غزة | في الوقت الذي يحتفل فيه صحافيّو العالم بعيدهم، يعيش الصحافي الفلسطيني ظروفاً استثنائية صعبة بفعل ممارسات الاحتلال الاسرائيلي وحكومتي «فتح» و«حماس» في الضفة وغزة على حدّ سواء.
على خلاف ما يكفله القانون الدولي من حماية للإعلاميين خلال تأدية واجبهم أينما وجدوا، يتعرض الصحافي الفلسطيني في الضفة وغزة لألوان من الممارسات القمعية الممنهجة، خصوصاً من قبل الجيش الاسرائيلي الذي يحتل الضفة الغربية ويحكم حصاراً مطبقاً على قطاع غزة.
بدورهما، تمارس حكومتا غزة والضفة ضروباً مختلفة من القمع للحريات الصحافية، لكن تبقى تلك الممارسات ثانوية مقارنةً بما يقترفه الاحتلال وجنوده ومستوطنوه الذين يتعرضون للصحافيين بالضرب والإهانة في كل مناسبة. الجنود الاسرائيليون والمستوطنون ينظرون إلى الصحافي الفلسطيني بوصفه عدوهم الأوّل، خصوصاً أنّه يقوم بتوثيق انتهاكاتهم وجرائمهم بحق المواطنين العزل. نجاح الطواقم الإعلامية في فضح جرائم الاحتلال وكشفها أمام العالم دفع سلطات الاحتلال الى إخراس صوتها وكسر قلمها عبر مخطط ممنهج.
وبدا هذا جلياً في تقرير «المركز الفلسطيني للحريات الإعلامية» (مدى) الذي عرض انتهاكات جيش الاحتلال بحق الصحافيين لعام 2012.
وأوضح أنّ ثلاثة صحافيين قتلوا بنيران إسرائيلية خلال العدوان الأخير على قطاع غزة في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، إضافة الى ارتكاب قوات الاحتلال 164 انتهاكاً تنوعت بين ضرب واعتقال وسجن ومنع من السفر ومن التغطية الصحافية الميدانية.
وأضاف التقرير أنّ جهات فلسطينية مختلفة في الضفة الغربية وقطاع غزة ارتكبت أيضاً 74 انتهاكاً بحق الصحافيين، تنوعت بين اعتقال وسجن وضرب ومنع من العمل الإعلامي وإغلاق مؤسسات إعلامية ومنع من السفر.
فتحي صباح، مدير «المعهد الفلسطيني للاتصال والتنمية» الذي يُعنى بالصحافيين يقول لـ«الأخبار» إنّ الصحافي الفلسطيني أصبح مطارداً من قبل الجيش الاسرائيلي وأجهزة الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنّ «أخطر ما يتعرض له الصحافي هو القتل على أيدي جنود الجيش الاسرائيلي، وهو ما بدا واضحاً خلال الحربين الاخيرتين على قطاع غزة، حيث قتل العديد من الصحافيين، إما عن طريق الاستهداف المباشر لهم أثناء التغطية أو من خلال قصف مكاتبهم».
وأوضح صباح أنه لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع وتيرة قمع الحريات الصحافيات في الضفة الغربية التي تحميها السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس.
وقال إنّ «هناك مضايقات كبيرة طالت المدونين أيضاً، كما تعرض صحافيون للمحاكمة. وهناك اعتداءات بالضرب عليهم، خصوصاً أثناء تغطية التظاهرات المناهضة لسياسات الحكومة، وقد وصل الأمر الى التهديد
بالقتل».
وعن قطاع غزة، يقول صباح إنّ «الأمر لا يختلف كثيراً عن الضفة. هناك تهديدات وتضييق ومنع من السفر، واعتداءات عليهم أثناء التغطية الميدانية». لكنه يشير الى أن أخطر ما يواجهه صحافيو غزة «هو مشروع قانون الصحافة التي تنوي الحكومة في غزة عرضه على المجلس التشريعي للتصويت عليه».
وقال إن هذا المشروع مرفوض تماماً لأنه لا يجوز تشريع قوانين في ظل الانقسام، لأنّه يعمّق هذا الانقسام. كما أنّ هذا القانون سيطبق في قطاع غزة فقط وليس في
الضفة».
ورأى أنّ «هذا القانون خطير جداً، إذ يتضمن عقوبات بالحبس والغرامة أو الاثنتين معاً، ما يشكل تضييقاً خطيراً على حرية الرأي والتعبير».
وأوضح صباح أنّ الصحافي ليس بحاجة إلى قانون للإعلام في ظل الانقسام، مضيفاً «أخذنا على عاتقنا أن نناقش مع زملائنا في غزة والضفة والخارج مسودة قانون يعدها الصحافيون أنفسهم وليس أي جهة
حكومية».
وأكد صباح أنّ «قانون «حماس» الجديد ذو طابع أمني بحت وليس إعلامياًَ.