فور شيوع خبر انفجار الضاحية الجنوبية أمس، استنفرت سفارات أجنبية على نحو لافت لمتابعة تفاصيله. وبالتزامن، تردد سؤال في الكواليس الدبلوماسية في بيروت عمّا إذا كان الانفجار يعني سقوط الضمانة الغربية ــــ الأميركية التي تجسّدت سابقاً بصيغة تحذير للمعارضة السورية ورعاتها بعدم تنفيذ عمليات أمنية وعسكرية داخل لبنان، أو أن طرفاً ثالثاً دخل على الخط لخلط الأوراق أمنياً وسياسياً في لبنان.
وأكدت مصادر دبلوماسية أنه الى ما قبل انفجار أمس، كان التوقع الغالب دولياً أن لبنان تجاوز الغمامة الامنية التي خيّمت فوق سمائه خلال الشهرين الماضيين، وأن كلاً من مساعد وزير الخارجية الاميركي لاري سيلفرمان ونائب وزير الدفاع ديريك شوليه المقرّب من وجهة نظر الرئيس الأميركي باراك أوباما، نجحا في تقديم إيضاح حاسم لقوى لبنانية وللمعارضة السورية، ورعاتها الإقليميين، عمّا هو مطلوب أميركياً في لبنان على المستويين الامني والسياسي.
وكان شوليه نقل مضمون التحذير الى لبنان عبر قناة دبلوماسية معتمدة، وجاء فيه أيضاً «إنه رغم أن واشنطن تعتبر أن تدخّل حزب الله عسكرياً في سوريا شكّل تعقيداً كبيراً لموقف الادارة الاميركية، وعقّد مسار عقد مؤتمر جنيف 2، إلا أنها نبّهت المعارضة السورية ورعاتها إلى ضرورة احترام أمن لبنان».
ومن جهته، تكفّل سيلفرمان عبر اتصالاته الدبلوماسية مع الجهات المعنية بتحديد الجانب السياسي من الموقف الأميركي، وذلك عبر رسم خارطة طريق لكيفية تعامل حلفاء واشنطن في لبنان مع حزب الله في مرحلة ما بعد القصير. ونقل تقرير دبلوماسي عنه في هذا الخصوص قوله «إن واشنطن طلبت من حلفائها عبر العالم القيام بعملية انقضاض سياسي على الحزب».
وكان مخططاً، بحسب هذه المصادر، أن يلي إعلان الاتحاد الاوروبي وضع حزب الله على لائحة الإرهاب، اتخاذ مجلس التعاون الخليجي قراراً مشابهاً، ما يساعد السعودية على المضي قدماً في تطبيقات الشعار الأميركي «الانقضاض السياسي على حزب الله»، وذلك عبر تشديد المطالبة بعزل الحزب وتشكيل حكومة من دونه. غير أن سقوط مشروع إدراج حزب الله على لائحة الإرهاب في الاتحاد الاوروبي جعل مجلس التعاون الخليجي يتراجع عن السير قدماً فيه.

قراءة ردود الفعل

وكشفت المصادر أن انفجار الضاحية يضع كل معادلة سيلفرمان ـــ شوليه، المعبّرة عن موقف البيت الابيض، أمام امتحان استمرار صلاحيتها. ورأت أن من المهم، في الساعات المقبلة، متابعة تعليق الجهات الرسمية الاميركية وبعض الدول العربية، خصوصاً السعودية، على الانفجار. ففي حال اختارت لغة الصمت في التعامل معه أو إدانة مشروطة بنقد حزب الله، فسيكون ذلك مؤشراً الى «حصول تغيير في معادلة التعامل مع الأمن في لبنان، وضمنه أساسا مع حزب الله في لبنان، كما صاغتها واشنطن أخيراً». ورغم أن موقف السفيرة الأميركية مورا كونيللي كان حاسماً في إدانة التفجير، بقي الصمت السعودي مدوّياً حتى ما بعد ساعات على حصول الانفجار.
وتخشى المصادر من أن يضع تفجير الضاحية المرحلة السياسية الراهنة في لبنان أمام سؤال أساس: هل سقطت الضمانة الامنية الاميركية للبنان نتيجة مراجعة أميركية لها، أم ان جهات راعية للمعارضة السورية قررت عدم الالتزام بها؟ لكن يبقى وارداً احتمال أن تكون وراء الانفجار قوى إرهابية صغيرة متفلتة من عقال ضبط الرعاة الكبار للمعارضة السورية، إضافة إلى إمكان دخول طرف ثالث على الخط له مصلحة في خلط الأوراق الأمنية والسياسية في لبنان.