوائز الغولدن الغلوب وترشيحه لست جوائز أوسكار. هنا، يتتبع المخرج حياة الطفل مايسن على مدى 12 سنة منذ كان طفلاً في السادسة من عمره عام 2002 حتى عام 2013 حين أصبح مراهقاً. ومن الدنمارك، نشاهد فيلم Antboy 2‬ «أنتبوي 2» (14/3 ــ س:17:30 ـــ 2014 ـــ 90 د) للمخرج آسك هاسيلبالخ الحائز جائزة أفضل فيلم للناشئين في «مهرجان روبير 2015»، إلى جانب فيلم «سوف نتغلب» (11/3 ــ س: 17:30 ــ 2006 ـ 109 د) للمخرج نيلز أردن أوبليف.
ومن الولايات المتحدة، سنشاهد الكوميديا الأميركية «مخدّر» (12/3 ــ س:20:00 ــ 2015 ــ 103 د) لريك فامويوا الذي نال جائزة الجمهور في «مهرجان دوفيل» الأميركي. ومن بلاد العم سام أيضاً، سنشاهد شريط «بالو ألتو» (13/3 ـــ س: 17:30 ــ 2013 ــ 100 د) للسينمائية الشابة جيا كوبولا التي تصوّر يوميات مراهقين يعيشيون في إحدى ضواحي كاليفورنيا الميسورة، حيث يستسلمون للأحاسيس المتطرّفة، فيختبرون الجنس والكحول والمخدرات. ومن اليابان، نشاهد «آن» (13/3 ـــ س: 20:00 ــ 2015 ــ 113 د) الذي افتتح تظاهرة «نظرة ما» في «مهرجان كان 2015». صاحبته ليست سوى نعومي كاواسي التي اشتهرت بأعماله الروائية كما الوثائقية أبرزها «الغابة الباكية». تحضر اليابان أيضاً من خلال فيلم «ترتفع الرياح» (12/3 ــ س:15:30 ــ 2013 ــ 126 د)‬ لهاياو ميازاكي الذي رشّح عن فئة أفصل فيلم تحريك في جوائز الأوسكار عام 2014. بالإضافة إلى ثلاث برامج أفلام قصيرة مخصصة للصغار، ينظم المهرجان ثلاث ورش عمل في «معهد الدراسات السمعية والبصرية – الجامعة اليسوعية الييزاف» منها ورشة عمل تعريفية بفنّ التحريك (مفتوحة للأعمار بين 8 و12 سنة )، وورشة عمل متخصّصة في فنّ تسجيل وتصميم الصوت‪ ‬(مفتوحة للأعمار ما بين 15 و18 سنة) وورشة عمل تعريفية عن فنّ الإخراج (مفتوحة للأعمار بين 12 و15 سنة). وضمن الشراكة التي تجمع بين «جمعية متروبوليس» و«مهرجان جيفّوني الدولي لأفلام الأطفال والناشئين»، يقدّم المهرجان دعوتين لشابّ أو شابّة من لبنان بين سنّ الثامنة عشر والحادي والعشرين للمشاركة في إحدى لجان تحكيم "مهرجان جيفّوني" الذي يقام في إيطاليا.

* «مهرجان متروبوليس للشباب»: بدءاً من الغد حتى 14 آذار (مارس) ـــ «متروبوليس أمبير صوفيل» (الاشرفية ــ بيروت) ـــ للاستعلام: 01/204080