تونس | أحرق متظاهرون خلال اليومين الماضيين العلم القطري، في كل من تونس العاصمة ومدينة صفاقس ثاني المدن التونسية، العاصمة الاقتصادية للبلاد، وسط هتافات ضد الحكومة وضد الهيمنة القطرية على دول «الربيع العربي».
وشجب المتظاهرون ما يجري في سوريا من تمويل قطري وتورط تونسي من خلال شبكات تجنيد الشبان التونسيين، بل حتى الفتيات ضمن ما يسمى جهاد المناكحة.
الاحتقان التونسي ضد قطر جاء على خلفية اتهامات لحركة النهضة المهيمنة على الائتلاف الحاكم والرئيس محمد المنصف المرزوقي، الذي توعد «المتطاولين على قطر بأقسى العقاب».
وقد أثار هذا التصريح ردود فعل غاضبة وصلت الى حد إعلان صفحات على شبكة الفايس بوك عن تنظيم «حملة وطنية للتطاول على قطر»، شارك فيها الآلاف. يُضاف الى ذلك اتهام حزب الوطنيين الديموقراطيين الموحد قطر بالوقوف وراء اغتيال زعيمه شكري بلعيد، وهو ما نفته السفارة القطرية في تونس.
التظاهرة الحاشدة التي جابت وسط العاصمة، أول من أمس، طالبت بفتح السفارة السورية في تونس والتحذير من منحها لائتلاف المعارضة السورية. كما طالب المتظاهرون بعودة الروح للعلاقات السورية التونسية والكف عن دعم الإرهابيين القتلة الذين يقتلون الأبرياء في سوريا باسم الجهاد. ومن بين الشعارات التي رفعها المتظاهرون «يا حكومة عار عار... بعت سوريا بالدولار» و«الشعب يريد إرجاع السفير السوري» و«لا نريد ربيعكم الوهمي».
وكانت التظاهرة بدعوة من التنسيقية الوطنية لدعم سوريا، حيث رفعت أعلام سوريا وتونس وحزب الله.
عميد المحامين الأسبق البشير الصيد، رئيس حركة «مرابطون» الناصرية تحدث في الحشود، فدان المؤامرة القطرية التركية الأميركية على سوريا، واعتبر أن الهدف الأساسي لهذه الحملة التي تساهم فيها بعض الأنظمة العربية بالوكالة، مثل النظام التونسي، هو تصفية المقاومة وخدمة البرنامج الإسرائيلي.
وهو التوجه نفسه الذي أكده رئيس الجمعية التونسية لمقاومة التطبيع أحمد الكحلاوي، حيث قرأ أن هذه التظاهرة هي تأكيد على رفض التونسيين لذبح سوريا ومن ورائها المقاومة.
بدوره، طالب المتحدث الرسمي باسم حركة النضال الوطني، حاتم الفقيه، بمساندة سوريا شعباً ونظاماً ضد المؤامرة التي خرّبت هذا البلد.
هذا التجاذب في الشارع التونسي ردت عليه الحكومة ببيان أصدرته وزارة الخارجية استنكرت فيه الحملة على دولة شقيقة، رأى البيان أن العلاقات معها وطيدة.
أما حركة النهضة، فقد أصدرت بياناً نددت فيه بالحملة على قطر، وقالت إن وراءها أطرافاً سياسية من بقايا النظام السابق. واعتبرت أن هذه الحملة تستهدف تجفيف منابع دعم ثورات الربيع العربي باعتبار الدعم القطري لتونس.
ولم يعرف الشارع التونسي في تاريخه غضباً شعبياً عارماً على دولة كما يعرفه منذ أشهر ضد قطر. ويعود سبب هذا الاحتقان الى الدعم القطري لحركة النهضة، إذ أكدت تسريبات صحافية فرنسية أن أمير قطر حمد بن خليفة، منح زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، مبلغاً مالياً ضخماً لتغطية مصاريف الانتخابات التي فازت بها الحركة بأكبر عدد من المقاعد.
وفي محاولة لطمأنة التونسيين وامتصاص الغضب الشعبي المتنامي بسبب نزف الشبان التونسيين في سوريا، تحت مظلة «الجهاد»، أعلنت وزارة الخارجية أنه لا صحة لما يتم تداوله عن اعتزام تونس تسليم السفارة السورية لائتلاف المعارضة.