القاهرة | رغم الإخراج الكوميدي لطلبات الرئيس المعزول محمد مرسي، غير أن كلماته القليلة تحمل الكثير من الرسائل التحذيرية، التي تنبئ بجحيم ينتظر المصريين، الذين رفضوا حكم جماعة الإخوان المسلمين، قيادة وتنظيماً. الرئيس المعزول، الذي انتابته موجه ضحك هستيرية فور إبلاغه بالتحفظ عليه عقب تسليم قوات الحرس الجمهوري لشخصه الى المخابرات الحربية، وإيداعه في أحد الاماكن التابعة لها، انهمك بعدها في الكتابة وملء عشرات الصفحات البيضاء، مع المواظبة على قراءة القرآن وبضعة من الأحاديث والأدعية التي يردّدها. وبحسب مصادر عسكرية، فإن مرسي «يعتبر نفسه في رحلة استجمام ويدرك أنه عائد الى منصبه قريباً ويتعامل مع طاقم الحراسة على اعتبار أنه الرئيس وغير مقتنع بثورة المصريين عليه وعلى جماعته». أولى طلبات مرسي التي أدهشت الجميع كانت «وجبة من ثمار البحر تحوي كل أنواع الأسماك، وتوفير كوب من الشاي الأخضر عقب الانتهاء من تناول غذائه المعدّ خصيصاً له»، وهو ما جرى تلبيته فوراً له. بعدها طلب المعزول قائمة من الطلبات الأخرى غالبيتها مشروبات تشمل «الكركدية، عصير الليمون بالنعناع، وبعض الحلويات منها كعكة حلوى (غاتوه)»، وكأنه منعزل فعلياً عما يجري في الشارع المصري.
وربما يكون انعدام شعوره بالمسؤولية نابعاً من قلق غير معلن انعكس سلباً على طلباته الملحة على الوجبات الساخنة غير المتوقعة، مدّعياً أنه يرغب الالتزام بتعليمات الأطباء له، والتي كان آخرها تحضير «فتة»، كطبق أساسي يتناوله في أولى أيام الشهر رمضان الكريم.
ورغم المعاملة الحسنة التي يُلاقيها الرئيس من طاقم الحراسة، غير أنهم يتعرضون بين الحين والآخر لبعض الاستفزازات، التي يتعمد توجيهها لهم، والتي تتضمن الحديث عن الجيش بشكل غير لائق.
وتقول مصادر «الأخبار» إن «المعزول يلتزم أداء صلاة الفجر يومياً، لكنه يوم الاشتباكات عند القصر الجمهوري قال: جند الله مسخرون في الأرض للدفاع عن الشرعية والشريعة»، الى جانب متابعته المستمرة لقناة «الجزيرة»، لدرجة أنه انفعل بشدّة وقال: «الجيش المصري بيتصرف مثل (الرئيس السوري) بشار (الأسد)، ولكن هذا جزاء طبيعي لكل من يخرج عن القائد الأعلى للقوات المسلحة».
وتضيف المصادر أن «مرسي اعتبر أن ما يفعله الجيش المصري هو بغرض وصوله الى السلطة، مردّداً: حسبي الله ونعمه الوكيل». وعن سقوط قتلى في الاشتباكات أمام دار الحرس الجمهوري، قال مرسي، وفقاً للمصادر، «استشهدوا لأجل أن يعزهم الله»، معتبراً أن وفاتهم ليس فوضى، لكنه دفاع عن الشرعية التي تتجسد في شخصه، وظل يردّد «النصر قادم لا محالة».
مرسي أكّد مراراً أنّه لن يقبل بالتفاوض مع قائد القوات المسلحة عبدالفتاح السيسي، معتبراً أن ما يحدث بالشارع المصري مجرد فوضى خلفها الجيش بسبب سوء تصرفاته. وقال موجهاً حديثه لطاقم الحراسة «يا أنا أو الفوضى»، مضيفاً «سأرجع رئيساً لمصر قريباً، وسأحاكم الجميع بتهم الخيانة العظمى للوطن وللرئيس».
ما يزيد من حيرة طاقم الحراسة هو تأكيد الرئيس المعزول لعائلته التي يحادثها ثلاث مرات يومياً أنه سيعود للحكم، مع طمأنتهم مراراً بأن صحته جيدة، معتبراً أن القوى العظمى ستساعده للخروج مما اعتبره محنة ربانية.
وتؤكد المصادر أن الرئيس السابق تعمد رفع صوته في أحاديثه، قائلاً: «عشان لو بتسجلوا»، في محاولة لشد انتباه طاقم الحراسة، ثم استطرد: «يمكنني التغاضي عن حاجات كتير فقط، أخرجوني من هنا وسأقوم بتهدئة أنصاري، ثم التزم بوضع الجلوس طيلة خمس ساعات متواصلة، مؤكداً أنّه «سيصلي لأجل أن يحمى الله جنوده في الأرض».