القاهرة | وجد القضاء المصري مخرجاً لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، من تهمة اعتقال الرئيس المخلوع محمد مرسي، وأصدر قراراً قضائياً صبيحة يوم الجمعة، المفترض أن يكون يوم إجازة رسمية في مؤسسات الدولة، يتهم الرئيس المعزول بالتخابر الأجنبي مع حركة «حماس»، واشاعة الفوضى، وقضى بحبسه لمدة ١٥ يوماً على ذمة التحقيق، ليصبح بذلك وضع مرسي قانونياً لا غبار عليه، ويكون جواباً للمجتمع الدولي الذي يطالب بإطلاق سراحه.ورغم أن يوم الجمعة هو يوم العطلة الرئيسي لكافة مؤسسات الدولة في مصر، إلا أن ذلك لم يمنع المستشار حسن سمير، قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، من إرسال بيان صحافي خص به وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، في وقت مبكر، يتضمن قراره بحبس مرسي 15 يوماً احتياطياً على ذمة التحقيقات التي يجريها معه. وأضاف البيان، الذي حرصت الوكالة على نشره في الثامنة صباحا، إن «القرار جاء على خلفية قيام سمير بالتحقيق مع الرئيس المخلوع واستجوابه ومواجهته بالأدلة والاتهامات الموجهة إليه وآخرين بالسعي والتخابر مع حركة «حماس» للقيام بأعمال عدائية في البلاد، والهجوم على المنشآت الشرطية، والضباط والجنود واقتحام السجون المصرية وتخريب مبانيها ووضع النيران عمداً في سجن وادي النطرون وتمكين السجناء من الهرب وهروبه شخصياً من السجن وإتلاف الدفاتر والسجلات الخاصة بالسجون واقتحام أقسام الشرطة وتخريب المباني العامة والأملاك في زمن وفتنة، وقتل بعض السجناء والضباط والجنود عمداً مع سبق الإصرار، واختطاف بعض الضباط والجنود».
القرار ذكر أن الحبس جاء بعد تقديم جهات سيادية تقارير وأدلة تؤكد ثبوت بعض الاتهامات في حق الرئيس المخلوع. وشدد على أنه كلف النيابة العامة سؤال بعض الشهود واستدعاء باقي المتهمين.
وعقب إذاعة الخبر، ترددت أنباء عن نقل مرسي الى سجن طرة، المحتجز فيه الرئيس السابق حسني مبارك، تارة، والى سجن أبو زعبل، تارة أخرى، إلا أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا نفت فيه إمكان نقل مرسي إلى أى سجن من السجون التابعة لها.
قرار القاضي جاء قبل 4 أيام فقط من نشر الصحيفة الرسمية الأولى في مصر «جريدة الأهرام» على صدر صفحتها الأولى مانشيتاً عريضاً بحبس النيابة العامة للرئيس المخلوع احتياطياً لمدة 15 يوما بتهمة التخابر والتحريض على إشاعة الفوضى. وهو الخبر الذي لم يشك كثيرون في صدقيته، بما أن صحيفة بحجم «الأهرام»، لن تغامر بصدقيتها وتنشر مثل هذا الخبر مستخدمة كافة أساليب وفنون الإخراج الصحافي لإبراز الخبر، إلا أن حرص المتحدث العسكري على تكذيب الخبر، واستدعاء النيابة العامة رئيس تحرير الصحيفة للتحقيق معه بتهمة نشر خبر كاذب، دفعا المراقبين الى تفسير الأمر على أنه لا يعدو كونه جس نبض وتسليطاً للضوء على حجم الضغوط التي يتعرض لها وزير الدفاع بشأن إطلاق سراح مرسي.
إصرار الصحيفة على ما عدته سبقاً صحافياً، وتأكيدها في عدد النهار التالي صحة الخبر بقولها: «نهمس في أذن قارئنا الكريم، كن على يقين كامل وثقة بأن أهرامك أبداً لن تكذب عليك، ولن تزيف الحقائق، وستظل وفية بوعدها أن ترعى حقك في معرفة الحقيقة، سباقاً لخدمتك، ولسوف تثبت الأيام لقارئنا الكريم أن كل ما قالته الأهرام هو الحقيقة كاملة. وإن غداً لناظره قريب»، أكد في حينه على أنه جارٍ البحث عن مخرج قضائي لأمر احتجاز مرسي.
مصدر قضائي رفيع المستوى قال لـ «الأخبار» إن المستشار حسن سمير تولى التحقيق مع الرئيس المخلوع بناء على مواد قانون العقوبات والإجراءات الجنائية بوصفه مواطنا عاديا لعدم وجود قانون يحدد كيفية محاسبة رئيس الجمهورية، في مقر التحفظ عليه يوم الثلاثاء الماضي وسؤاله عن الاتهامات الموجهة إليه في عدد من البلاغات المقدمة ضده منذ شهر نيسان الماضي، التي تعمد النائب العام السابق المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين المستشار طلعت عبد الله تجميد التحقيق فيها.
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه، إنه بعد سماع أقوال مرسي طلب سمير من جهاز الأمن القومي والمخابرات تقديم ردهما على الإتهامات الموجهة إلى مرسي في ما يتعلق بالتخابر وخلافه من تهم، أبرزها التخطيط والتنفيذ لاقتحام السجون وهروب المساجين في أعقاب ثورة «يناير». ولفت الى أن «المخابرات والأمن الوطني تقدما بالرد يوم الأربعاء الماضي، وعلى مدار اليومين الماضيين درس المستشار حسن سمير المستندات التي تقدمت بها الجهتان السياديتان».
ولفت الى أن «مرسي رفض الاستعانة بمحامٍ ورفض كذلك الرد على أسئلة القاضي»، مشيراً الى أنه «بعدما تبين للمستشار جدوى البلاغات أصدر قراره بحبس مرسي، على أن ينفذ هذا القرار في نفس المكان المتحفظ عليه من قبل الجيش، وان لا يُنقل الى مقر سجن طرة أو غيره من المؤسسات العقابية، مراعاة للظروف الأمنية التي تمر بها البلاد».
بدورها، رأت جماعة الإخوان المسلمين أن قرار القاضي عبثي ويمثل عودة لنظام مبارك. وقال المتحدث باسم الجماعة جهاد الحداد «لا نأخذ الأمر بجدية على الإطلاق، وسنواصل احتجاجاتنا في الشوارع، ما يمثله هذا النظام فعلاًهو عودة دولة مبارك القديمة بقوة غاشمة»، مضيفاً إن قرار قاضي التحقيقات بحبس مرسي جرى بإيعاز من القوات المسلحة، بعد ضغوط الشارع المصري والمجتمع الدولي.
القوى المدنية المعارضة للإخوان، من جانبها، رأت أن قرار حبس مرسي هو بداية لتحقيق مطالب المتظاهرين خلال «30 يونيو». وقال أحمد فوزي، الأمين العام للحزب المصري الديموقراطي، إن الاعلان عن التحقيق مع مرسي بتهم تسبق فترة ترأسه للبلاد هو بادرة إيجابية للقضاء، مضيفا أن الاتهام لا يعني الإدانة، وكان من المفترض أن يجري هذا التحقيق مبكرا. وأشار الى أن أبرز إيجابيات القرار أنه أنهى فكرة احتجاز مرسي فى مكان غير معلوم، مطالبا بضرورة إيداع مرسي في أحد السجون العمومية، وفقا للقانون مثلما حدث مع مبارك.